في اليوم العالمي للموسيقا الغناء شغف منذ نعومة الأظفار… والموسيقا غذاء الروح
البعث الأسبوعية- جمان بركات
“الموسيقا قادرة على صناعة رجل شجاع ورصين” هكذا يراها أفلاطون، وراهن أرسطو على دور الفنون -وعلى رأسها الموسيقا- في تطهير النفوس، فهي وسيلة ناجعة لإخراج الأرواح الشريرة من النفس والجسد معاً ولتحرير الروح من الانفعالات العنيفة.
تلعب الموسيقا دوراً مهماً في تعزيز تربية الطفل والإسهام في تطهير نفسه وتنشئته بطريقة سوية فهي لغة من لغات الجمال، وموسيقى الطفولة تظل راسخة في الأذهان حتى أوقات متأخرة من حياتنا، فمثلاً كم منا تعلق قلبه بالرحلة الكبيرة لمغامرة الطفل اليتيم ريمي مع فرقة العازف الشهير المتخفي بلبوس الرحالة صاحب الفرقة المتواضع العم فيتالس، ورث عنه ريمي عزف القيثارة والكمان وكل أنواع الآلات وشدا معه في الدروب التي قطعاها لإطراب المدن والقرى.
في الواقع، الموسيقا عنصر جاذب لمخيلتنا، غذاء روحي له نكهة خاصة لطالما أسرتنا وستظل، ريمي في داخل كل واحد فينا يبحث عن موسيقاه الخاصة التي تبلسم له جراحات الواقع ومرارته، ويظل أثرها الروحي العالي يطرب قلوبنا إلا أن الطفل -بشكل عام- معروف بشدة حساسيته نحو الموسيقا إلا أن تذوقها يبقى أمراً نسبياً بين طفل وأخر، فكيف إذا كانت الموهبة نابعة من حب وعشق منذ الصغر؟ لذلك كان لمجلة البعث الأسبوعية عدة استطلاعات وآراء مع أطفال رافقتهم الموسيقا منذ نعومة أظفارهم فحققوا فيها إنجازات كثيرة وأصبحت الآلة الموسيقية رفيقة دربهم.
غذاء الروح
وعن اليوم العالمي للموسيقا قال عازف القانون شادي: أنا شادي جان عازف قانون سنة سابعة في معهد صلحي الوادي للموسيقا.. أوجه تحية لكل موسيقي سوري ينثر إبداعاته على خشبات المسارح أو عن طريق الموسيقا التصويرية في الأعمال الفنية.. الموسيقا هي غذاء للروح وللأذن.. وتعطي راحة واسترخاء إن كانت هادئة.. والحماس والتشويق أيضاً.. وهذا يرتبط بنوع الموسيقا.
أحببت الموسيقا منذ صغري وكنت أتابع الحفلات في دار الأوبرا حتى قررت أن أصبح عازف قانون وهي الآلة المحببة بالنسبة لي، وكذلك الموسيقا ترتبط بالتراث والحضارة، فهناك أعمال موسيقية أثرية لا تمحى من الذاكرة ويعرفها الجميع في كل زمان ومكان، الدليل الواضح على أهمية الموسيقا هو أن هناك يوم عالمي له، وهذا يدل على أهميتها وانتشارها بين الشعوب.
علاقة صداقة مع الآلة
أول صوت سمعته لحظة ولادتها كانت موسيقا “جايبلي سلام” قالت جدة بلقيس بركات -15 سنة- لها هذا، وتابعت بالقول: وفي البيت تحضر الموسيقا كجزء لا يتجزأ من تفاصيلنا اليومية، خصوصاً وأن والدي مهتم بالموسيقا ويعزف العود، وعندما بدأ اهتمامي بالموسيقا، مع محاولات طفولية على آلة العود، اصطحبتني والدتي وأختي، لدراسة الموسيقا في أحد المعاهد الموسيقية، ورغم أنني كنت أنوي دراسة العزف على العود، إلا أن أستاذ الموسيقا نصحني بالكمان، آلة ساحرة، تنعش أنغامها الروح، وهكذا ومع كل معزوفة أتقنتها صار حبي للموسيقا أكبر، حتى أنني لاحظت أن الموسيقا نظمت لي آلية تفكيري، وفتحت لي آفاق لا تنتهي من المتعة والفرح.
هناك علاقة صداقة تنشأ مع الآلة، فالكمان رفيقي اليومي، اطمئن عليه كما لو أنني اطمئن على أخي الأصغر، اشتاق له إن حدث وتوقفت عن العزف بسبب الدراسة، ثم صرت أحاول مع العود أيضاً، ووجدت أنه مع التمرين، يمكن لي أن أعزف العود، وهذا ما حدث.
في كل مرة تفاجئني الموسيقا بقدرتها على تغيير المشاعر السلبية مهما كانت، وجعل كل شيء أجمل وأفضل.
المتعة والمعرفة
وعن اليوم العالمي للموسيقا قال عازف العود ربيع جان: الموسيقا هي واحدة من أحد الجوانب الحياتية المميزة لي، ففيها متعة وتخلق جواً وحالة من الراحة في نفس المستمع والعازف على حد سواء.
أنا أعزف على آلة العود منذ ٢٠١٤ في معهد صلحي الوادي، وهنا يجب ذكر أهمية المعاهد الموسيقية في تنمية الجوانب الموسيقية المختلفة لدى الطالب أو المتعلم والعمل على تطويرها لتصبح حالة متكاملة ممزوجة بالاحترافية والمتعة والمعرفة، ولتصبح الموسيقا جزءاً كمالياً أو أساسياً لا يتجزأ في الحياة فالموسيقا تضيف البهجة في النفس.
فقد أضافت الموسيقا لي على الجوانب الحياتية والاجتماعية العديد من المهارات السماعية والتي أدت إلى تحسين أذني الموسيقية، وتمكنت من تذوق الموسيقا التي أسمعها على الصعيد الأكاديمي، وأضافت لي حالة هناء وسرور حينما تصبح كملجأ من خلال العزف على آلة العود على الصعيد الشخصي.
وتابع بالقول: بمناسبة اليوم العالمي للموسيقا أحيي كل أستاذتي في معهد صلحي الوادي الذين كان لهم دوراً كبيراً في تكوين ثقافتي الموسيقية وتحسين أدائي في العزف على العود أو في صف الصولفيج، وأوجه تحية كبيرة أيضاً القائمين على المعهد وكل العاملين فيه وأدعو جميع الأطفال للانتساب إليه لأنه المكان الذي يصقل مواهبهم ويرفع من ذائقتهم الموسيقية.
خواص علاجية
أما مريام بركات -13 سنة- قالت عن يوم الموسيقا العالمي: تحكي الحكمة عن كون الموسيقا غذاء الروح، وهي حقاً كذلك، كما أن للموسيقا خواص علاجية أثبتها الطب الحديث، حتى أنني قرأت بأن النباتات تنمو بشكل أفضل بوجود الموسيقا.
أحببت آلة العود منذ كنت طفلة تحبو، أخبرتني أمي أنني كنت أجلس لساعات دون أي حركة طالما أن ثمة معزوفة موسيقية على آلة العود، وفي الصف الرابع أخبرت والدي برغبتي تعلم العزف على آلة العود، وكانت دروسه أول دروس موسيقية تعلمتها، ثم التحقت بمعهد للموسيقا، وهناك تعلمت العزف على أصوله.
كل أغنية جديدة كنت أعزفها عن النوتة، كانت تقوي ثقتي بنفسي وتزيد حبي للموسيقا.
عندما أجلس لأعزف، أغلق حواسي كلها، وأركز كل إحساسي في أناملي، اصير أنا والعود كتلة واحدة، واشعر أن الموسيقا تجعلني أطير مع النوارس فوق زرقة المحيط.
الموسيقا تجعل الحياة أفضل، كل شيء يغدو جميلا حتى الحزن، إذا كانت الموسيقا هي من يعزفه.