مجلة البعث الأسبوعية

الإعداد البدني للرياضيين أحد ركائز الإنجازات وخاصة في عالم كرة القدم 

البعث الأسبوعية- سامر الخيّر

استطاع منتخبنا الشاب في كرة القدم التأهل لأول مرة منذ عشر سنوات إلى نهائيات كأس آسيا، ليقسم هذا الإنجاز الشارع الرياضي بين محتفٍ به كونه طال انتظاره وبين من رآه شيئاً عادياً نظرا ًلتاريخ مشاركاتنا القوي في البطولة الآسيوية في فئة الشباب، وبغض النظر ما فعله هؤلاء الشباب قياساً بالظروف التي أحيطت بهم وباستعدادهم يعدّ إنجازا ًبحدّ ذاته، ويرى كثيرون أن أحد أهم عوامل هذا الإنجاز هو اللياقة البدنية التي ظهر عليها اللاعبون والتي غطت في بعض الأحيان على الناحية الفنية وخاصة في المباريات القوية، وحتى نتعرف أكثر على أهمية الإعداد البدني ودوره في الرياضة بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص، أجرت “البعث الأسبوعية” حواراً خاصاً مع المعد البدني لمنتخبي الشباب والناشئين بكرة القدم الدكتور محمد السيد خليل، الذي أدخلنا على عالم الإعداد البدني ودوره في ترجيح الكفة في المواعيد الكبرى.

والبداية كانت مع التعريق به أكاديمياً، فهو مجموعة متكاملة من التمارين الرياضية المدروسة علمياً وتربوياً، وتهدف إلى رفع كفاءة الجسم الحركية والفيزيولوجية، ويُشرف عليها في العادة مدرب إعداد بدني مختص، وخاصة إذا كان الشخص لاعباً رياضياً، وذلك لضمان نجاحه في رياضته، ولتزداد مهارته فيها، فكلما زادت كفاءة الجسم، وزادت مقدرة المرء على التحكم بحركته ولياقته ازدادت مهارته الرياضية.

وبشكل عام تعتبر اللياقة البدنية القاعدة الواسعة والعمود الفقري لممارسة الأنشطة الرياضية في جميع المراحل العمرية والتي تنشق عنها اللياقة البدنية الخاصة التي تعنى بشكل الرياضة عند كل فرد من حيث الاتجاه للأداء والأجهزة العضوية المشاركة في الأداء لتحقيق إنجازات رياضية متقدمة، وتنقسم اللياقة البدنية إلى: قدرات بدنية-قدرات حركية، ويمكن التمييز بين القدرات البدنية والقدرات الحركية من منظور التعلم الحركي كالآتي:

القدرات البدنية:وتشمل القوة والتحمل والسرعة ومرونة المفاصل، وإن كافة هذه القدرات لها علاقة بالحالة البدنية بشكل أساس، فالسرعة لهاعلاقة بنوع الألياف العضلية، أما التحمل فله علاقة بالجهاز الدوري التنفسي في حين أن القوة لها علاقة بعدد الوحدات الحركية المستثارة والمقطع العرضي للعضلة، وأخيراً المرونة التي لها علاقة بمطاطية الأنسجة حول المفصل لتحديد المدى الحركي للمفصل.

القدرات الحركية :وتشمل الرشاقة والتوافق والدقة، ولا تعتمد هذه القدرات بشكل أساس على الحالة البدنية وإنما على السيطرة الحركية، التي تأتي من خلال قدرة الجهاز العصبي المركزي والمحيطي على إرسال إشارات دقيقة إلى العضلات لغرض إنجاز المهمة.

ويمكن التمييز بين القدرات الحركية والقدرات البدنية من خلال النقاط التالية:

اولاً: تقاس القدرات البدنية بكمية الحركة وعادة ما يعطي الشخص المفحوص أعلى إنجاز،  أما القدرات الحركية فإنها تقاس بنوعية الحركة وعادة ما يعطي الشخص المفحوص أدق المسارات حركية.

ثانياً: لكل قدرة بدنية خصوصيتها واستقلالها عن القدرات البدنية الأخرى، حيث أن لكل قدرة جهاز أو أجهزة مرتبطة ولذلك لايمكن التعميم، فلا يمكن أن نستدل من اختبار السرعة بأن ذلك الرياضي له مرونة أو تحمل، أما القدرات الحركية فإنها مرتبطة مع بعضها وتعمل تحت مظلة واحدة وجهاز واحد وهو السيطرة الحركية،و اختبار واحد لقابليات حركية يعطي مؤشرات واضحة حول القابليات الأخرى، لذلك تستخدم كافة المصادر اختبار الرشاقة فقط للتعبير عن القدرات الحركية الأخرى.

ثالثاً: من الناحية الإحصائية لو أردنا أن نختبر معامل الارتباط بين القدرات البدنية فيما بينها لوجدنا أن معاملات الارتباط ضعيفة، في حين أن معاملات الارتباط بين مجموعة الاختبارات الحركية تكون عالية.

رابعاً: لو لاحظنا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي (المتخلفون عقلياً) لوجدنا أنهم يتمتعون بالقدرات البدنية مثل الأسوياء ولكن قدراتهم الحركية تعاني من ضعف ومثال على ذلك نظرة واحدة إلى طريقة مشي وركض ذوي الاحتياجات الخاصة يوضح الصورة.

من كلام السيد أخذنا لمحة أكاديمية عن الإعداد البدني لكن هناك جانب آخر مهم جداً للياقة البدنية هو التخفيف من إصابات اللاعبين، فمع ازدياد وتيرة المباريات وقوة المنافسات وجود ودور مدرب الإعداد البدني مهماً جداً، ويعتبر ريال مدريد أفضل مثال لما نتكلم عنه فمنذ عدة مواسم رحل المعد البدني الإيطالي أنطونيو بينتوس عن النادي لمدة عامين ليعاني لاعبو الملكي العديد من المشاكل كتعرض 19 لاعباً في الفريق لحوالي 26 إصابة، وهو الأمر الذي تسبب بأزمة وقتها، ومع عودة المدرب زيدان طالب فوراً بإعادة التعاقد مع الإيطالي، الذي أصبح رئيس الإعداد البدني في جميع فرق كرة القدم بالنادي، وجميعاً يشاهد نتاج عمله مع اللاعبين الكبار في السن وعلى رأسهم لوكا مودريتش.

لكن هنا علينا توضيح عدة نقاط، أولها، تواجد مدرب اللياقة البدنية في الفريق يخفف من الإصابات، لأن الأمر لا يعتمد فقط على وجود هذا المدرب في الجهاز الفني، بل على العكس، يقوم على الأساليب المعتمدة في التدريبات، والتي تعتبر كفيلة بتحديد جاهزية اللاعب قبل وبعد الصحة التدريبية والمباراة، ولتوضيح ذلك أكثر، قبل انطلاق الموسم الكروي، يلتحق اللاعبون بصفوف أنديتهم بعد عطلة طويلة وأغلبهم غير جاهز بدنياً وربما نفسياً، وعليه العودة إلى حالته الفنية خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كحد أقصى قبل أول مباراة للفريق، لكن هذا الأمر يبدو مستحيلاً نظراً للضغط الكبير والوقت القليل، واخضاعه التدريبات القاسية من أجل إعادة تأهيله بسرعة تجعل عضلاته أكثر عرضة للإصابات بسبب كمية الضغوط المتراكمة عليه، وهنا يأتي دور المُعد البدني الذي يكشف على حالة كل لاعب ويعرف مدة جهوزيته الفنية وبالتالي يطلع المدرب على المعطيات التي بين يديه، وذلك من أجل تحديد نوع التدريبات التي يجب القيام بها في الأسابيع الثلاثة الأولى بهدف عودة اللاعب إلى الحالة الفنية المثالية بشكل تدريجي.

فهو يراقب الجانب الشكلي لكل لاعب (كيفية التحرك، الوقوف، السرعة، الركض وغيرها الكثير)، دون التدخل بطريقة تسجيل الأهداف أو تحركه على أرض الملعب حسب الخطة، إذ أن الأولوية بالنسبة للمُعد البدني هي رؤية مخطط حراري للاعب في التدريبات والمباريات، أي كأنه آلة توثق إحداثيات كل لاعب من تحرك العضلات مروراً بحركة الجسد وصولاً إلى القدرة والتحمل.

ويصاب معظم لاعبي كرة القدم في العالم نتيجة تحرك مفاجئ لتغيير مسار الاتجاه مع الكرة، لأن الضغط يتغير من دون سابق إنذار على القدم الممتدة من الفخذ حتى الكاحل، وعندما يقوم اللاعب بهذه العملية ويكون في موقع ضعيف وينفذ المهمة بشكل خاطئ فإن نسبة إصابته ترتفع كثيراً، ويمكن قياس الأمر نفسه عندما يتعرض لاعب لضربة من الخصم خلال الحركة نفسها، وذلك لأن القدم مثلاً تحتك بقدم أخرى تعكس الاتجاه الأساسي المنتظر، فتحدث الإصابة فوراً على مستوى القدم.

وأغلب المعدين يبدؤون بتعليم اللاعبين في الفريق كيفية التحرك بتنسيق وإيقاع ثابت خلال التدريبات والمباريات، ثم يعملون على زيادة التوازن والسرعة والاستقرار في كل حركة يقوم بها اللاعب على أرض الملعب.

كما يعلمون اللاعبين كيفية التفاعل مع كل حالة فنية خلال التدريب والمباراة، إضافة لتعليمهم كيفية التحرك مع الكرة، وأخيراً تعليمهم كيفية استخدام الطاقة في الوقت المناسب لكيلا تشكل خطراً على العضلات (إكثار أو تقليل)، وبالتالي الوصول إلى تقديم أعلى درجات اللياقة البدنية والأداء الكروي.