الحل دائماً بالاستيراد..!
علي عبود
لا نستغرب أبداً أن يصبح الشغل الشاغل للعائلة السورية تأمين عبوة زيت نباتي مهما كان ثمنها!.
نعم، لا نستغرب عندما تنشغل الحكومة بتأمين هذه المادة عبر الاستيراد ليس عن طريق مؤسّساتها، وإنما عن طريق قلَّة من التجار المُتنفذين!؟
ومع أن لدينا معامل حكومية وأخرى خاصة لعصر بذور الزيت، سواء أكانت قطناً أم ذرة صفراء أو دوار الشمس، فإن خيار الحكومة كان دائماً ولا يزال بالاستيراد، وليس بتوسيع طاقات هذه المعامل لتأمين احتياجات السوريين من مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عن استخداماتها يومياً، وخاصة بعدما أصبحت بديلاً لزيت الزيتون بالنسبة لملايين الأسر السورية، إضافة إلى كونها أساسية لمطاعم السندويش، وحتى مطاعم الخمس نجوم!!.
لا يمكن الزعم بأن الحكومات المتعاقبة فوجئت بزيادة استهلاك سورية من الزيت النباتي، فهي منذ أربعة عقود توزّعه عبر البطاقات التموينية الورقية وحالياً إلكترونياً، وبالتالي المفاجأة أن يكون خيارها الوحيد هو الاستيراد وليس تبني خطة لزراعة دوار الشمس والذرة الصفراء، لتأمين مستلزمات معامل الزيوت السورية وزيادة خطوط إنتاجها بما يتيح تصنيع فائض للتصدير، وليس لتأمين احتياجات البلد فقط من مختلف أنواع الزيوت النباتية.
أليس مستغرباً أن تقوم بلاد صحراوية بتصدير زيوت نباتية بماركات شهيرة لبلد زراعي مثل سورية؟!
استناداً إلى الوقائع فإننا لا نستغرب ما يحصل بعدما حوّلتنا الحكومات المتعاقبة منذ عام 2008 من بلد مصدّر إلى مستورد للحبوب بكميات كبيرة، إلى حدّ بتنا نتساءل فيه بارتياب: هل سيسمح المتنفذون الذين يستوردون لنا كل شيء تقريباً أن نكتفي ذاتياً من الحبوب والزيوت؟!!
لقد أصبح الشغل الشاغل للجنة الاقتصادية، هذه الأيام، توفير الزيوت والبقوليات في الأسواق من خلال استيرادها بأسرع وقت، وهذا أمر يُسعد التّجار أولاً وأخيراً، ولم نقرأ أو نسمع أن هذه اللجنة بصدد الموافقة على خطة لوزارتي الزراعة والصناعة تضمن الاكتفاء الذاتي من الحبوب والزيوت خلال سنة أو سنتين أو بعد خطة خمسية أو حتى عشرية!! وها هو مدير التجارة الداخلية في ريف دمشق يقدم مقترحاً لحلّ أزمة الزيت من خلال استيراد حبة الصويا بدلاً من زيت دوار الشمس، وبرأيه أن “من الأفضل استيراد حبة الصويا لأنه توجد ثلاثة معامل لإنتاج زيت الصويا على مستوى القطر، وإذا ما تمّ تأمين حبة الصويا لهذه المعامل فيمكن الاكتفاء ذاتياً من مادة الزيت من دون الاضطرار لاستيرادها”!
لاحظوا أنه اقترح الاستيراد وليس زراعة جميع أنواع بذور الزيوت، ولا نلومه طالما أن وزارة الزراعة “خارج النطق والسمع”، فلا هي ترى الأزمة، كما ليس لديها أي مقترح شفوي أو ورقي تطرحه في اجتماعات مجلس الوزراء، ربما لا تريد إغضاب قلّة من المتنفذين الذين يحتكرون استيراد الزيوت والتحكم بأسعارها وانسيابها في الأسواق!
ومهما كانت المبررات والأسباب، فإن الحكومات المتعاقبة مسؤولة عما آلت إليه أمورنا.
إن الحلول لاجتثاث أزمة الزيوت النباتية الضرورية جداً لكل عائلة سورية ولجميع المنشآت التي تتعامل بالطعام من أصغر محل سندويش إلى أفخم فندق في بلد زراعي تكون بالتالي:
ـ تخصيص مساحات لزراعة الذرة ودوار الشمس تؤمّن البذور اللازمة لمعامل الزيوت.
ـ تشجيع معامل الزيوت الخاصة على زيادة خطوط إنتاجها أو تأسيس معامل جديدة، وبالتعاقد مع أصحاب الأراضي الصالحة لزراعة بذور الزيوت لتأمين احتياجاتها.
ـ قيام وزارة الصناعة بإحداث خطوط جديدة لتصنيع زيوت الذرة ودوار الشمس إلى جانب خطوط عصر بذور القطن.
وفي أسوأ الخيارات، أو ريثما تُنفذ الخطة المتكاملة للاكتفاء الذاتي، يُمكن استيراد بذور الذرة ودوار الشمس لعصرها في معامل القطاعين العام والخاص، بدلاً من استيراد الزيوت جاهزة، والاستفادة بالتالي من مخلفاتها كأعلاف.
السؤال: هل اهتمت اللجنة الاقتصادية، وفيها وزيرا الزراعة والصناعة، بمناقشة الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض من الزيوت، أم أن شغلها الشاغل كان، وسيبقى إلى أمد غير منظور، الاستيراد، ولا شيء آخر سوى الاستيراد؟!!.