ثقافةصحيفة البعث

“كسر عضم” لا يخلو من سلبيات ومبالغات في ظل الجريمة والعنف

“الأيام الجايه إلي” الجملة القوية التي قالتها كاريس بشار-عبلة- أرملة العميد طلال –د.تامر العربيد- وهي تواجه حكم رجل الفساد والقوة– فايز قزق- الشخصية المحورية في مسلسل “كسر عضم”، الذي وضعنا منذ الدقائق الأولى في مواجهة جريمة عنيفة تشد الأنفاس بغية السرقة في حارة فقيرة، إلا أنها كشفت عن علاقة غير شرعية تمتد نتائجها على مدار الخطوط الاجتماعية التي تطرق إليها العمل، لتمتد سلسلة من الجرائم إثر التفجير الذي استشهد فيه العميد طلال وسبعة من العناصر ومررت خلاله الصفقة المشبوهة.

هذا الحدث الذي بدأت منه كاميرا رشا شربتجي صاحبة الولادة من الخاصرة، لتقدم عملاً أقوى بسيناريو علي معين صالح بتناوله سلوكيات الفساد والجريمة والانحراف.

معتمدة على المواجهة بين طرفي الصراع بالتركيز على شخصية الرائد ريان- الممثل سامر إسماعيل- بطل مسلسل عمر بن الخطاب والكثير من الأعمال الهامة في الدراما السورية والعربية- المتميز بحضوره القوي وصوته الرخيم،

وقد ركز الصراع على إظهار الجانب الإنساني في شخصية الضابط ريان لاسيما أنه ابن حكم ويخالف والده بطريقه الفاسد، فيتجاوز القوانين العسكرية في إسعاف عناصره في مشفى مدني ومواجهته بقوة للمدير الذي رفض في البداية إسعاف الجرحى، ثم وافق إزاء إطلاق النار من مسدس ريان.

المشهد المؤثر الذي قاد إلى جريمة أخرى بافتعال حريق بالمشفى لقتل الشاهد الوحيد على تنفيذ العملية.

وتتتالى سلسلة الملاحقات للبحث عن الحقيقة من قبل ريان وعبلة أرملة طلال، لتدخل المرأة بحضور قوي وتأخذ دور المواجهة فتؤدي كاريس بشار دوراً هاماً يعكس صورة المرأة المواجهة المقاومة أساليب الفساد والمنتقمة لزوجها من جانب آخر، وتكشف الأحداث عن حقد قديم بينها وبين حكم الذي تزوجها عنوة.

الخط العريض للعمل يمضي باستمرار الصراع بين القوى الأمنية والرجل المتنفذ، يتفرع إلى سلسلة من القضايا الاجتماعية التي طالت الانحراف في المدينة الجامعية، ومن ثم اندلاع الحريق بارتكاب جريمة أخرى أشد عنفاً للتستر على يمنى-نور علي- الشابة المصابة بالإيدز بعدما كشف الأمر بمشهد أثار الجدل، كما ظهر في مشهد استخدام جهاز الكشف عن الإيدز والإيحاء للمشاهد بداية بأنه للكشف عن الحمل، إضافة إلى البحث عن مفتاح للأستاذ الجامعي للضغط عليه والحصول على النجاح، وامتدت إلى كيفية محاولات الشباب الجامعيين البحث عن السفر للخارج بطرق غير نظامية ستكشف الحلقات القادمة عن نتائجها، مع الكثير من الأوضاع الصعبة التي يواجهها الناس بعد الحرب وإزاء الحصار.

ولا شك بأن الأداء القوي للممثلين ساهم في شدّ انتباه المشاهدين لاسيما فايز قزق برسم ملامح شخصيته المربكة والمعقدة والحاقدة والمؤذية.

تشويه صورة المرأة

ويلقى “كسر عضم” متابعة كبيرة من المشاهدين ويعد منافساً قوياً للأعمال الاجتماعية التي أخذت موضع الصدارة في هذا الموسم وتفشت فيها أساليب العنف والجريمة والفساد، ولكن يوجد الكثير من التساؤلات التي تطرح حول عمل المسلسل على تعزيز عدد من السلبيات والمبالغات، ابتداءً من ارتكاب الجريمة الأولى لوالدة يارا –ولاء عزام- التي تستقبل عشيقها في منزل زوجها في حارة شعبية بيوتها متلاصقة تتناقل منها أصوات الساكنين، ويدخل دون أن يراه أحد، والأغرب تتركه بالمنزل وحده قائلة” ربع ساعة وأعود” ثم تقع الجريمة.

المبالغة بالتعميم

تمّ التطرق إلى الشخصية المحورية لصاحب الجاه والسلطة حكم المحمي من القانون الذي لا يقترب منه لمكانته كما ذكرت كاريس بشار في أحد المشاهد “محمي بالكرسي” إضافة إلى تصريحات حكم بأنه سيعتمد على الضباط الصغار “غرقهم بالمصاري حتى قلوبهم تتحجر” وهذا يثير التساؤل كيف يمكن التطرق إلى هذه الشريحة الهامة بعمليات الفساد والتعميم على تعاون الضباط الصغار وخيانتهم كفترة لإبعاد الشبهة عن الكبار؟؟ والسؤال الأكبر تمّ تقديم حكم على أنه رجل سلطة أين دوره الظاهر بالسلطة والمجتمع؟ أين وجهه الذي يظهر به بحكم عمله؟ الكاميرا صوّرت فقط السلبيات سواء بعمليات تنفيذ الجرائم والفساد وفي علاقاته الخاصة مع النساء.

ومن زاوية أخرى كيف أصيبت يمنى بالإيدز وهي طالبة جامعية، فأساء العمل إلى صورة الطالبات خاصة باعترافها لكاريس بشار “عدونا واحد أنا نقلت الإيدز لحكم”

الصورة الخاطئة للمثقفة

كما أظهر صورة خاطئة لشخصية المرأة المثقفة الفنانة التشكيلية- ندين تحسين بيك- التي تنقد حياة المثقفين والفنانين وتتطرق إلى موضوع الإلحاد الخارج عن خطوط المسلسل والمضامين الاجتماعية التي تناولها، وفي الوقت ذاته توجه اللوم لأختها الصغرى التي تعرضت للتحرش بالشارع لأنها تتبع الموضة العصرية، وبأن ثيابها هي السبب مع أن ثيابها عادية وفي أي مكان عام ندخله نرى فتيات ترتدين ثياباً عصرية ومتعرية، والأكثر غرابة تصريح الرائد مروان خالد القيش “بنات العائلات ترتدين ثياباً محتشمة” هذا تصريح سلبي يسيء إلى الفتيات، خاصة إنه ذكر مفردة “الشوارع”.

حبل المشنقة

وفي المحاورة بين عبلة –كاريس بشار- وريان تجزم فيها وتواجه ريان بأنه لن يقوى على لفّ حبل المشنقة حول عنق والده رغم أنه يصرّ على كشف الحقيقة.

في كل الأحوال مازال العمل بالحلقات الأولى وقد تخطى الخطوط الحمراء، لكن التساؤلات والاستفسارات مازالت تنتظر الإجابات؟؟؟

وبعيداً عن المضمون العمل تألق بالإخراج والشارة والموسيقا والمؤثرات والأداء.

ملده شويكاني