سوق الحمزات بالسويداء… ذاكرة تعود لأكثر من مئة عام
البعث الأسبوعية – رفعت الديك
يعتبر سوق الحمزات من أقدم أسواق السويداء وبقي محافظاً على شكله التراثي ورغم النهضة العمرانية والتجارية المحيطة مازال مقصداً للمتسوقين الذين يجدون في محلاته ذات الصبغة التاريخية والتراثية نوعية خاصة من البضائع وقد حقق شهرة واسعة ودخلت بضاعته معظم البيوت حيث تجد فيه ما كان يتداوله الأجداد منذ بدايات القرن الماضي .
ويقع سوق الحمزات في نهاية ساحة الفخار من الجنوب، ويحده من الشرق شارع الاتحاد، ومن الشمال محال الأقمشة وصياغ الذهب، ومن الغرب سوق القمح الذي يعد امتداداً له، ويعد من أقدم الأسواق في مدينة السويداء، تأسس في بداية القرن العشرين، ويتفرد ببيع مواد العطارة، والبهارات والاعشاب الطبيعية، والطبية والبذور الزراعية، ولوازم الخياطة والحياكة والتطريز.
صله وصل
يشكل السوق صلة الوصل بين الماضي والحاضر وارتبط بذاكرة المحافظة حيث بقي محافظاً على شكله الذي انطلق منه ورغم كثرة الأسواق وتنوعها إلا أنه استطاع أن يبقى محطة لا يمكن تجاوزها لزائر مدينة السويداء
يقول بسام حمزة وهو احد أصحاب المحلات أن اسم السوق يعود إلى الشيخ محمود حمزة و أقاربه مهنا، وحسين، وعبد الكريم، حيث عرف عنه اهتمام واضحاً في معرفة أنواع الأعشاب الطبية وكيفية استخدامها ولماذا، وساعده في ذلك أيضاً صلته ببعض العطارين في مدينة دمشق، ونظراً لعدم وجود محل عطارة حينها في المحافظة، فبنى أول محل في السوق عام 1905، ولكن العمل الفعلي بدأ عام 1915، وكان المحل إضافة إلى المحال المجاورة تبيع أغلب المواد الغذائية إضافة إلى العطارة، لكن التخصص بالعطارة بدأ في عام 1945. حيث بدأ يشتري الأعشاب الطبية التي تزرع في المحافظة، والتي تجمع في موسمها ليتم تخزينها وبيعها فيما بعد، إضافة إلى شراء بقية الأعشاب والبهارات من دمشق حلب.
وبين حمزة ان هذه الفكرة حينها لاقت قبولاً ومحبة من أهالي المحافظة لأنها وفرت عليهم الكثير من العناء سواء من ناحية السفر أو معرفة نوع العشبة التي يريدونها كدواء، وبعد عشر سنوات في عام 1955، توسع السوق حتى وصلت المحال إلى سبعة محال، واستمر الحال على ذلك حتى كبر الأبناء والأحفاد الذين بدؤوا يتوارثون المهنة. حتى أصبح لدينا اليوم تسعة محال على جانبي السوق الذي يعرف بسوق الحمزات.
ويتابع بسام حمزة وهو صاحب محل أيضا الشرح عن السوق فيقول أن السوق كان عبارة عن محليين لمهنا حمزة وحسين حمزة ، واحتوى هذين المحلين على جميع متطلبات المنزل اليومية وإكسابهم تنوع أصنافهم شهرة في المحافظة وتفرغ عن هذين المحليين عدة محلات لأولاد مهنا وحسين حمزة.
و اللافت في السوق تعليم العاملين فيه مهنة العطارة والتي تعبر بالنسبة لرواد وهو احد أحد العاملين بهذه المهنة, أنها سهلة وصعبة في نفس الوقت، وسرها يكمن في معرفة العطار لكل أنواع الأعشاب وفي أي منحى يجب استخدامها سواء طبياً أو غذائياً، وخاصة معرفة المقادير المطلوبة لأن ما ينفع قليله قد يضر كثيره، وأنا قد جلست مع والدي مدة عشر سنوات قبل أن أتولى البيع بنفسي، وخاصة أنه في بعض الأحيان يأتي إليك من يسأل عن أعشاب قد لا يعرف اسمها، وعندما يشرح لي حاله فأقوم بإعطائه العشبة المناسبة وتحديد المقدار الذي يجب أن يتناوله.
سوق متنوع
يحوي السوق على أصناف كثيرة من البهارات والعطورات والبذور الزراعية والقطن والصوف والأدوية والخرداوات وأدوات الخياطة والسمون والزيوت وكل ما تطلبه الأسرة ، والسوق طابعاً خاصاً رغم تجاوزه العشرين محلاً ويحتفظ السوق بهيئته القديمة من حيث البناء وتصنيف البضاعة ونوعيتها.
وتروي أم سامر المرأة الستينية التي صادفناها في السوق انها منذ صغرها كانت تأتي بصبحة أهلها واقاريها الي هذا السوق لقضاء معظم الحاجيات حيث يتميز هذا السوق يتوفر كافة المواد التي يحتاجها المنزل من خاصة التوابل والبهارات والأدوات المنزلية وهذا يوفر عناء التنقل بين الأسواق
وتقول ام سامر ان سوق الحمزات مرتبط بذاكرة المدينة فهو واحد اهم الاماكن التي مازالت محافظة على بنيتها رغم التطورات الحاصلة.
وتتابع هاجر التي دخلت على الحديث ان سوق الحمزات من الاسوق الشعبية الهامة التي يجد فيها الإنسان كل مايحتاجه بأسعار مناسبة وربة المنزل تأتي إلى هذا المكان لتوفر كل المستلزمات والحاجيات وما يميز هذا السوق هو التراث القديم الذي يعيدنا إلى التاريخ القديم وما كان يستخدمه أهلنا قديماً.
نقطة علام
يتميز هذا السوق بالصناعة اليدوية وبمواصفات عالية جداً وهذا ما أعطاه شهرة ،من أنواع البضاعة الموجودة فيه زيوت طبية المعالجات الطبية، قطع نادرة الوجود مثل الطربوش التراثي ،أنواع من الحلويات التقليدية القديمة التي ما زلنا محافظين عليها حتى اليوم بأفضل المواصفات
يقول التاجر مروان مهنا أن السوق تراثي قديم جداً وهو نقطة علام في المحافظة ويتميز بوجود عدة أصناف لا توجد إلا فيه تقريباً ومعروف لدى الجميع أنه متنوع الأصناف وهو بالمختصر عبارة عن مجموعة تجار حافظوا على تراث أجدادهم وأهلهم واستمروا في نفس النهج.