دراساتصحيفة البعث

أصوات من ألمانيا تدعم الموقف الروسي

هيفاء علي

بحسب رجل الاقتصاد والأستاذ الجامعي الألماني “إيبرهارد هامر”، لم تجد روسيا مخرجاً آخر غير العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بعد سنوات من الاستفزازات الممنهجة والانتهاكات المهينة المتمثلة في إعادة تسليح ودمج كتائب “آزوف” في صفوف الجيش الأوكراني، وتحشيد القوات على خط وقف إطلاق النار مع دونباس، وطلب أسلحة نووية، والنشاط الخفي للمستشارين العسكريين الأمريكيين ومستشاري حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى وجود كمّ كبير من مختبرات الأسلحة البيولوجية.

كان بإمكان القيادة الروسية أن تدمّر البنية التحتية الحيوية (الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل والمياه)، وأن تقطع خطوط القطارات بسهولة واعتقال فولوديمير زيلينسكي عن طريق عملية كوماندوز، لكنهم لم يريدوا وما زالوا لا يريدون سقوط ضحايا مدنيين. ومن ثم يتساءل البروفسور إلى متى؟ ليستأنف كلامه بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة وأتباعها في الناتو هم من يؤججون الحرب من خلال إرسال الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى الجيش الأوكراني، ونشر أفواج آزوف المليئة بالكراهية، والمساعدة الاستخباراتية، وشنّ حملة إعلامية هيستيرية لم يسبق لها مثيل بلغت حدّ إقصاء الثقافة الروسية. يُذكر أن “إيبرهارد هامر” قد حذّر من خطورة هذا الأمر قائلاً: “حيثما تحترق الكتب، سيحترق الناس قريباً”.

ويضيف أن العالم يعيش اليوم مع هذه “الحرب الشاملة” من خلال استمرار تكثيف الحرب الاقتصادية ضد روسيا “العقوبات”، وتسليح أنفسهم على نطاق واسع، بإهانة روسيا، بتجاهل مقترحاتها المفهومة والمبررة من أجل السلام وأمنه. وبالمقارنة العسكرية مع القوى العالمية الأخرى، تمتلك روسيا فقط ميزة قوتها النووية عالية التجهيز، فهل -نحن الأوروبيين الغربيين- في حالة عمى انتحاري، نريد استفزاز روسيا ودفعها لاستخدامها؟.

ثمة مصدر آخر يسلّط الضوء على استمرار خلق المعارضات الاصطناعية، وخاصة فيما يتعلق بروسيا، ويفضح قلق البنتاغون في وقت سقوط الإمبراطورية السوفييتية، أي إزالة الموارد من القواعد الأوروبية وشمال آسيا (نهاية الحرب الباردة). لذلك كانت هناك حاجة إلى سيناريوهات تهديد جديدة ودوافع جديدة للحرب. ونظراً لأن الولايات المتحدة لم تتأثر بجميع الحروب التي بدأتها على أراضيها، فإن النخب الداعية للحرب تعتقد أن الأمر سيكون كذلك دائماً، لكن هذا خطأ فادح في التقدير، لأن القوة الروسية ستكون عابرة للقارات، والضرر المدمّر الرئيسي سيصيب أوروبا برمتها، فهل يريد الغرب الانجرار إلى هذا الخطر بدلاً من الإصغاء والعمل على دروب السلام التي يتمّ تقديمها بإصرار متزايد من قبل الروس؟. ويقول: “لنتوقف عن التبعية ونسلك طريق العقل بدلاً من الاندفاع إلى حرب الإبادة، دعونا نخرج من منطق التصعيد ونبدأ المفاوضات، نحن بحاجة إلى حلول محلية لضمان أفضل ازدهار إقليمي ممكن”.

في سياق متصل، حذّر “اريك فاد”، العميد الألماني السابق من تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا، مضيفاً أنه في هذه الأوقات نسرب ما يكفي من الخطاب الحربي حتى في أفضل حالات النوايا الأخلاقية. ولكن كما هو معروف على نطاق واسع، فإن الطريق إلى الجحيم مرصوف دائماً بالنوايا الحسنة. يجب أن نتصور الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا ابتداء من نهايتها، لأنه عاجلاً أم آجلاً سنضطر إلى الخروج من منطق التصعيد العسكري هذا وبدء المفاوضات، فلماذا يريد الكثير من السياسيين والصحفيين إضرام نيران حرب عالمية ثالثة؟ يتساءل الضابط الألماني.