مجلة البعث الأسبوعية

بعد ركود وترهل لسنوات .. السياحة تعود من بوابتها “الشعبية ” وتعويل على المشاريع المستقبلية الواعدة!

البعث الأسبوعية – نجوى عيدة

لم ترحم سنين الحرب ومفرزاتها القطاع السياحي الذي عاش حالة من الكسل والتراخي,  إذا إن الترهل الذي أحاط السياحة لفترة من الزمن ليست بالقليلة , لم يترك مجالا للدفاع عنها وحتى مداراتها , فحال الفنادق وكافة المنشآت السياحية في وضع يرثى له!.

مؤخراً استفاقت “السياحة” على ضرورة إنعاش السياحة الداخلية والتمسك بـ”نمط” السياحة الدينية عل ّ هذا القطاع الذي كان يمثل أكبر رافد لخزينة الدولة, يرمم جزءاً بسيطاً من خسارة الاقتصاد الوطني  ويعود بوجه مشرق يعوض فيه عن الشحوب الذي اعتلى سياحة البلد خلال سنين الحرب الإرهابية , فكانت الخطوة الأولى بالتركيز على السياحة الشعبية .

بداية موفقة

نعلم جميعا أن المواطن السوري كان لوقت ليس بالقصير لا يستطيع القيام بزيارة للساحل بسبب ارتفاع الأسعار الذي كان يدفع من يعشق البحر لافتراش الرمال والقيام بخدمة ذاتية , غير أن وزارة السياحة بعد أن وجهت بوصلتها نحو الداخل تغير الوضع فمعاون وزير السياحة نضال ماشفج وفي حديثه لـ”البعث” أكد على أن السياحة الداخلية أحد أهم مفاصل  عمل الوزارة وتعمل عليها بشكل مكثف, حيث تم التركيز على هذا النوع خلال الحرب وبعدها , حيث باتت اليوم الشغل الشاغل للمعنين في “السياحة” ومن هنا جاء تفويض الوزارة بمتابعة هذا الموضوع من خلال الفريق الحكومي وتوجهاته ومصروفات العمل التنفيذي , موضحاً أنه تم التدخل بشكل إيجابي بعدة مواقع عبر الشركة السورية للنقل والسياحة  لدعم هذا النوع من السياحة , ومن نتائج هذا التعاون إحداث عدة مقاصد للسياحة الداخلية والشعبية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المشاريع التي تم افتتاحها غير ربحية وهامش الربح فيها بسيط جداً, والبداية كانت بتوسيع مشروع ( الأكواخ الخشبية )  بوادي قنديل في اللاذقية ومسبح الشعب , وتنفيذ مشروع شاطئ الكرنك في طرطوس ومشروع منتزه الجولان السياحي على  سد المنطرة في القنيطرة وموقع في منطقة أبو عفصة بمحافظة طرطوس  مع وجود نيّة لإنجاز مشروع كبير في بحيرة زرزر, وبين ماشفج أنه يتم حاليا تطوير مشروع الكرنك في طرطوس بسبب النجاح الذي حظي به, حيث تمكنت الوزارة  من تأمين زيارات  إلى الساحل السوري وتقديم الخدمات بالحد الأدنى والمقبول وبسعر رمزي حيث بلغت زيارة الشاطئ  العام الفائت 500 ليرة مع إمكانية استخدام كافة الاحتياجات الضرورية للمواطن , وتسعى الوزارة لتطوير أماكن الزيارات في الشاطئ  على أن يتم إحداث شاطئ إضافي سيقدم كافة الخدمات تحت اسم السياحة الشعبية , ليعود معاون الوزير ويؤكد أن المشاريع المذكورة جميعها غير ربحية, وأومئ بذات الوقت للوحدات الإدارية ومجالس المدن التي تملك أراض ومساحات من العقارات إلى أنها من الممكن أن تساهم بخلق متنفسات للسياحة الشعبية عبر عقود و اتفاقيات مع وزارة السياحة أو غيرها .

النمط الديني

معاون وزير السياحة لم يحبذ مصطلح السياحة الدينية المكرر دوما على الألسن ويبدو أن إطلاق صفة “نمط” على هذا النوع  هو الأفضل بعرف من يدير دفة الزيارة بقصد البحث والتعرف وغيرها, فكلمة سياحة دينية تقزم بحسب ماشفج الجهود ,وهذا “النمط”  يكون لزيارة العتبات المقدسة , وتقوم الوزارة بتقديم كافة الخدمات للسياح اللوجستية منذ لحظة الوصول إلى المغادرة  , أما الجنسيات التي تدخل البلد لهذه الغاية فهي بحسب المعاون محددة تهتم بهذا النوع من السياحة كإيران والعراق وباكتسان والبحرين والكويت وعمان , مشيرا إلى السياحة الثقافية  التي عاودت نشاطها بشكل كبير جدا من خلال الطلبات التي تأتي من مكاتب السياحة والسفر أيضا نمط مهم  للغاية  ومبشر , وقبل حديثنا مع ماشفج  كنا نعتقد كما الجميع  أن الحدود  كانت مغلقة خلال فترة الحرب القاسية, غير أنه  دحض هذه الفكرة عبر تأكيده أن حدودنا كانت مفتوحة أمام جميع السواح إلا أنها أغلقت بسبب كورونا والتخوف من دخول هذا البلاء إلى الداخل  مؤكدا على عودة الوضع لما قبل كوفيد 19 وفتح المنافذ بعد أخذ كافة الاحتياطات.

أرقام مبشرة

وفيما يتعلق بحركة الدخول خلال العامين الماضيين , فقد استبشر ماشفج خيراً بالأرقام التي تسجل ازدياداً  سواء بالعدد أو بالعائدين أي ممن زار سورية وعاد مرة أخرى بعد أن لمس الأمن والأمان , إذ بلغ عدد من دخل بقصد زيارة العتبات الدينية حتى نهاية الشهر الثاني حوالي 15 ألف زائر وهو عدد قابل للزيادة دائما,  في وقت بلغ عدد القادمين إلى سورية من العرب والأجانب خلال عام 2021 نحو500 ألف قادم فيما وصل عدد نزلاء الفنادق إلى 900 ألف نزيل للعرب والأجانب والسوريين أمضوا حوالي 2 مليون ليلة فندقية , بناءا على ذلك حققت الفنادق العائدة بملكيتها لوزارة السياحة (داما روز – شيراتون دمشق- شهبا حلب – منتجع لاميرا) منذ بداية عام 2021 حتى نهاية تشرين الثاني 33 مليار ليرة , وأرباح إجمالية تقدر بـ14 مليار و700 مليون ليرة , وقد بلغ إجمالي أرباح الشركة السورية للنقل والسياحة حتى تاريخ 30/ 9/2021 ما يقارب 3 مليار ليرة منها 6 ونصف مليار ليرة عائدات مباشرة و 5 ونصف غير مباشرة من الضرائب والرسوم .

تكلفة واستمرارية

وعند الحديث عن حركة الفنادق لا بد من التطرق للصعوبات التي تعترض سير تقديم الخدمات بسبب ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين المازوت وهنا أكد معاون الوزير على أنها مكلفة جدا وهي في عملية زيادة مستمرة , موضحاً أن هناك تكلفة مباشرة تتعلق بثمن المواد الأولية وغير مباشرة ترتبط بحوامل الطاقة واليد العاملة والضرائب وعندما تزيد الأولى ترتفع الثانية بشكل تلقائي , ورغم ذلك نوه إلى أن الخدمة المقدمة في فنادق الوزارة والمنشآت السياحية الحاصلة على الترخيص منها من غير المسموح التنازل عنها لأن الغاية هي الجودة , والرقابة والمتابعة عبارة عن أدوات.

في المرحلة القادمة

أما مشاريع “السياحة”  للفترة القادمة فهي على ما يبدو كبيرة وكثير لكن دوما العبرة في النتائج, وتعمل الوزارة حاليا -بحسب المعاون-  على إنجاز خطة عمل القطاع السياحي 2019-2030 التي تتضمن زيادة الطاقة الاستيعابية للأسرة وكراسي الإطعام وفرص العمل من خلال توسيع دائرة العمل والتنوع في المنتج السياحي, إلى جانب التركيز على مشاريع السياحة الشعبية وتطوير البنية التشريعية والتنظيمية لقطاع السياحة, والعمل على تحديث وتطوير منظومة التعليم والتدريب السياحي والفندقي ورفد سوق العمل بكوادر مؤهلة وتحسين عوائد الجهات العامة ووزارة السياحة من الاستثمارات والمشاريع السياحية المتعاقد عليها , إضافة للترويج للسياحة الدينية والثقافية وتنويع المنتج السياحي والمنتجات السياحية المستقبلية والواعدة وتحسين جودة الخدمات السياحية والحفاظ على الصناعات التقليدية التراثية والترويج لفرص الاستثمار السياحي والتعاون السياحي مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية وإقامة فعاليات ترويجية وأنشطة محلية ودولية والمشاركة في المعارض السياحية العالمية.