دراساتصحيفة البعث

شركاء في الجرائم

هيفاء علي

حتى هذه اللحظة، تواصل سلطات الكيان الإسرائيلي رفض أي تحقيق خارجي في الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاماً، وليس آخرها جريمة استهداف الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي استُشهدت إثر اصابتها بطلق ناري في الرأس أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين في الضفة الغربية.

وكما جرت العادة، يفلت هذا الكيان المحتل من العقاب ولا تطبّق عليه القوانين الأممية، وكل ذلك بسبب الدعم اللامتناهي الذي تقدمه الولايات المتحدة وحتى بعض الدول الأوربية. ولكن رغم ذلك تبقى صور مهاجمة الجنود الإسرائيليين بطريقة وحشية لموكب الجنازة الذي حمل نعش الشهيدة إلى مثواها الأخير أكثر فتكاً من أي صاروخ موجّه إليه. حقيقة الأمر، تتجلّى كل فظائع الجرائم اليومية لهذا الكيان على جميع المستويات، فظاعة الجراح التي لحقت عمداً بالشباب الفلسطيني لشلّهم مدى الحياة، والمنازل التي دمرتها الجرافات وألقت بسكانها في الشارع، ونقاط التفتيش حيث يتكدّس العمال في منتصف الليل في محاولة لانتزاع بعض الوظائف عند الفجر مما يتيح لهم توفير الحدّ الأدنى من الكفاف للأسرة، واقتلاع أشجار الزيتون، دون نسيان أكبر سجن في الهواء الطلق، في العالم الذي يمثله قطاع غزة، الذي ظل تحت حصار شرس لما يقرب من 15 عاماً.

إن اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة -بالإضافة إلى اغتيال صحفيين آخرين في سياق تصفية ممنهجة- بالقرب من مخيم جنين، صورته المقاومة الفلسطينية على الهواء مباشرة، وهو لا يترك مجالاً للشك في أن هذه الجريمة المتعمدة تضاف إلى تلك التي مهّدت جحيم ما يعيشه الفلسطينيون منذ نكبة عام 1947 والذي لم يتوقف أبداً، حيث سيتعيّن إضافتها إلى تلك الموجودة في الملف الذي تمّ توجيهه إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن الدول الغربية، التي تتبجّح بدفاعها عن “حقوق الإنسان”، تمنح هذا الإفلات من العقاب للمسؤولين عن هذه الفظائع المتواصلة، وبسبب هذا الإفلات من العقاب يستمر هذا الكيان في ارتكاب جرائمه.