اقتصادصحيفة البعث

غرامات وضرائب “بالجملة” على المواطن.. وقطاع الأعمال “يلهو” بالمخالفة والتهرب

دمشق – ريم ربيع

لم يكن لقرارات محافظة دمشق بتشديد الغرامات على أكثر من 100 مخالفة، وإصدار رسوم مالية جديدة تشمل 19 مطرحاً ضريبياً، سوى أن قلبت مواجع المواطن المستنزف مالياً حتى القرش الأخير، حيث أثار توقيت القرار استياءً كبيراً، عبّر عنه البعض بالسخرية من بعض الغرامات التي تكاد تفرض على “شمة الهوا”، في وقت “يلهو” كبار رجال الأعمال بمخالفات في منشآتهم وفي كل المحافظات “لا تنزل بميزان ولا بقبان”، ويتهربون في الوقت ذاته من دفع أي ضريبة أو مخالفة!.

وأمام تساؤلات عديدة عن توقيت اتخاذ هذه القرارات، أوضح عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب زهير تيناوي أن رفع الرسوم جاء نتيجة تعديل القانون المالي للإدارة المحلية الذي صدر منذ أكثر من شهرين، وعلى إثره عُدّلت الرسوم في كافة المحافظات وليس فقط دمشق، فما كان يستوفى سابقاً لم يعد يتناسب مع التضخم الحاصل، موضحاً: “لست مع فرض رسوم جديدة أو رفع غرامات، لكن تعديل القانون ورفع قيمة المبالغ المستوفاة كان أمراً لا بد منه”.

مخالفات “فاجرة”

وبيّن تيناوي أن أية رسوم تستوفى من المواطن مهما كانت شريحته يجب أن تنعكس بخدمات تقدم من قبل الوحدات الإدارية والبلديات، من تزفيت وأرصفة وإنارة وتنظيم حدائق، وهو ما يعتبره المواطن “الامتحان الفعلي” بعد أن أصبح ضحية الغرامات حتى لو “تنفس” في الطريق!، فالخدمات التي تقدّمها أغلب المجالس المحلية لم تكن يوماً بالرداءة التي وصلت إليها الحال الآن، ولا يقتصر الواقع السيئ على الأرياف وحسب، بل حتى المدن وفي مقدمتها دمشق “الواجهة” باتت خدماتها بالحضيض، والمخالفات والتجاوزات أصبحت “أكثر فجوراً” من أن تسترها عقوبة.

جباية

“لزوم” رفع الرسوم والضرائب والغرامات في المجالس المحلية  أثار لدى البعض الدافع للمقارنة بينها وبين بقية الضرائب المالية التي أصبح التهرب منها “شطارة” و”حربقة”، ففيما يلزم المواطنون بدفع كل ما يترتب عليهم من رسوم وضرائب مقابل خدمات لا يحصلون حتى على فتاتها، يتهرّب من الجانب الآخر المكلفون ضريبياً الذين تشكّل ضرائبهم فرقاً حقيقياً في موارد الدولة.

وهنا أكد تيناوي أنه لابد من إعادة النظر بقانون الضريبة رقم 24 كونه لم يعد يتناسب مع المرحلة الحالية والأنشطة والفعاليات التجارية، وذلك لغياب الضوابط للمتهرب ضريبياً، كما أن الشرائح التي تفرض على المكلفين غير عادلة، مشيراً إلى وجود تراكم في إنجاز التكاليف الضريبية من قبل الدوائر المالية بكافة المحافظات، وعدد كبير من المكلفين الذين لم يؤدوا ضرائبهم بشكل دقيق، وعدد من المتهربين الذين لا يقدّمون رقم الأعمال الصحيح.

جدية “مستحدثة”

ورأى تيناوي أنه وللمرة الأولى هناك خطوات جادة اتخذت من وزارة المالية لتعديل القانون ومعالجة التهرب، وذلك عن طريق الدفع الإلكتروني والأتمتة والبرامج المرتبطة بالدوائر المالية لتراقب من خلالها رقم الأعمال بالنسبة للمكلفين، آملاً أن تطبق هذه الآلية بعدالة على الجميع، فمن الضروري وضع ضوابط شديدة لتحصيل الضرائب المتراكمة.

ولفت عضو مجلس الشعب إلى أن اللجنة التي شكّلت لتعديل القانون منذ عام تقريباً لم ترفع أعمالها بعد للاطلاع على المشروع المطروح، إذ لا يزال قيد “الأخذ والرد”، لكن من خلال قراءة أولية لمسودة المشروع تبيّن وجود تفهم واضح من الدوائر المالية لملاحقة كلّ من يحاول التهرب، معتبراً أن هناك حلقات كثيرة ساهمت بنشر التهرب، لكن لم نصل لما نحن عليه إلا من خلال إدارة فاسدة شارك فيها المكلف مع المراقب في الدائرة المالية.