دراساتصحيفة البعث

بولندا وبلغاريا ستدفعان ثمن قولهما “لا”

هيفاء علي

يبدو أنه حان الوقت الآن لرؤية كيف يمكن للأوروبيين التعامل مع تحديات الحرب بالوكالة مع روسيا، بعدما أوقفت شركة “غازبروم” تسليم الغاز لبلغاريا وبولندا، وبالتالي لم تعودا تتلقيان الغاز الروسي من الآن بعد أن فشلت شركة “بولجاراز” البلغارية وشركة “بغنيغ” البولندية في تحويل مدفوعاتها بالروبل إلى الشركة الروسية لتسليمها في نيسان الماضي. ووفقاً للمرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يجب دفع مدفوعات الغاز الموفر اعتباراً من 1 نيسان إلى الحسابات المفتوحة بالروبل. وأشارت شركة “غازبروم” إلى أنه في حالة السحب غير المصرّح به للغاز الروسي إلى دولة ثالثة (عبر خطي أنابيب الغاز يامال وتركيا ستريم)، سيتمّ تخفيض إمدادات الترانزيت وفقاً لذلك.

ويعتقد الخبراء البلغاريون أن الوضع أكثر تعقيداً بالنسبة لبلغاريا منه بالنسبة لبولندا، حيث يصل اعتماد بلغاريا على الغاز الطبيعي الروسي إلى 90٪، بينما تستورد بولندا 40%. وفي هذا السياق، أشار رئيس جمعية الغاز البلغارية، بيلامين بافلوف، إلى أن بلاده ليست مستعدة لهذه الخطوة وستكون الشركات الصناعية الأكثر تضرراً كمصانع الزجاج، ومصانع سماد النباتات، وشركة تكرير النفط “نيفلوكهيم”. ووفقاً لـ بافلوف، ستتوقف هذه الشركات عن المنافسة. ومن جهته، أشار خبير الطاقة إيفان كينوفسكي إلى أن المستشفيات والبنية التحتية الاجتماعية الأخرى ستواجه مشكلات جسيمة لأن موسم التدفئة قد انتهى. فيما يعتقد خبير آخر أن بلغاريا يجب أن تتحول إلى نوع آخر من الوقود، مثل زيت الوقود، ومع ذلك، يشير إلى أن بعض الشركات الأوروبية ستكون على استعداد للدفع بالروبل الروسي، وبالتالي تكون قادرة على إمداد بلغاريا بالغاز. ويضيف الخبراء البلغاريون إن بلغاريا يمكن أن تتحول إلى الغاز الطبيعي المسال من خلال محطة في اليونان ستكون جاهزة في حزيران القادم، لكن الغاز الطبيعي المسال سيكون أغلى بنسبة 20-30٪ من خط الأنابيب، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم. ويحمل بافلوف، الحكومة البلغارية كامل المسؤولية عن الوضع الذي وجدت البلاد نفسها فيه. وفي سياق متصل، أشار إيغور يوشكوف، الخبير في الجامعة المالية الحكومية الروسية إلى أن روسيا تعتبر بلغاريا دولة ذات سيادة محدودة، أولاً، انسحب البلغار من مشروع “ساوث ستريم” بضغط من الولايات المتحدة، واليوم لا يريدون تغيير العقود مع روسيا للسبب نفسه. مضيفاً أن واشنطن والاتحاد الأوربي ضغطوا على بلغاريا، بينما يحاول البلغار التظاهر بأنهم يقرّرون كل شيء نيابة عنهم.

أما بالنسبة لبولندا فهي أقل انزعاجاً من التطورات الحالية، حيث كانت تستعد لقطع الغاز الروسي، وتعتبر شركة “بغنيغ” البولندية قرار شركة “غازبروم” بمثابة خرق للعقد وتعتزم رفع دعاوى تحكيم. إلا أن إيغور يوشكوف أكد أنه لن يمتثل أحد لقرار التحكيم، لأنه من الواضح أنه سيتمّ تسييسه، وأصبح كل شيء في غاية البساطة، أنت تدفع المال مقابل الغاز. في حين تؤكد السلطات البولندية أن مرافق تخزين الغاز البولندية ممتلئة حالياً بنسبة 75٪، وستكون هذه الاحتياطيات كافية حتى الخريف. بعد ذلك، يأمل البولنديون أن يضمن خط أنابيب غاز البلطيق إمداد الغاز النرويجي، كما يعولون على مسألة أن تبدأ عمليات تسليم الغاز عبر خط الأنابيب الذي يربط بين بولندا وليتوانيا في أيار الحالي، حيث يتلقى خط الأنابيب الغاز من محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال. بالإضافة إلى ذلك، تشتري بولندا بالفعل الغاز الطبيعي من ألمانيا في الاتجاه المعاكس عبر خط أنابيب يامال، وهو الغاز الروسي الذي يمرّ عبر “نورد ستريم 1” ويعمل بطاقة 100%، ولكن إذا لم يفتح المشترون الألمان حسابات بالروبل، فإن خطة بولندا الماكرة ستنتهي، ويتوقع الخبراء البولنديون أيضاً ارتفاع أسعار الغاز والتضخم. ومع ذلك، هناك مشكلة في خط أنابيب غاز البلطيق، لأن النظام مصمّم لـ10 مليارات متر مكعب في السنة، لكنه يستطيع الآن نقل 3 مليارات متر مكعب فقط لأنه لم يعد هناك وقود، وسوف يطرحون أسئلة مع اقتراب فصل الشتاء. وأشار الخبير الروسي إلى أنه سيتعيّن عليهم تحديد ما لديهم لموسم التدفئة القادم.

في غضون ذلك، فتح عشرة مشترين أوروبيين بالفعل حسابات خاصة مع “بنك غازبروم”، ويعتقد إيغور يوشكوف أن الآلية الجديدة مريحة تماماً للشركات التجارية، حيث لا تحتاج الشركات التجارية للبحث عن الروبل الروسي في أي مكان، بل سيقومون بتحويل اليورو والدولار إلى روسيا كما كان من قبل. ويكمن الاختلاف الوحيد في التفاصيل المصرفية، حيث سيتعيّن عليهم الآن سداد مدفوعاتهم لحسابات هذا البنك وليس لشركة “غازبروم” بعد الآن. ويضيف الخبير الروسي أنه في الماضي كان من الممكن دفع المدفوعات إلى الشركات الأوروبية التابعة لشركة “غازبروم”، حيث كانت هناك حسابات في البنوك الأوروبية، لكن روسيا فقط هي التي يمكنها تلقي جميع مدفوعات الغاز الطبيعي الروسي، وهذه الآلية أكثر أماناً لروسيا.