نحن أوراق الشجر.. وأوركسترا “صبا” تزهر في كنيسة مارجرجس
حلب- غالية خوجة
أن تسمع الموسيقا الكلاسيكية المحلية والعربية والعالمية، وأنت في باحة كنيسة مارجرجس المتآخية مع جامع التوحيد، والمشرفة على حديقة العروبة، فهذا يعني أنك في حلب الشهباء، لأن ذلك لن يحدث بهذه الفسيفسائية النابضة بالمحبة الإنسانية الحقيقية إلاّ في هذه المدينة وهذا الوطن.
وأضاف الهواء الطلق وتدرّجات لون السماء الأزرق علامة موسيقية أخرى للأمسية التي قدمتها “أوركسترا صبا” برعاية وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح، ومديرية المسارح والموسيقا، بالتعاون مع الآباء الفرنسيسكان بحلب.
تنوّع برنامج الحفل بين الافتتاحية التي قدّمها الموسيقار شادي نجار، والمقطوعات العربية ومنها للفنان المصري العالمي عمر خيرت، ومحمد عبد الوهاب، والموشح الأندلسي، والتراث الفلكلوري، والتراث الأرمني، والقدود الحلبية من مقام الحجاز، ومقطوعات لكلّ من موزارت وياني وديمتري تشوستاكوفيتش. وانسجمت الآلات الموسيقية كأنها آلة واحدة بين البيانو والدرامز والغيتار والفيولين، بينما تآلفت أرواح العازفين وهم: أنس سرّو، دافيد ملكونيان، روزي شوشانيان، توفيق آشجي، ساكو أفاكيان، رولا خضير، ماريان شرباتي، لوسيا باندك، شاهه آفاكيان، غسّان عموري، سامي بتراكي، عبود كلزي، نرسيس طوبجيان، رامي قمر. كما لمع صوت الفنانة رنا معوّض بعدة أغانٍ، منها أغنية جديدة للشهداء “نحن أوراق الشجر” كلمات جوزيف شماس، وألحان شادي نجار، وأجادت بصوتها التعبير عن الوجدان الملامس لكل إنسان، ولا أعرف لماذا شعرت بأن صوتها مزج بين ما يشبه الفنانة جوليا بطرس وفنانات الأوبرا السوريات والعربيات والعالميات، مما أضفى جاذبية متفاعلة مع الحرف والكلمة واللحن، وأعادت إلينا من مسيرتها ذكريات “حلب بتضلي دهب”، و”الحق سلاحي”.
كما قدّمت فرقة كارني للرقص المسرحي فقرتين راقيتين من إعداد الفنان فريج ديزارنيان، تحملان رسالة المحبة مع حركات راقصيها ومشاهدهم المعبّرة عن التراث والحداثة معاً، وهذا ما جعل الحضور يرحل -بما فيهم من أطفال لم تتجاوز أعمارهم العامين- إلى هذا العالم ولغته وهي تؤلف القلوب مع توزيع موسيقي مناسب للموسيقار المؤلف والعازف شادي نجار الحائز على عدة جوائز في التوزيع الكورالي والموسيقي تقلدها على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون- دار الأوبرا بدمشق، وعلى العديد من شهادات التقدير منها من الأصدقاء الروس والإيرانيين، ومن قيادة منظمة طلائع البعث لحصوله على المرتبة الأولى في مهرجان الطفل الثاني 2018، وكأفضل مدرّب موسيقي في مهرجان الطفل الثالث 2020، والذي خصّ “البعث” بقوله: “نقدم رسالة حب وثقافة وتحدّ بوجه الألم والحرب، ولن ننسى الذين استشهدوا لكي نكون معاً اليوم، لذلك هي رسالة فخر أيضاً”.
أمّا لماذا اختار اسم فرقته “أوركسترا صبا”؟ فأجابني: لسببين، أولهما جبران خليل جبران الذي كشف عن الروح الحزينة وهي تهبّ من الشرق لتمنح رسالتها للعالم، وتخبرهم بأننا نعشق الحياة، وثانيهما أن مقام الصبا يبدأ بنوتة ويمكن ألاّ ينتهي بالنوتة نفسها، وهنا، تكمن رسالتنا، بأن ما قبل الحرب على سورية ليس كما بعدها.