أخبارصحيفة البعث

واشنطن تبحث في أوكرانيا عن بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية

تقرير إخباري

يبدو أن أكثر خبر قادم من موسكو يمكن أن يثير حفيظة الجانب الأمريكي، هو إصرار الجانب الروسي عبر منابر متعدّدة على الحديث عن المختبرات البيولوجية الأمريكية التي موّلها البنتاجون على الأراضي الأوكرانية، وخاصة أن واشنطن ربما تجهل إلى الآن حقيقة الوثائق التي وصل إليها الجانب الروسي بعد دخوله إلى هذه المختبرات، فضلاً عن طبيعة الشهادات التي أدّاها المواطنون الأوكرانيون القريبون من عمل هذه المختبرات أو المشاركون في أبحاثها.

فالإدارة الأمريكية لا تدّخر موضوعاً يمكن أن يحرف انتباه العالم عن حقيقة وجود مثل هذه المختبرات إلا وتثيره، في محاولة بائسة للتغطية على تورّطها المباشر في إجراء أبحاث بيولوجية خطيرة على أراضي رابطة الدول المستقلة، بإشراف مباشر من مسؤولين أمريكيين بارزين ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، وقد أثار تورّط نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن ، هانتر بايدن، بأبحاث من هذا النوع في أوكرانيا موجة من الانتقادات في أوساط السياسيين الأمريكيين والمسؤولين السابقين في الاستخبارات الأمريكية، وأكدت وسائل إعلام كبرى في بلده في الأيام الأخيرة صحّة بيانات قيل إنه تم العثور عليها في حاسوب محمول تابع له.

وبين البيانات التي عُثر عليها في هذا الحاسوب، وفقاً لتقرير لصحيفة نيويورك بوست، كميات كبيرة من رسائل إلكترونية وصور ووثائق مالية تبادلها هانتر مع عائلته وشركائه، وهي تسلط الضوء على كيفية استخدام نجل جو بايدن نفوذه السياسي في ممارسة أعمال في دول أخرى، وخصوصاً أوكرانيا والصين.

وبغض النظر عن الصفقات المشبوهة لنجل بايدن في كل من الصين وأوكرانيا التي تمّ الإفراج لاحقاً عن جزء بسيط من المعلومات المتعلقة بها، فإن هذه القضية عادت لتتطوّر بعد أن نشرت وزارة الدفاع الروسية وثائق ورسائل قيل إنها تؤكد تورّط نجل بايدن في أنشطة بيولوجية عسكرية اتهمت موسكو الولايات المتحدة بممارستها في أوكرانيا.

فقد رأى خبير عسكري متخصّص بالأسلحة البيولوجية أن الولايات المتحدة في إطار برنامجها البيولوجي بأوكرانيا، كانت تبحث عن بكتيريا أكثر مقاومة للمضادات الحيوية، يمكن استخدامها كسلاح بيولوجي.

وذكر عالم الأحياء الدقيقة، العقيد المتقاعد ميخائيل سوبوتنيتسكي، أن الولايات المتحدة كانت مهتمة في جزء من برنامجها البيولوجي العسكري بالبحث عن سلالات من البكتيريا الخطرة المقاومة للمضادات الحيوية، التي يمكن استخدامها في هجمات بيولوجية.

وكانت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا قد أوقفت أنشطة خمسة مختبرات بيولوجية أمريكية في هذا البلد، حيث كانت تجري  بأمر من البنتاغون، اختبارات على مسبّبات الأمراض مثل الجمرة الخبيثة، والتولاريميا، وداء الحمى المالطية، والكوليرا، وداء اللولبية النحيفة، وحمى الخنازير الإفريقية.

من جهته أشار الجنرال إيغور كيريلوف، رئيس قوات الحماية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية للقوات المسلحة الروسية، إلى وجود مسبّبات الأمراض الخطيرة التي تقاوم بعض المضادات الحيوية، والتي أصبحت أكثر قابلية للحياة نتيجة الانتقاء الطبيعي، وبالتالي فهي جذابة من وجهة نظر استخدامها في الهجمات البيولوجية.

وهذا يتقاطع مع ما أوضحه سوبوتنيتسكي من جانبه بهذا الشأن من أن “السلالة الأمريكية المسبّبة للجمرة الخبيثة (أميس)، التي استخدمها الإرهابيون في خريف عام 2001 للهجوم الإرهابي في الولايات المتحدة، هي سلالة طبيعية، فهي مقاومة لما يسمّى بنسلين الجيل الثالث غير المعدل.. والمرضى الذين عالجهم الأطباء بالبنسلين وفقاً للإجراء القياسي ماتوا في النهاية”، مشيراً إلى أنه حين اكتشف الأطباء السلالة التي واجهوها وبدؤوا في استخدام المضاد الحيوي سيبروفلوكساسين، زادت فعالية نظام العلاج هذا.

وخلص الخبير إلى أنه “في مدغشقر، منذ وقت ليس ببعيد، وجدوا سلالة من العامل المسبّب للطاعون الرئوي، وهو مقاوم للستربتومايسين. والستربتومايسين، هو العلاج الرئيس للطاعون”.

وحسب الجنرال كيريلوف، تم تشكيل شبكة تضم أكثر من 30 مختبراً بيولوجياً على أراضي أوكرانيا، عملت لمصلحة البنتاغون، وأنفقت واشنطن أكثر من 200 مليون دولار عليها، لافتاً إلى أن كل ما هو صالح لاستمرار البرنامج العسكري البيولوجي الأمريكي تم إخراجه من أوكرانيا بالفعل مباشرة بعد بدء العملية الروسية الخاصة هناك.

ووفق البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الروسية، فإن صندوق الاستثمار الأمريكي الخاص بـ”هانتر بايدن”، شارك في تمويل برنامج البنتاغون البيولوجي العسكري في أوكرانيا. وشارك رؤساء الإدارات والعاملون في الإدارة العسكرية الأمريكية، فضلاً عن شركات المقاولات الرئيسية التابعة لها، في إنشاء مكوّنات أسلحة بيولوجية، وكانت هذه الشركات مرتبطة مباشرة بنجل جو بايدن، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أسماء المشرفين الغربيين على المختبرات البيولوجية الأوكرانية.

إذن، كان البنتاجون يبحث عن تطوير سلاح بيولوجي مقاوم للمضادات الحيوية التقليدية المصمّمة أصلاً للتعامل مع الأوبئة، بحيث يكون من الصعب إنتاج مضاد حيوي للتعامل مع الوباء الجديد المصنّع في هذه المختبرات، والتجارب بالمحصلة يتم إجراؤها على مواطنين أوكرانيين وفي مناطق على تماسٍ مباشر مع الأراضي الروسية، فضلاً عن استخدام الطيور بشكل مباشر لنقل الأوبئة والأمراض إلى أرض العدو، وهذا الأمر ينسحب على جميع المختبرات الأمريكية المنتشرة حول العالم.

طلال ياسر الزعبي