مجلة البعث الأسبوعية

صفوح شغالة: لن ترتقي الأغنية السورية إلاّ إذا ارتقى المستمع!! 

“البعث الأسبوعية” ــ أمينة عباس

لُقّب بفينيق الأغنية السورية، ووصِفَت غنائياتُه بأنها عابرة للزمن، وحين لُقّب بشاعر حلب، قال: “حلب أكبر من شاعر واحد”.. يُعدّ صفوح شغالة من أهم شعراء الأغنية على الصعيد العربي، وفي رصيده أكثر من ألف وخمسمئة أغنية غنّاها عدد من المطربين السوريين والعرب، أمثال: جورج وسوف، شادي جميل، نوال الزغبي، فلة الجزائرية، نجوى كرم، عاصي الحلاني، ديانا حداد، لطيفة التونسية، وغيرهم. وقد حملت أغنياته ألحان كبار الموسيقيين العرب المعاصرين أمثال: صلاح الشرنوبي، شاكر الموجي من مصر وعماد شمس الدين ووسام الأمير وجورج مرديروسيان من لبنان، ونهاد نجار وفاروق الجزائري من سورية. ومن أشهر أغانيه: “شوفو بلدي” لميادة بسيليس، و”زورو سورية” لرويدة عطية، و”شهبا شو عملو فيكي” و”يلي تركت الوطن ورحت” لشادي جميل. ولديه مساهمة مع أغلب الفنانين الذي غنّوا في حلب، أمثال نهاد نجار وعبود بشير وشادي جميل وسمير جركس ومصطفى سرميني وحمام خيري ووضاح شبلي. وبعض أغانيه دخل التراث الحلبي، مثل “آهين يا حلب”، و”طول البنية”، و”قومو لنرقص عربية”، و”انسى غرامك راح” لشادي جميل. وهو يعتز بأغنية “يا سيد الأباة” التي أدتها المطربة السورية ريم مصطفى نصري، وهي من ألحان فاروق الجزائري، توزيع أنس نقشي.

 

متى قررتَ احتراف كتابة الأغاني؟ وماذا تغير فيك كشاعر في مرحلة الاحتراف؟

– بدأتُ كتابة الشعر الغنائي سنة 1986، واحترفتُ في العام نفسه، ومن يومها لا عمل لي سوى الكتابة.. ما تغير بي أني وجدتُ نفسي لم أعد شاعر فصحى يقلد المشاهير.

 

لماذا لُقّبت بشاعر حلب وقد تخطت أعمالك وشهرتك حدودها؟ وكيف نجحت في تخطي حدود المحلية إلى العربية؟

– إن كنتُ شاعر حلب فأنا شاعرها الغنائي.. كتبتُ عنها كمّاً أعجز عن حصره، وبعض ما كتبتُه عنها دخل ضمن تراث حلب الفني، أما الفصحى فهناك شعراء أجلاء على رأسهم أستاذنا محمد قجة، وهو من يستحق اللقب، أما تخطي حدود المحلية إلى العربية فكان نتيجة حب إثبات الذات والمثابرة والطموح.

 

هل تنتمي لمدرسة غنائية معينة؟ وما أبرز ما يميز مدرسة صفوح شغالة وتسعى لترسيخه من خلالها؟

– أنتمي لمدرستي، فمن خلال دراستي لمدارس الشعر الغنائي العربية، والتعرّف على أسباب نجاح شعرائها، استطعتُ أن أدمج مدارس عدّة مع بعضها لأكوّن مدرستي، والدليل أنني أكتب بأربع لهجات عربية بإتقان: الحلبية والبدوية والمصرية واللهجة البيضاء.. وهذه اللهجة هي عنوان مدرستي!

 

يقال أن الشعر وليد المواجع وتكثيف للكلام فهل تتحقق هذه المعادلة في شعرك الغنائي؟

– الشعر الغنائي يكتبه إنسان تنتابه حالات حزن وفرح، ويعبّر من خلاله عن مكنونات صدره، والأغنية مساحتها محدودة نظراً لقصر وقتها، ما يضطر الشاعر الغنائي إلى نظمها بأقل عدد من الكلمات، وهذا يعتمد على بلاغة الشاعر.

 

تحدث بعضهم عن تأثرك بقوافي أحمد رامي وبيرم التونسي فهل توافق على ذلك؟

– نعم، وبغيرهم، وهم كثر! وأشير إلى أن لكل شاعر كبير قوافٍ هو صاحبها، وقد سجلت باسمه كبراءة اختراع، ولكل شاعر أدوات، فالشعر امتداد موصول بما قبل، وإن لم يتأثر الشاعر بمن سبق فلن يكون شاعراً محترفاً، والاحتراف نوعان: احتراف هاوٍ، واحتراف محترف.

 

كان الفنان رفيق شكري يقول: “قصائدي الغنائية تحمل ألحانها معها” فهل يصح هذا الكلام على ما كتبتَه وتكتبه؟

– الشاعر الغنائي المحترف هو شاعر ونصف ملحن ونصف مطرب، بمعنى أنه شاعر يكتب على وزن، والوزن إيقاع، والإيقاع السليم يساعد الملحن على صياغة لحن لا اعوجاج فيه، والشاعر المحترف يؤدي هذا اللحن بشكل صحيح، وإن كان لا يملك صوت مطرب.. بالنسبة لي، فقد أسماني الملحن جورج مارديروسيان “جواهرجي”.

 

هل تنتهي علاقتك بالعمل حين يغنيه المطرب؟ وكيف هي علاقتك مع الملحن ومن ثم المطرب الذي سيغني ما كتبتَه؟

– نعم.. في حال لم يكن العمل من إنتاجي! أما حين أكون منتجاً، أو منفذاً للإنتاج، فأنا مسؤول عن العمل من الألف إلى الياء: الكلام، اللحن، التوزيع، الغناء، الكليب، الدعاية.. أحب العمل في جوّ من الحب والألفة، لأن الفن يحتاج لصفاء الذهن.

 

تعاونتَ مع الملحنين والفنانين اللبنانيين كثيراً.. أية خصوصية لهذا التعاون؟

– أسعدني الحظ أن تبدأ شهرتي من لبنان، وحين نقلتُ إقامتي إلى بيروت، عام 1996، كانت تعج بالمطربين والملحنين وشركات الإنتاج والإذاعات والمجلات الفنية الشهيرة. وبحق، أقول أن للبنان قصب السبق في صناعة نجوم الغناء، وله باع طويل في صناعة الأغنية، وفيه ملحنون محترفون وموزعون موسيقيون بارعون واستوديوهات حديثة وإعلام فني محترف وإنتاج سخي، ومن خصوصيات تعاوني مع الوسط الفني اللبناني أنه أعطاني جوازات عدّة، فكل أغنية شهيرة تهب صاحبها جواز سفر دبلوماسي.

 

تربطك علاقة قوية بالفنان جورج وسوف وقد منحتَه أغان حققت نجاحاً كبيراً؟ ماذا يميز هذه العلاقة بينكما؟

– جورج وسوف فنان كبير جداً يتقن اختيار أغنياته من كلمات وألحان وأداء، وقد تعاملتُ معه بأغنيتين هما: “طبيب جراح”، و”تخسر رهانك”، من ألحان الموسيقار شاكر الموجي، وتوزيع المايسترو طارق عاكف، ونفذ الإنتاج صاحب شركة “ريلاكس إن”، الأستاذ محمود موسى، وأهم ما يميز علاقتي بجورج وسوف هو الاحترام المتبادل.

 

كيف تفسر انتشار الأغنية الشبابية الهجينة في أوزان كلماتها وألحانها؟

– تغيرت أساليب صناعة الأغنية ما بعد الكمبيوتر، فسهولة تسجيل الأغنية، وقلة كلفتها، دفعت الكثير من الشباب إلى تسجيل أغنياتهم معتمدين على الأورغ والكمبيوتر فقط، واستسهال الكلمات والألحان، لذلك نسمع آلاف الأغاني سنوياً بأسماء مطربين لم نسمع بهم من قبل، وقد ساعد الانترنت في شهرة الكثيرين منهم، حيث لا توجد رقابةَ!!

 

تبدو دائم الكتابة وإنتاجك غزير.. هل تحولت الكتابة عندك لعادة يومية؟

– أعشق الكتابة مذ كنتُ طالب مرحلة ثانوية.. كنتُ أعشق مادة “التعبير”، وعلاماتي فيها تامة، ما لفت نظر أستاذ اللغة العربية، الشاعر ضياء الدين صابوني، الذي رعاني ودفعني لكتابة الشعر.. ومنذ ذاك الوقت أكتب، وقد اجتمعت بي خصلتان في الكتابة: العشق والتحدي، فأنا منذ أربعين سنة أجلس وراء مكتبي، وأكتب ما تيسر لي من أغنية، ومقال، وقصة قصيرة، واليوم الذي لا أكتب فيه لا يُحسَب من عمري، وهي عادة لا أرغب في التخلص منها.

 

متى ينطفئ الشعر الغنائي وتختنق كلماته عندك؟ وماذا يحتاج الشاعر الغنائي ليبقى قلبه وقلمه حيين؟

– لكل شاعر حالة ركود ضرورية للتجدد، فعندما أشعر بعدم الرغبة في الشعر أكتب في فنون أدبية أخرى، أما ما يحتاجه الشاعر فهو حبيب وخصم، فكلاهما يؤججان الرغبة في القول.

 

كيف تجد واقع الأغنية السورية؟ وكيف السبيل للارتقاء بمستواها؟

– واقع الأغنية السورية يحتاج إلى غرفة إنعاش معقمة، ونقل دم إيجابي.. لن ترتقي الأغنية السورية إلاّ إذا ارتقى المستمع في اختيار ما يسمع.

 

كيف انعكست الحرب على سورية على ما تكتبه؟

– الحرب مريرة، ولها آثار سلبية على المجتمع، والحرب على سورية امتدت سنوات طوال، وخلقت معاناة للجميع.. لقد تأثرتُ بها وكتبت الكثير عنها، وأعتقد أنني أرشفتُها يوماً بيوم، فالشاعر لسان قومه إن هبّوا هبّ.

 

ما هي الأغنية التي لها فضل في شهرتك محليا وعربياً؟

– أغنيات عدّة ساهمت في شهرتي، وهي تباعاً: “انسى غرامك” لشادي جميل، و”يا أهل العشق وأمانيه” لديانا حداد، و”ما اندم عليك” لنوال الزغبي من ألحان الموسيقار جورج مارديروسيان، و”طبيب جراح” لجورج وسوف وهي من ألحان الموسيقار شاكر الموجي.

 

مطرب تتمنى أن يغني من كلماتك؟

– كل مطرب يستطيع أن يخدم كلماتي.

 

ملحن تتمنى أن تتعاون معه؟

– كل ملحن موهوب وإن كان مغموراً.

 

تبدو مقصراً اتجاه الأطفال.. لماذا؟

– لأنني أصبحت جداً لحفيدين في وقت متأخر.