خلافات اللاعبين أخطر العوامل لنهاية أي فريق.. نجوم المال في كرة القدم بدؤوا بالسقوط
البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر
كلنا نذكر مشكلة شارة الكابتن التي أفسدت أجواء منتخبنا في البطولة الآسيوية الأخيرة في الإمارات، وقتها أثرت هذه الحادثة بشكل مباشر على تكاتف اللاعبين الذين ضلّوا هدفهم وأصبح همهم نجوميتهم وكأن ما قدموه هو تَفضلٌ على الشارع الرياضي، وبعد أن خرجنا خاسرين وانتهاء معضلة قائد الفريق، نالهم ما نالهم من انتقاد وهجوم وأن التواجد في المنتخب هو شرف يجب أن يكونوا على قدره وأن تحقيق النجاح وإسعاد الجماهير هو الأولوية الأولى والأخيرة، وكان عليهم التعالي عن مسألة تحلّ بقرار حكيم، واليوم مع انشغال الصحافة العالمية بأزمة نجمي فريق باريس سان جيرمان الفرنسي البرازيلي نيمار دا سيلفا والفرنسي كيليان مبابي، نتساءل حول تأثير هذه الخلافات على مستوى الفريق وأدائه! فهي ليست محصورة ببلدان متخلفة في كرة القدم أو لها علاقة بالأموال والدعاية، وإنما متعلقة بالحالة المزاجية وظروف استثنائية والغيرة والغرور وإثبات الذات.
ففي الخلاف بين مبابي ونيمار تدل بعض المؤشرات إلى دخول علاقة الثنائي في النفق المظلم في الفترة القادمة من الموسم الحالي، حيث بدأت الأزمة بين نيمار ومبابي أثناء مواجهة مونيلييه في الأسبوع الثاني من الدوري الفرنسي، على تنفيذ ركلة الجزاء الثانية فقد طلب البرازيلي تسديدها بعد نقاش بينهما خاصة بعد إهدار مبابي لركلة جزاء في الشوط الأول، وامتدّ الخلاف بحسب الصحف الفرنسية إلى غرفة تغيير الملابس، وزاد نيمار الطين بلة بضغطه زر الإعجاب على عدة منشورات عبر المنصات الاجتماعية تنتقد زميله الفرنسي.
توتر العلاقة كان واضحاً هذه المرة، وهو الأمر الذي يرجح أن موسم باريس سان جيرمان الحالي لن يكون طبيعياً، وبالتالي لن يحظى المدرب الجديد كريستوف غالتييه بتركيبة “متوازنة” كما كان يأمل، ولو أن الإدارة القطرية نفذت ما كانت تريد فعله بإخراج نيمار من الفريق ربما لم يحدث أي من هذا الجدل، فما أغضب مبابي هو تقدير لاعبي الفريق لنيمار، حيث يحظى البرازيلي باحترام معظم الأسماء في النادي، ويشيرون إليه باعتباره القائد الفني في غرفة خلع الملابس، حتى لو لم يكن يضع شارة الكابتن التي يحملها المدافع ماركينيوس.
وفي هذا السياق نجد أهمية الاستقرار النفسي للاعبين وانعكاسه مباشرةً على أدائهم ونتائج الفريق، حيث أصبحت الصحة النفسية لاعباً رئيساً في تعزيز الأداء الاحترافي للاعب خلال المنافسات والتدريبات، ورغم أنها عنصر جديد في المنظومة الرياضية، ولكنها باتت جزءاً مهماً وضرورياً، ومساعداً قوياً للاعب لمواجهة الإخفاقات والإصابات وضغوط المجتمع، لذا بات وجود معد نفسي، أصبح ضرورة في المنتخبات الساعية لتحقيق الإنجازات، لأنها عامل مساعد مهم على تجاوز اللاعبين، وتعاملهم مع ضغوط وإخفاقات المنافسة، ويوضح دانييل ميميرت من كلية الرياضة بمدينة كولونيا الألمانية، ذلك بقوله: “نعتقد بأنه يتم حسم الأمور في بعض الرياضات اعتماداً على عوامل أخرى بعيدة عن القوة البدنية”.
وبحسب ميميرت، اللاعب مرتاح البال يقدم أداءً أفضل مقارنة بمن يمر بحالة تذمر عميقة أو يكون في محيط لا يشعر فيه بالارتياح، فعندما يعرف المرء بأن اللاعب يحب أن يكون في وسط عائلته وأن ذلك يعطيه القوة، لن يكون مفيداً أو صحيحاً جمع كل اللاعبين بالفندق في ليلة ما قبل المباراة، لأن الطاقة البشرية في نهاية الأمر هي التي يتم الاعتماد عليها أثناء اللعب، ولهذا السبب، يجب بذل كل جهد من أجل خلق محيط ملائم للرياضي يشعر فيه بالارتياح ويمكّنه من بذل أفضل مجهود لديه.
وفي مثالنا أثر عدم انتقال نيمار وشعبيته على زيادة حساسية مبابي الذي وعد أثناء تجديده عقده بأن يكون له اليد الطولى في كل ما تقوم به إدارة النادي الباريسي من انتقالات، أما في منتخبنا فكان سوء الإدارة وإعطاء لاعبينا حجما ًأكبر مما يستحقونه.
وفي الحديث عن العوامل النفسية وتأثيرها، لابد من التطرق إلى لغة الجسد التي حيث تُظهر الدراسات الحديثة أن لها تأثيراً على الفريق الخصم وعلى الزملاء في نفس الفريق، وهذا مهم بشكل خاص أثناء ركلات الجزاء أو الركلات الحرة، فعندما يواجه اللاعب المكلف بتسديد ركلة الجزاء حارس المرمى بصدر واسع، فإن ذلك يولّد لدى حارس المرمى الشعور بأن اللاعب يريد تسجيل الهدف وأن الركلة ستكون جيدة ولن يتمكن على الأرجح من التصدي لها، خلافاً لوقفة لاعب تكون أكتافه منحنية في مواجهة حارس المرمى، فهم حينئذ يربطون تلك الهيئة بالضعف ويكون لديهم شعور بأنهم سيصدون الركلة.
ويعتبر النجم البرتغالي رونالدو من اللاعبين الذين يوظفون لغة الجسد باحتراف داخل الملعب، فهو ينفذ الضربات الحرة بطاقة وتركيز عاليين، وهذه هي الطريقة الصحيحة، حسب ما اكتشف العلماء، ذلك أن لغة الجسد الإيجابية التي تقترن بحركات يتم تكرارها باستمرار تعتبر أحد طرق تحسين الأداء.
وإذا أردنا إسقاط ما ذكر على منتخباتنا وطالبنا اتحادنا باتخاذ التدابير التي تكفل عدم وقوع لاعبينا بظروف تؤدي إلى مشاكل نفسية وخلافات شخصية، سنكون بذلك نجري وراء سراب وحسب، فآخر اهتماماتنا حالياً الحالة النفسية في قائمة طويلة من الأولويات تبدأ بآليات تطوير اللاعبين وتحسين أداء الحكام وتأمين المتطلبات اللوجستية وغيرها الكثير.