“عشرة أضعاف”
معن الغادري
أن تباع ربطة الخبز المكونة من 12 رغيفاً على بعد أمتار قليلة من المخابز بأربعة آلاف ليرة – أي عشرة أضعاف سعرها المدعوم – وبكثير من الأريحية، وعلى عينك يا تاجر، فهو لا شك مؤشر خطير يرسم واقعاً معيشياً قاتماً قد يصعب ضبط ايقاعه نزولاً، مع انفلات وانفلاش الأمور وخروجها عن السيطرة في حلب على وجه التحديد.
وفي الواقع هي أزمة قديمة جديدة فشلت كل المحاولات حتى اللحظة بما فيها البطاقة الذكية في حل لغزها، والذي ما زال محيراً لتداخلاته وتعقيداته، وبعيداً عن قضية التزاحم اليومي على أبواب الأفران وصعوبة الحصول على ربطة الخبز قبل أربع أو خمس ساعات انتظار، وسهولة الحصول عليها من البائعين المنتشرين على يمين ويسار الافران، يتبادر إلى الأذهان الكثير من الأسئلة المحيّرة، أولها كيف تصل هذه الكميات الكبيرة من الخبز يومياً إلى البائعين السماسرة ومن يديرهم وليس آخراً من هو الوسيط بينهم وبين صاحب الفرن، أما السؤال الأبرز والأهم في هذه المعضلة هو أين المعنيين في مجلس المحافظة وحماية المستهلك والمخابز من هذه المشكلة اليومية المتفاقمة، وهل نجحت حزمة الاجراءات والقرارات الصارمة والحازمة الصادرة عنها في وقف المتاجرة بالرغيف وسرقة وتهريب الطحين، وهل نجحت هذه الإجراءات والضبوط التموينية المسجلة يومياً وفق -النشرة الاعلامية لحماية المستهلك – في ردع المتاجرين بقوت واحتياجات المواطن اليومية من مأكل وملبس وبنزين وغاز ومازوت..؟
ما نود قوله وفي ضوء تفاقم الأزمات المعيشية أن هناك أيادٍ خفية مستفيدة تدفع الأوضاع المعيشية إلى مزيد من التعقيد، وهو ما يفسر اختفاء المواد المدعومة من مصادرها، وتوفرها في السوق السوداء وعلى مرأى من الجهات الرقابية، ما يشير وبوضوح أن الضمير والوازع القيمي والأخلاقي غائب بشكل تام وكامل، وأن الشفافية والصدق والعمل الجاد في حل الأزمات المعيشية معدوم، إذ من غير المقبول أن يبقى المواطن لقمة سائغة في أفواه سماسرة وحيتان السوق، ونقول له – أي للمواطن – اصبر فالصبر مفتاح الفرج، وهو ما نضعه برسم وزارة حماية المستهلك والتي وجب عليها وبعد هذا الكم الكبير من المشكلات والأزمات المستعصية أن تفرد لحلب مساحة من وقتها لعلها تنجح في حل لغز أسواق حلب المحيّر والمبهم..!.