دراساتصحيفة البعث

التضخم يدلل على الاضطراب السياسي في الولايات المتحدة

هناء شروف

معضلة التحكم بالتضخم التي يواجهها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تُظهر علامة على الاضطراب السياسي للولايات المتحدة، ففي حدث لمركز أبحاث الأسبوع الماضي، قللت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي من احتمال إجراء تخفيضات كبيرة في التعرفات الجمركية الأمريكية على السلع الصينية للتحقق من التضخم المرتفع في الولايات المتحدة منذ 40 عاماً، على الرغم من أنها ناقشت هذه الفكرة منذ وقت ليس ببعيد.

من المعروف أن تعرفات الحرب التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على أكبر شريك تجاري لها أدت بشكل مباشر إلى ارتفاع أسعار السلع في الولايات المتحدة، ما أدى إلى زيادة التضخم، ولكن بدلاً من رفع الرسوم الجمركية تستغل الولايات المتحدة هيمنتها على الدولار في محاولة لتحويل تكاليف معالجة مشاكلها الاقتصادية إلى بقية العالم، حيث رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع الماضي، ما دفع الدولار إلى أعلى مستوى في 20 عاماً  أمام الرنمينبي واليورو والين.

منذ أواخر نيسان الماضي، انخفض سعر صرف الرنمينبي مقابل الدولار ما يقرب من 5 في المئة، ومع ذلك سيكون من الصعب للغاية تخفيف التضخم بمجرد رفع أسعار الفائدة فقط لأن الضغط التضخمي ناتج عن العديد من العوامل، ومنها على سبيل المثال سحب العمالة.

المفارقة هنا أن الولايات المتحدة تلقي باللائمة على الدول الأخرى في ارتفاع التضخم، بينما تقوم “بتصدير التضخم”، وعلى الرغم من أن الممثلة التجارية كاثرين تاي تعلم أن رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية سيكون الخيار الصحيح، إلا أن جمود سياسة إدارة جو بايدن تجاه الصين يقلل بشكل كبير من مساحة عملها.

هنا لا يأخذ صانعو السياسة في الولايات المتحدة الاقتصاد العالمي في الحسبان ضمن حساباتهم، على سبيل المثال تسبب فيروس كورونا الذي فشلت الولايات المتحدة بشكل ملحوظ ومأساوي في السيطرة عليه في انتعاش سلاسل التوريد بشكوك لا تنتهي، والتقلبات الحادة في أسعار الغذاء والطاقة والسلع العالمية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية هي أيضاً بعيدة عن متناول بنك الاحتياطي الفيدرالي نظراً لعدم قدرته على التوفيق بين المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة والوضع العالمي الذي كانت واشنطن أحد العوامل الرئيسية له، لذلك لا يمكن لمجلس الاحتياطي الفيدرالي اتخاذ القرارات الصحيحة، فإذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً ترويض التضخم، وتحسين العمالة وكفاءة التكنولوجيا، المفتاح لتعزيز نمو الجودة، فإنها بحاجة إلى رفع ضوابطها على التدفق الحر للمواهب والتكنولوجيا، وإزالة حواجزها الحمائية، وإنهاء الرسوم الجمركية العقابية على صادرات الصين، والتوقف عن محاولة إعادة كتابة قواعد نظام السوق العالمي.