مجلة البعث الأسبوعية

المرسوم 13 يعيد الحياة إلى 900 محل تجاري في السوق المقبي بدير الزور

البعث الأسبوعية – وائل حميدي

حمل المرسوم 13 لعام 2022 الخاص بالأسواق القديمة والتراثية في محافظات حلب وحمص ودير الزور حزمة واسعة من التسهيلات والإعفاءات التي توفر بيئة داعمة  لأصحاب الفعاليات الاقتصادية بجميع أشكالها داخل المدينة القديمة في المحافظات المذكورة لتشمل تلك التسهيلات الورش والمحال التجارية والمنازل السكنية وليعفي المنشآت والمكلفين وأصحاب الفعاليات الاقتصادية من جميع الضرائب والرسوم المالية والمحلية التي تشمل أعمال الترميم وإعادة التأهيل وإلغاء الضرائب والرسوم المالية المترتبة على الأرباح الناجمة عن ممارسة المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية داخل المدينة القديمة، إضافة للإعفاء من ضريبه الدخل على كل المستحقات المالية للعاملين حتى نهايه 2027، وطوى جميع المطالبات المالية والرسوم وبدلات الخدمات ومتمماتها المترتبة، وعلى المكلفين وأصحاب الفعاليات الاقتصادية داخل المدينة القديمة وما إلى ذلك من تسهيلات ومزايا خاصة بالمرسوم المذكور الذي يمكن وصفه باختصار بأنه المرسوم الذي عفا عن الماضي وقدم اعفاءات للمستقبل.

رئيس غرفه تجارة دير الزور لؤي محيميد أشار في تصريح له إلى الضرر الكبير الذي لحق بالسوق القديمة أو ما يسمى بالسوق المقبي وبأن مرحلة إعادة تأهيله بدأت منذ عام مع الحرص الشديد الحفاظ على طابعه التراثي وذلك بالتعاون بين الغرفة وأمانة المحافظة ومجلس المدينة ومنظمه UNDP، وأضاف  إلى أن المرسوم 13 لهذا العام يعتبر مكرمة عظيمة من قائد الوطن، وحمل في تفاصيله ما فاق كل التوقعات لينعكس هذا بالايجابية المباشرة على واقع عملنا في السوق المقبي  الذي يحتوي على سبعة أسواق وثلاثة خانات وبوابة عثمانية والأسواق المذكورة تعد من أقدم وأعرق الأسواق تراثياً، وتقع في قلب مدينة دير الزور تماماً ويعود تاريخ بنائها لعام 1865 وخرجت عن الخدمة بالكامل عام 2011 ورغم عملنا الذي بدأ منذ عام في إعادة الترميم إلا أن المرسوم 13 كان حافزاً كبيراً لأصحاب المحال التجارية العودة لممارسة تجارتهم ومهنهم في السوق المذكور، حيث راجعنا خلال مدة ما بعد صدور المرسوم الكثير من أصحاب المحال وجميعهم أبدوا الرغبة الشديدة لعودة تفعيل محالهم التجارية وممارسة مهنهم فيها من جديد بالاستفادة من تفاصيل المرسوم وما احتواه من تفاصيل تحفيزية كريمة لم تعد خافية على أحد، وخير دليل ما شاهده مجلس مدينة دير الزور مؤخراً من مراجعات يومية من قبل أصحاب المحال الذين وصل الأمر ببعضهم مواكبة ومتابعه عملنا في الأسواق ونحن في مرحلة إعادة التأهيل والترميم.

محيميد تحدث عن  حجم الدمار الذي لحق بالسوق المقبي وهذا ما ضاعف من مهمة العمل التي بدأت من البنى التحتية وأهمها الصرف الصحي والمياه والكهرباء ويتبع ذلك مرحله مهمة وهي تشكيل لجنة مشتركه من غرفة تجارة دير الزور وأمانة المحافظة ومجلس المدينة فيها ومديرية الآثار والمتاحف ونقابه المهندسين والمجتمع المحلي وهذه اللجنة شكلت ما يشبه غرفة عمليات اتخذت على عاتقها التمركز في السوق المقبي خلال ساعات العمل بالكامل لتقوم بعملية توثيق كافة مراحل إعادة التأهيل ومراقبة العمل ليكون في مساره الصحيح، ولابد هنا من ذكر مكرمة السيد الرئيس لأبناء محافظه دير الزور الخاصة بعمليه التسوية والمصالحة وهذا ما فتح المجال لعوده الآلاف إلى مدنهم وقراهم وهو ما ينعكس إيجاباً في عودة البعض إلى السوق المقبي الذي سيمنح مئات من فرص العمل ليكون بذلك باباً جديدا لمزيد من الاستثمار والعمل وتشغيل الأيادي المهنية.

رئيس الغرفة تحدث أيضاً بأن العمل مستمر بتأهيل السوق المقبي بالتعاون مع منظمه undp ومجلس مدينة دير الزور ومديرية الآثار من خلال تنظيف السوق وترحيل الأنقاض مع الحرص الشديد على فرز الأحجار التي سيكون لإعادتها إلى أماكنها الأساسية إعادة الشكل التراثي للأسواق إلى ما كانت عليه، حيث بدأ العمل منذ شهرين بعد أن قامت مديرية الآثار والمتاحف بتأهيل وتدريب 45 عاملاً بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لنبدأ بعدها عملية الترميم وهي مرحلة ما بعد إعداد الدراسة الهندسية الخاصة به.

مدير الآثار والمتاحف في دير الزور أحمد الصالح أشار بدوره إلى أن السوق المقبي بمدينة دير الزور يتألف من سوق عكاظ والخشابة والقصابين والعطارين والحبال والتجار وسوق خلوف، وتضم مهن كثيرة أهمها التراثية التي يتم العمل حالياً من خلال افتتاح دورات مهنية بالتعاون مع شيوخ الكار، مشيراً إلى وجود ثلاث خانات في السوق المقبي وهي خان الجوزه والخابور وخان الخشب كما يوجد بوابة شهيرة في المدخل الشرقي للسوق والمعرفة باسم البوابة العثمانية.

وأنهى صالح حديثه بأن الدمار الذي لحق بالسوق هو دمار النسبي ومتفاوت بمعنى أن بعض أجزاء السوق بحالة فنيه لا بأس بها، وأخرى بحالة الدمار الكامل، لذا لن ندخل عملية الدراسة إلا بعد الانتهاء من عملية التنظيف الدقيقة، وينحصر دور دائرة الآثار بالإشراف على عملية التنظيف ونقل الحجر بالكامل وفرز التراثي منه والذي يعطي السوق طابعه التاريخي والتركيز على إعادة الأقواس خلال مرحلة البناء المستقبلية إلى ما كانت عليه بما في ذلك العضائد والأعمدة باللجوء إلى منهجيه ترقيم الحجر.

 

“البعث الأسبوعية ” التقت مع بعض أصحاب المحال التجارية في السوق المقبي ممن اتخذوا القرار بالعودة مره أخرى إلى محالهم والبدء بممارسة مهنهم.

يقول التاجر حسُّون الأحمد بأن تفاصيل المرسوم وما منحه من إعفاءات تشجيعية كريمة  حدا به فوراً إلى اتخاذ القرار بالعودة إلى محله على أمل الانتهاء من ترميم السوق قريباً والبدء بالعمل من جديد بمحله المختص ببيع الأدوات الفلاحية في سوق الحبال.

فيما أشار التاجر عمر الهلاط إلى  أنه ترك محله في سوق القصابين عام 2011 بعد أن تداعت الظروف الأمنية في المكان، وقرر أخيراً تحقيق حلمه بالعودة بعد أن منحهم السيد الرئيس المرسوم الذي شجعهم للعودة والذي فتح لهم الباب على مصراعيه لممارسه عملهم من جديد.

ويضيف الهلاط بأن تاريخ العلاقة الوجدانية بين أصحاب المحال وبين السوق المقبي لا يمكن نسيانه وبأن مرحلة العودة التي بدأت فعلياً مؤخراً هي من أجمل المراحل التي يمكن أن يشهدها السوق المقبي نظراً لاحتوائه على 900 محلاً يأمل بعد صدور مرسوم السيد الرئيس رقم 13 أن تعود تلك المحال إلى سابق عهدها المهني.

المهني عبد اللطيف الفيصل يقول بدأ والدي من هذا المحل مشيراً إلى محله التجاري بصنع المعدات الخشبية المنزلية التراثية، وتوارثنا المهنة منه، وقبيل بدء الحرب اللينة على سوريا علمتُ المهنة لأبنائي، وعلى الرغم من عدم تواجدهم جميعاً في دير الزور إلا أنني سأقوم بافتتاح محلي من جديد وممارسه المهنة بالاستعانة بمن هنا منهم، إضافة إلى المهنيين الذين تم تأهيلهم مؤخراً حسب ما سمعنا.

وينهي التاجر حسن علاوي حديثه بأن السوق المقبي هو الامتداد الجغرافي لغالبية الأسواق الحديثة في المدينة فهو يتوسط الشارع العام وشارع حسن الطه وشارع ستة إلا ربع وامتداد لشارع سينما فؤاد وامتداد إلى سوق شواخ ما يعني أن عوده الحياة إلى هذه السوق تعني عودة الحياة إلى محيطه وبالتالي ستمتد الحياة الى أماكن كثيرة ضمن المدينة التي تم تحريرها على يد أبطال الجيش العربي السوري.