“قواعد” أمريكية للهيمنة
هناء شروف
بصفتها عضواً مؤسساً للأمم المتحدة والقوة العظمى الوحيدة في العالم، تضع الولايات المتحدة باستمرار قانونها المحلي فوق القانون الدولي، ولا تراعي القواعد الدولية إلا بالشكل الذي تراه مناسباً، وهذا أكبر ضرر تلحقه بالنظام الدولي.
إن ما يسمى بـ “النظام الدولي القائم على القواعد” للولايات المتحدة هو في الواقع مجموعة من القواعد التي وضعتها حفنة من الدول لخدمة المصالح الأنانية للولايات المتحدة في سعيها للهيمن، وخير مثال على ذلك ما قاله جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق بالبيت الأبيض، في مقابلة في وقت سابق، إنه ساعد في التخطيط لانقلابات في دول أجنبية، أي إن اعتراف بولتون يكشف وبلا خجل الضرر الذي تلحقه أمريكا بالنظام الدولي.
يطلق السياسيون الأمريكيون البارزون ما يسمى بـ “النظام الدولي القائم على القواعد” لغرض واحد، وهو التأكد من أن الولايات المتحدة يمكن أن تتدخل بسهولة في شؤون الدول الأخرى، وتطيح بحكوماتها بمحض إرادتها، أي أن هذا هو بالضبط نوع “القواعد” و “النظام” الذي يريدون الدفاع عنه.
لقد خلقت الولايات المتحدة لسنوات اضطرابات سياسية في أمريكا اللاتينية، ولعبت دوراً في ما يسمى “الربيع العربي”، وحرضت على ثورات ملونة في أوروبا وآسيا، وغزت وتدخلت عسكرياً في دول أخرى ما أسفر عن مقتل أكثر من 800 ألف شخص، وتحويل أكثر من 20 مليون إلى لاجئين في العراق وسورية وليبيا وأفغانستان. ومع ذلك لا تقول الولايات المتحدة الكثير عن عدد الأرواح البريئة التي فقدت وعدد العائلات التي تمزقت كثمن باهظ لهذا النظام الذي دافعت عنه.
في المقابل، لطالما كانت مسألة تايوان أهم قضية وأكثرها حساسية في قلب العلاقات الصينية الأمريكية، حيث نص البيان الصيني – الأمريكي المشترك حول إقامة العلاقات الدبلوماسية الذي نُشر في كانون الأول 1978 على ما يلي: “تعترف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالموقف الصيني المتمثل في أنه لا توجد سوى صين واحدة وتايوان جزء من الصين”.
ومع ذلك، خففت الولايات المتحدة إلى حد كبير القيود المفروضة على العلاقات الرسمية مع تايوان، وزادت الاتصالات العسكرية مع المنطقة كما يتضح من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان في وقت سابق من هذا الشهر، وتوالي الزيارات من مسؤولي الكونغرس، ما يعني أن انحراف الولايات المتحدة عن مبدأ صين واحدة سيؤثر بشكل كبير على الثقة المتبادلة بين البلدين.
إن مبدأ الصين الواحدة، الذي أعاد التأكيد عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758، هو جزء لا يتجزأ من النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو إجماع دولي راسخ، ومعيار أساسي مقبول على نطاق واسع في العلاقات الدولي، لكن من خلال انتهاك مبدأ الصين الواحدة تتحدى الولايات المتحدة أيضاً النظام الدولي بعد الحرب والذي سيواجه بالتأكيد معارضة واسعة من المجتمع الدولي.
زعم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في حزيران الماضي أنهم سعوا إلى بناء نظام غير كامل ولكنه ليبرالي، لكن بالنظر إلى أفعال الولايات المتحدة يتضح أنها ليست ليبرالية ولا نظامية، إنها الهيمنة والاستبداد والبلطجة ومحاولة من الولايات المتحدة وعدد قليل من الدول الأخرى لوضع قواعد تناسبها.