المحور الأنغلو – ساكسوني يتعدى على مصالح فرنسا في أفريقيا
هيفاء علي
بينما تستمر باريس في اتهام موسكو وبكين بانتظام بضرب مصالحها في القارة الأفريقية، لا يتردد حلفاؤها الأنغلو ساكسون في طعن حليفهم الفرنسي في إفريقيا. هذا الواقع يسلط الضوء على العلاقة “الشريرة” بين واشنطن ولندن ضد فرنسا وغيرها من الحلفاء الأوروبيين المزعومين. ما يعني أن نهج الإليزية الفرنسي-الأفريقي لا يواجه الآن مقاومة من عموم إفريقيا وتحالفه مع القوى العالمية الرئيسية غير الغربية فحسب، بل أيضاً يواجه حلفائه الأنغلو-ساكسون الذين لا يترددون في مهاجمة المصالح الفرنسية علانية.
وبحسب المحللين الفرنسيين، سيكون على باريس أن تقدر الخطأ الفادح الذي ارتكبته النخب الفرنسية، سواء في سياق سياستها في إفريقيا أو على المستوى العالمي، والذي يتجلى في عدم قدرتهم على تكييف سياستهم مع مراعاة تطلعات الأفارقة. كما أنها لم تكن قادرة على التوافق مع الحقائق العالمية متعددة الأقطاب الجديدة، وانما حافظت على عقلية وخطاب وأفعال تتميز بالغطرسة المفرطة، كما هو معتاد. كما أن هذه النخب حافظت على مواجهة المؤسسة الأنغلو ساكسونية، من خلال الاستمرار في غض الطرف عن جميع الحيل القذرة التي تتم ممارستها ضد المصالح الفرنسية من قبل الحلفاء في واشنطن ولندن، في أماكن مختلفة حول العالم.
وبينما يدحض الإليزيه ووزارة الخارجية التطلعات الشعبية الإفريقية الجماهيرية،ويستمران في إطلاق اتهامات باطلة ضد موسكو أو بكين أو طهران-بهدف تبرير الإخفاقات التي عانيا منها -تتخذ واشنطن ولندن الآن إجراءات علنية تقريباً من أجل ضرب “الحليف” الفرنسي الفقير والمطيع للغاية، وقد أشارت صحيفة “كونتيننتال أوبزرفر” إلى هذا الأمر في مقالات تحليلية سابقة، لافتة إلى أن الحليف الرئيسي (أو بالأحرى القائد الأعلى) لباريس، مثل المحور الأنغلو ساكسوني، كان يحاول ركوب الموجة السيادية والعمومية الأفريقية، بما في ذلك استئناف الخطاب الإنتقادي ضد سياسة فرنسا في أفريقيا، بل ومضت أبعد من ذلك من خلال ضم توغو والغابون إلى الكومنولث المعادل الاستعماري البريطاني (الجديد) للفرنسية الإفريقية.
وفي هذا السياق، تقول “قناة فرانس 24″ – أحد الأصوات الرئيسية للدعاية- إنه رغم عدم وجود علاقات تاريخية بين البلدين، إلا أن توغو والغابون انضمتا إلى دول الكومنولث،المكونة أساساً من المستعمرات البريطانية السابقة” ما يعكس علاقة المهيمن والمسيطر بين محور واشنطن / لندن وباريس. وهنا يتساءل المحللون الفرنسيون عما يمكن أن يفعله الإليزيه ووزارة الخارجية كرد فعل على هذا الأمر ليؤكدان أنهما سيبتلعان هذه المرارة وخيبة الأمل التي لا تعد ولا تحصى كما جرت العادة.
من جهة أخرى، يؤكد التعثر المتضاعف في المحور الغربي أن الغرب الجماعي بعيد كل البعد عن الاتحاد لتشكيل جبهة مشتركة على المسرح العبثي لدعم نظام كييف، وفي معارضة الاعتراف بالنظام متعدد الأقطاب الذي أعلنت عنه روسيا والصين وكل الدول الحرة والسيادية الأخرى. كما أن حقيقة أن المحور الأنغلو ساكسوني يحاول استعادة السيطرة من خلال الزحف على المصالح الفرنسية في أفريقيا تؤكد أن المؤسسة الغربية تدرك تماماً الصعوبات التي تواجهها في القارة، وبشكل عام على المستوى الدولي، بما في ذلك رفض الدول الأفريقية، على الرغم من تعرضها لضغوط كبيرة من قبل هذا الغرب، لإتباع حقده والهستيريا المعادية للروس.
بكل الأحوال، إذا غير بعض الممثلين الموالين للغرب من أفريقيا مسارهم، وانتقلوا من باريس إلى واشنطن – لندن، فهذا بعيد جداً عن المجتمع المدني الأفريقي الذي يرى جزء كبير منه أن كل الغرب الجماعي يشكل التهديد الرئيسي للتحرر الكامل والتنمية لبلدانهم ولأفريقيا ككل.
وبنفس الطريقة التي عانت بها فرنسا من غضب ملايين الأفارقة، من المرجح أن يعاني الكومنولث أو أي عملية احتيال غربية أخرى من نفس المصير. وبحسب المحللين، بات الجميع يدركون أن المؤسسة الغربية، الشديدة الدهاء والمكر كما هو الحال في حالة الأنغلو سكسونية على وجه الخصوص، هي بالفعل هدف يجب القضاء عليه.