أخبارصحيفة البعث

الخارجية الروسية: المواجهة المحتملة بين بكين وواشنطن ستؤدّي إلى تدهور الاقتصاد العالمي

البعث – وكالات 

التعاطي الأمريكي مع كل من روسيا والصين لا ينمّ في حقيقة الأمر عن فهم واقعي للوضع الاقتصادي لكلا البلدين، وإنما يشير إلى تخبّط واضح ناتج عن الشعور المتزايد لدى واشنطن أنه لم يعُد بإمكانها وقف تطوّرهما، فهي تعتقد أنها بالدعاية وحدها تستطيع هزيمة هذين الخصمين أو إلحاق الضرر بمصالحهما، ولكن على ما يبدو لن تفلح في احتواء الصين عبر تايوان، كما أنها لن تتمكّن من هزيمة روسيا استراتيجياً عبر أوكرانيا، لأن التداعيات الاقتصادية الخطيرة لهذه السياسات بدأت في الارتداد عكسياً إلى الاقتصاد الأمريكي ذاته، بعد أن فعلت فعلها في الاقتصاد الأوروبي.

وفي هذا الإطار، أكد مدير إدارة التعاون الاقتصادي بالخارجية الروسية ديمتري بيريشيفسكي أن المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان ستؤدّي حتماً إلى تدهور الوضع في الاقتصاد.

ونقل موقع روسيا اليوم عن بيريشيفسكي قوله اليوم: إن الولايات المتحدة ستواجه نتيجة لذلك فتراتٍ عصيبة، مضيفاً: إذا رغب الأمريكيون في مواجهة جدية مع الصين فإن الوضع الاقتصادي سيتدهور وسيصبح حتماً أسوأ لأن الصين قوة اقتصادية عالمية يمكن مقارنتها بالاقتصاد الأمريكي.

وتصاعد التوتر بين واشنطن وبكين إثر الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان مطلع الشهر الحالي رغم تحذيرات الصين الشديدة اللهجة من تداعيات تلك الزيارة على العلاقات بين البلدين.

إلى ذلك وبخصوص العلاقات التجارية الروسية الصينية، أشار بيريشيفسكي إلى أن حجم التجارة بين روسيا والصين ينمو بوتيرة هائلة هذا العام.

وقال بيريشيفسكي: لقد قمنا ببناء نظام شامل للعلاقات الثنائية على مختلف المستويات من الأعلى وحتى المستويات الإقليمية في مختلف المجالات والقطاعات، وبلغ حجم التعاملات التجارية بين البلدين خلال عام 2021 نحو 140 مليار دولار، أما في هذا العام فإنه ينمو بوتيرة هائلة.

وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ حدّدا هدفاً هو مضاعفة حجم التجارة بين البلدين ليصل إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2024.

من جهة أخرى، اعتبر بيريشيفسكي أن العقوبات الغربية على بلاده لم تتمكن من خنق الاقتصاد الروسي، مشيراً إلى أن رجال الأعمال الروس يعثرون على مخرج من الوضع الذي نجم عن العقوبات الغربية ضد روسيا ويعثرون على طرق تسمح لهم بالتجارة مع الشركاء الأجانب.

وقال بيريشيفسكي: في ظروف مثل هذه المواجهة الجدية مع الغرب تتغيّر أشكال تعاوننا مع دول أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل طبيعي من أجل التكيف بشكل فعّال مع هذه القيود، حيث توجد دائماً طريقة للخروج من الموقف بغض النظر عن الطريقة التي يعتقد الزملاء والشركاء في الغرب أنها تسمح لهم بخنق الاقتصاد الروسي أو الحدّ من علاقاتنا مع أولئك الذين يريدون التعاون معنا.

وفي السياق ذاته أيضاً، قال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين: إن العقوبات ضد روسيا كما اتضح لم تكن فعّالة وارتدّت لتضرب الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

ونقلت وكالة نوفوستي عن فولودين قوله في تصريح اليوم: “تبيّن أن العقوبات الغربية ضد روسيا لم تتسبّب بالضرر الذي توقعته واشنطن وبروكسل للاقتصاد الروسي.. على العكس ارتدّت هذه العقوبات على من وضعها وأصابت بشكل مؤلم اقتصاد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”، مشدّداً على أنه من المستحيل استمرار تطوّر الاقتصاد العالمي دون روسيا وبمعزل عنها.

وتابع فولودين: “يقوم الاقتصاديون الأجانب بمراجعة تقديراتهم للناتج المحلي الإجمالي لروسيا لهذا العام، وبرأيهم سيكون الهبوط أقل بمقدار الثلثين تقريباً مما كان متوقعاً في السابق”، مشيراً إلى أنه بعد الحزم الثلاث الأولى من العقوبات المناهضة لروسيا توقع الخبراء انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة أكثر من 12 بالمئة، لكن هذه التوقعات تقف حالياً عند مستوى 4.7 بالمئة.

وأوضح فولودين أنه في الوقت نفسه الوضع المتعلق بالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عكس ذلك تماماً، حيث زاد المحللون من سلبية توقعاتهم مسجّلين انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي على مدى ربعين متتاليين من العام الجاري.

وفي سياق متصل بالعقوبات، دعا رئيس لجنة الطاقة في البوندستاغ الألماني كلاوس إرنست إلى عودة التفاوض مع روسيا بشأن خط أنابيب (السيل الشمالي 2) واصفاً العقوبات الغربية ضدها بالخاطئة.

وشدّد إرنست في مقال بصحيفة برلينر تسايتونغ على ضرورة إطلاق (السيل الشمالي 2) من أجل منع برد فصل الخريف والشتاء في ألمانيا نظراً لأن محاولات استبدال النفط والغاز من روسيا بإمدادات من دول أخرى مُنيت بالفشل وفي أحسن الأحوال ستكون عمليات التسليم الأولى في عام 2024 وهناك عواقب وخيمة على القوى العاملة والصناعة، بينما يحتدم الجدل حول أوقات تشغيل محطات الطاقة النووية أو إعادة تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم حيث لا يمكن أن تحلّ هذه الطاقة محل موارد الطاقة الروسية.

وقال إرنست: “لقد ثبت أنه من الغباء السياسي كسر المعاهدات مع روسيا من خلال العقوبات، وأن ألمانيا سوف تحتاج إلى الوقود الأحفوري بأسعار معقولة لفترة طويلة قادمة، ويمكن أن يؤدّي الاتفاق معها إلى استقرار إمدادات الطاقة بسرعة وزيادة العرض، وبالتالي يؤدّي إلى انخفاض أسعارها وهو ما من شأنه أن يقي ألمانيا برد الشتاء المقبل”.

وأكد أن عقوبات الطاقة ضد روسيا كانت خطأ فادحاً وستؤدّي إلى حدوث ركود كبير وتهديد لإمدادات الطاقة لأكبر اقتصاد في أوروبا.