مجلة البعث الأسبوعية

بعض من صور الفبركة الإعلامية ضد روسيا

البعث الأسبوعية- محمد نادر العمري

انتهجت ماكينة الإعلام الأوكراني والغربي قبل بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، مساراً هدفه تقديم معلومات مغلوطة بهدف تشويه الحقائق والمعطيات لتشويه صورة الدولة الروسية عموماً، والرئيس فلاديمير بوتين بشكل خاص، حيث تجاهل هذا الإعلام لمدة خمسة أيام من كان يقصف إقليم دونباس، وأغمض عينيه عن حملة اللجوء الكبيرة التي أجبر عليها سكان الإقليم نحو روسيا، متغافلةً مراكز الإيواء التي افتتحتها موسكو وحجم ضحايا تلك الاعتداءات من نساء وأطفال ومدارس ومشافي.

وبالمعلومات، يمكن القول بأن مركز العمليات الإعلامية والنفسية التابع للجيش الأوكراني رقم 72 والكيانات المرتبطة به، وبتسهيل من وكالة الاستخبارات الأمريكية وجهاز المخابرات البريطاني المعروف (أم أي 5) قامت بشراء كميات مهولة غير طبيعية من مساحات الإعلان على الشبكة  العنكبوتية ولاسيما الفيسبوك واليوتيوب، وبشكل سريع يوحي بأنه محضر قبل ذلك بفترة زمنية ليست بالقصيرة، لتصدير أخبار ومقاطع تحمل عناوين تدور بين “بربرية الروس في أوكرانيا” و”قتل الروس للأبرياء الأوكرانيين”، وغير ذلك من هذه الصور والمقاطع المرئية والمسموعة، بحيث تظهر وجوهاً لنساء عليها دماء كثيفة نتيجة ما يروجون له بأنه ناجم عن “القصف الروسي” أو ” إعلان الطوارئ العسكرية في روسيا” أو”خسائر الجيش الروسي بالآلاف” و”إطلاق الرصاص على المدنيين” وغيرها من الخروقات المفتعلة إعلامياً هناك، وهو مايؤكد أن هناك توجه صارم لاتهام القوات الروسية بالتعرض للمدنيين و للتجمعات السكانية، مع العلم أن العملية العسكرية لا تسير بسرعة بسبب الحرص الروسي على حياة المدنيين وهو الذي اقترح فتح معابر إنسانية لإنقاذهم، في حين أن النازيون الجدد يتقصدون نشر دفاعاتهم والمدافع في محيط المباني السكنية أو بالقرب منها مباشرة وبجانب المدارس، وداخل الأحياء السكنية  ويتمركز جنودهم داخل المدارس في كافة المدن.

ومن العمليات المفبركة إعلامياً ضد روسيا، هو ما نشره النائب في المجلس الأعلى الأوكراني “إيغور موسيتشوك” في حسابه على الفيسبوك لمقطع فيديو، يدّعي فيه سقوط أكثر الطائرات الروسية تقدماً،  حيث حقق الفيديو الذي حمل اسم “شبح كييف” ملايين المشاهدات خلال أقل من 48 ساعة وتداولته وسائل الإعلام العالمية، قبل أن يتبين فيما بعد أن الصورة مأخوذة من حساب أمريكي على التويتر، وهي صورة لطائرة الشبح تعود لعام 2019، و مصدر الفيديو مأخوذ عن لعبة “ديجيتال كومبات سيميوليتر ورلد” ، وأضيف عليها صوت حقيقي لا علاقة له بالفيديو، بل ولا يخفي صاحب هذا الفيديو.

ولتأكيد حالة الحرب الإعلامية المفبركة ضد روسيا عبر ماكينات إعلامية غربية من ناحية إحباط المعنويات في الحرب النفسية، أفادت وسائل الإعلام الأوكرانية في بداية شهر أذار الحالي إنه تم تدمير سفينة إنزال حربية روسية قبالة سواحل مدينة أوديسا الساحلية، وتم الترويج لذلك عبر صور ثابتة تظهر سفينة حربية فعلاً، إلا أنه بعد ساعات تم التأكد أنها ليست سفينة روسية، بل سفينة أمريكية وتحمل اسم “بونهوم ريتشارد”، حيث تم إلتقاط الصورة في حزيران عام 2020 عندما كانت السفينة راسية بالقاعدة البحرية الأمريكية بجزيرة “سان دييغو” في المحيط الهندي وتوثق الصورة لحظة اشتعال حريق كبير على متنها.

ومن الصور المفتعلة أيضاً إعلامياً، هي صورة الجندي الأوكراني الذي وصف بالبطل ويدعى “أوليكسي أوكانوفيتش” ، حيث عرفته وسائل إعلام غربية وبخاصة فوكس سي إن إن  إنه قتل أثناء تفجيره جسراً في مدينة خاركيف الأوكرانية ليعيق تقدم الجيش الروسي، غير أن الحقيقة بينت أن هذه الصورة هي لممثل صربي واسمه “نيناد أوكانوفيتش”.

وآخر الأخبار المفبركة هو ذاك الخبر الذي أثار ضجة كونية وسارعت كل وسائل الإعلام الدولية والعربية لتناوله وتهويله، مضمناً إظهار قصف مشفى للولادة في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية. أُرفق الخبر بصورة ظهرت فيها سيدات حوامل مذعورات وعلى وجههن دماء، وتم تداول الموضوع بكثافة، على أنه حصل  نتيجة القصف الروسي لهذه المشفى.

ولكن بالمحاكاة العقلية، يمكن القول بأن المكان  لو قصف بشكل حقيقي باستخدام الصواريخ الجوية كما يشاع، فإنه سييؤدي إلى انهيار للجدران بشكل جزئي أوكلي، إنما هي بقيت سالمة بشكل عام، ما عدا تكسير الزجاج وإصابتها بشظايا كثيرة والتكسير بالداخل.

ولتأكيد التلفيق سارعت وزارة الدفاع الروسية لنشر صوراً أخذت من مكان الحادث، تبين حدوث انفجارين أحدهما تحت أرض المبنى والثاني مقابل مشفى الولادة، مع العلم أنه تم طرد النزيلات والرضع منذ أواخر شباط الماضي من قبل مقاتلي كتيبة “آزوف” العنصرية الذين حولوا المشفى موقعاً عسكرياً لهم، وأشار لذلك مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن بتاريخ 7 من أذار الحالي، مؤكداً أن مقاتلين أوكرانيين حولوا بيت الولادة رقم 1 بمدينة ماريوبول إلى موقع عسكري.

وبعد ذلك بيوم كشفت إحدى العاملات بالمشفى في تقرير صحفي نشر في 8 آذار الجاري هذه المعلومات، وفي الخامس من آذار الجاري تم توثيق قيام كتيبة “آزوف” العنصرية بإطلاق النيران من داخل المشفى.

لو كانت هناك ضربة فعلاً استهدفت المشفى وفيها نزيلات فعلاً، فلماذا لم تظهر صور كثيرة من المحيط وبالقرب من ساحة الحدث بشكل مباشر …؟ وأيضاً و بالرغم من أن القصف وقع صباح يوم التاسع من آذار الجاري لم تظهر الصور إلا بعد ساعات في مساء نفس اليوم. و إذا كانت نتيجة القصف هي انهيار المبني ووجود “النساء والأطفال تحت الأنقاض” كما صرح زيلينسكي، لماذا لم يظهر كل هذا في الصور التي نشرت؟.

إضافة إلى عدم وجود صور واضحة من موقع الحدث، فإن تلك التي نشرت ليست قليلة جداً فحسب، بل “المفاجأة” أنه قام بصنعها مصور أوكراني محترف معروف يدعى “يفغيني مالوليتكا ” والذي يتعاون مع أكبر وكالات الأنباء الغربية ومنها التايمز الأمريكية والغارديان البريطانية وغيرهما وهو خريج دورة التصوير الفوتوغرافي في برنامج “إيدي أدامز ورك شوب” المرموق في نيويورك.

واللافت أن  المصور هو يميني متطرف يتبع “للأزوف” ويقوم بما يسميه فضح “جرائم روسيا” منذ عام 2014 . والسؤال الأبرز هنا من هن الحوامل اللواتي في الصور القليلة الموجودة؟. تصدرت معظم الصور “ماريانا بودغورسكايا” عارضة أزياء ومدونة أوكرانية مهتمة بأدوات التجميل. هي فعلاً حامل ولكنها لم يكن ممكناً أن تتواجد داخل المستشفى وهي خلت من النزيلات، ولم تعد تعمل بوظيفتها الأساسية منذ فترة وفيها تحصنت كتيبة “آزوف”، وظهرت  في صورتين مختلفتين بلباس وزوايا مختلفين، مما يثير التساؤل الجدي هل فعلاً لا يوجد بمشفى الولادة إلا امرأة واحد؟.