أخبارصحيفة البعث

السويد: صراع حادّ بين اليمين المتطرّف واليسار على الفوز بمقاعد البرلمان

تقرير إخباري:

في سياق مناخ من القلق العام يسود الشارع الأوروبي من نموّ متزايد لنفوذ اليمين المتطرّف على خلفية قضايا أساسية كالتضخم والجريمة والموقف من روسيا، حيث بدأت التداعيات الكارثية للعقوبات المفروضة على موسكو تؤثر في جميع مناحي الحياة، يتوجّه السويديون، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد، في انتخابات تشريعية، وسط سيناريو غير مسبوق سيشهد إما قيام حكومة مدعومة من اليمين المتطرف وإما فوز اليسار بولاية ثالثة.

ودُعي حوالي 7,5 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم، غير أن عملية الاقتراع بدأت إذ تسمح السويد بالتصويت مسبقاً.

ولم يسبق أن وردت إمكانية تولّي اليمين التقليدي الحكم في البلاد، سواء بدعم مباشر أم غير مباشر من حزب “ديموقراطيي السويد”.

وبعدما ظل اليمين فترة طويلة منبوذاً على الساحة السياسية، تتوقّع استطلاعات للرأي لهذا الحزب القومي والمعادي للهجرة أن يحلّ لأول مرة في تاريخه في المرتبة الثانية، ما سيجعل منه القوة الأولى في كتلة جديدة تضم كل التشكيلات اليمينية.

وقد هيمنت على الحملة الانتخابية مواضيع تدعم حظوظ المعارضة اليمينية، كالإجرام وتسوية الحسابات الدامية بين العصابات، ومشكلات اندماج المهاجرين، والزيادة الحادة في فواتير الوقود والكهرباء وغيرها.

غير أنّ شعبية رئيسة الوزراء الاشتراكية الديموقراطية المنتهية ولايتها ماغدالينا أندرسون التي تتفوّق على خصمها المحافظ أولف كريسترسون من حيث نسبة الثقة، وتخوّف الناخبين الوسطيين من اليمين المتطرّف، عاملان يلعبان لمصلحة اليسار.

وقالت أندرسون، أمس السبت، في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية: “إنه سباق يشهد منافسة شديدة للغاية”.

وأضافت: “بالطبع أخشى قيام حكومة تعتمد بشكل تام على ديموقراطيي السويد بصفتهم الحزب الأول في الحكومة أو الداعم الأول لها، وستكون لدينا سويد مختلفة لأربع سنوات”.

ووصلت أندرسون، أول امرأة تتولّى رئاسة الحكومة في السويد، إلى السلطة في تشرين الثاني 2021 خلفاً لستيفان لورفن، وخلال 10 أشهر في السلطة، تمكّنت وزيرة المال السابقة وبطلة السباحة من كسب ثقة الشعب.

وفيما كان انضمام البلاد إلى حلف شمالي الأطلسي (ناتو) خطاً أحمر حتى الآن، تمكّنت أندرسون من إقناع معسكرها بأنّ “العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تبرّر تسريع ترشيح السويد”، التي كانت بمنأى عن التحالفات العسكرية منذ قرنين.

وتشير معاهد استطلاعات الرأي الخمسة في آخر توقعاتها إلى تقدّم طفيف لمعسكر أحمر-أخضر، غير أنّ كل النسب الواردة تبقى ضمن هامش الخطأ بعد اشتداد المنافسة وتقلص الفارق إلى حدّ كبير في الأسبوعين الماضيين.

وتتوقع آخر الأرقام فوز التكتل اليساري بقيادة الاشتراكيين الديموقراطيين، الحزب الأول في السويد منذ الثلاثينيات، وبدعم متوقع من الخضر وحزب اليسار وحزب الوسط، بنسبة أصوات تتراوح بين 49,6% و51,6%.

أما تكتل اليمين الذي يضم ديموقراطيي السويد وحزب المعتدلين (محافظ) والحزب المسيحي الديموقراطي والحزب الليبرالي، فيتراوح التأييد له بين 47,6% و49,4%.

وفي الأسبوعين الأخيرين من الحملة، تخطّى حزب ديموقراطيي السويد بقيادة زعيمه جيمي أكيسون لخامس انتخابات على التوالي، المعتدلين في استطلاعات الرأي بإحرازه حسب استطلاعات الرأي 16 إلى 19% من التأييد، ما يتخطّى النسبة القياسية التي حققها عام 2018 وبلغت 17,5%.

أما المعتدلون الذين خاضوا ثاني انتخابات بقيادة زعيمهم أولف كريسترسون، فتراجعت نيّات الأصوات لهم حتى 16 إلى 18% حسب آخر استطلاعات للرأي.

ويعود منصب رئاسة الحكومة تقليدياً في السويد إلى الحزب الأول في التحالف المنتصر، لكن أحزاب اليمين التقليدي تعارض تعيين وزراء من ديموقراطيي السويد، وستعارض بشدة أكبر تولّيهم رئاسة الوزراء.

أما من جانب اليسار، فيخيّم الغموض أيضاً على تشكيلة الحكومة الجديدة التي قد تنبثق عنه، إذ يعارض كل من حزب اليسار وحزب الوسط أن يحظى الطرف الآخر بنفوذ كبير.

غير أن خبراء السياسة يستبعدون قيام أزمة سياسية شبيهة بالأزمة التي تلت انتخابات 2018، حين جرت مفاوضات شاقة استمرّت أربعة أشهر لتشكيل الحكومة، إذ إن المعسكرين واضحان هذه المرة.

وسيفتح فوز اليمين بدعم من اليمين المتطرّف مرحلة سياسية جديدة في السويد، في وقت تستعدّ فيه البلاد لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من كانون الثاني المقبل، ولإنجاز آلية ترشيحها التاريخي للانضمام إلى الحلف الأطلسي.

وفي حال حقق اليسار فوزاً جديداً، فسوف يُسقط ذلك استراتيجية التقارب بين اليمين وديموقراطيي السويد، ويقطع الطريق أمام وصولهما إلى السلطة.

وتهدف الانتخابات التي تعتمد النسبية إلى منح 349 مقعداً بالإجمال، ووحدها الأحزاب التي تحقق أكثر من 4% من الأصوات تحصل على مقاعد.

ويتطلب تعيين رئيس للوزراء حصوله على أغلبية مطلقة من الأصوات المؤيّدة، بشرط ألا يصل عدد المعارضين له إلى 145 صوتاً.

غير أن الموقف من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا والتداعيات السلبية لهذه العقوبات يمكن أن يكون عاملاً مؤثراً في مزاج الناخبين، حيث تزداد في الشارع الأوروبي، وخاصة في اليمين، الدعوات إلى حوار مع روسيا للتخفيف من الآثار الكارثية لأزمة الطاقة وخاصة أن الدول الأوروبية مجتمعة تقف على أعتاب فصل شتاء قاسٍ، وخاصة السويد التي تقع في أعالي القارة العجوز.

ميادة حسن