مع مرور الأسابيع الأولى .. قرارات وتوجيهات تربوية مطمئنة تصطدم بالواقع الصعب للمدارس
“البعث الأسبوعية” ــ علي حسون
مع مرور الأسابيع الثلاثة الأولى من افتتاح المدارس تدرك وزارة التربية التحديات والصعوبات التي تواجهها في بداية العام الدراسي ،إذ تسعى الوزارة جاهداً إلى تأمين أفضل الأجواء في المدارس من كوادر ومستلزمات وتجهيزات وبيئة مدرسية مناسبة لأكثر من 3.5طالب وطالبة كونهم أمانة في أعناق الإداريين والمشرفين والمدرسين، وكل من له علاقة بالعملية التعليمية، ولاسيما أن الأهالي لم تصلهم إشارات طمأنة تربوية على جاهزية مدارس أبنائهم في ظل الإشكاليات العائمة في المدارس من نقص كوادر ومدرسين ومعاناة الطالب مع الكتاب المدرسي من نسخ قديمة وجديدة ومهترئة وغياب عدالة التوزيع من قبل إدارات المدارس ،إضافة إلى هموم كثيرة لا تتحملها فقط وزارة التربية بل تقع على عاتق الجهات التشاركية في العملية التربوية والتعليمية من محافظة و مؤسسات خدمية.
لا يبشر بالخير
هذه الهموم والشجون لم يخفها الأهالي في حديثهم لـ”البعث الأسبوعية” معتبرين أن الواقع لا يبشر بالخير وخاصة ما يسمعونه من أحاديث لمديري مدارس وإداريين عن نقص المدرسين وغياب النظافة نتيجة قلة المياه وعدم تعاون الوحدات الإدارية مع المدارس،مشيرين إلى أهمية وجود بيئة مدرسية سليمة من كافة النواحي ولاسيما توافر المياه والنظافة في ظل ما يدور من أمراض وأوبئة كالكوليرا.
وللأمانة الإعلامية وزارة التربية لم تأل جهداً من خلال قرارات وتعاميم تهيئ لموسم دراسي جيد وفق رؤية تربوية تمهد الطريق لمشروع “التربية” المنتظر التحول بالتعليم ،لكن تلك القرارات اصطدمت بواقع بعض مديريات التربية وتقصد المعنيين فيها بإفراغ القرارات من مضمونها وتجيريها لمصالح خاصة وعلاقات شخصية .
وأوضح مديرو مدارس أن في بداية العام الدراسي تكون الأمور تسير بشكل منظم وجيد إلا أن مع مرور أيام قليلة لتبدأ الاتصالات والقرارات الفرعية من هنا وهناك لتشكل خلخلة بعمل المدرسة مما يثير حفيظة الأهالي وتكثر الشكاوى وتغيب الحلول .
خبير تربوي فضل عدم ذكر اسمه اعتبر أن ما يحدث من زعزعة لواقع المدارس الحكومية يصب في صالح التعليم الخاص الذي يستفيد من تلك الإشكاليات من ناحية استقبال الطلاب والمدرسين بآن معاً.
موجهون غير مكترثون
وتحدث مدير مجمع تربوي عن معاناته مع الموجهين الاختصاصيين والمنسقين وعدم تعاونهم من أجل تأمين مدرسين لسد الشواغر في المدارس واعتمادهم على مديري المدارس ،علماً أن هناك قراراً من وزارة التربية بتغطية الحصص الشاغرة من قبل الموجه المختص ريثما يتم تأمين مدرس للمادة ،إلا أن هذا القرار لا يلقى صدى عند الموجهين وذلك من أجل إراحة أنفسهم من عناء التدريس .
انسحاب بحجة!
ما يزيد الهواجس والتشكيك بجهوزية المدارس على أكمل وجه انسحاب بعض مديري المدارس من كلامهم لنا عن واقع مدارسهم بحجة الخوف من إقالتهم في حال نقل الحقيقية التي تزعج المعنيين في مديريات التربية ولو على حساب مصلحة الطلاب، حسب زعمهم، مؤكدين على مخاطبة مديرياتهم بكافة التفاصيل من أجل معالجتها ولكن لازالت حبيسة مكاتب الإداريين بالتربية .
في الوقت الذي تؤكد “التربية ” وجوب اعتماد اللامركزية في العمل من خلال تفعيل دور كل من مديري التربية والمجمعات التربوية ليمارسوا صلاحياتهم ومسؤولياتهم، وتفعيل الجولات الميدانية على المدارس، والخروج من روتين العمل الإداري، ومتابعة إنجاز الخريطة المدرسية التي تتضمن أعداد الطلاب والمدرسين والمستلزمات، والاستناد إلى البروتوكول الصحي، والتأكيد على دور المشرفين الصحيين في المدارس، وتجاوز الأمية المعلوماتية.
تلك التوصيات والتوجيهات الصادرة من رأس الهرم في وزارة التربية تركت حالة ايجابية لدى الأهالي وخاصة أن ما يصدر من تعاميم يكون بناء على ما يصل للوزارة من إشكاليات العمل التربوي على الميدان .
فعندما تطلب وزارة التربية من مديريات التربية وفروع المؤسسة العامة للطباعة في المحافظات جميعها، توزيع الكتب على الطلاب بشكل عادل فهذا خير دليل على وجود شكاوى نتيجة تمييز بين الطلاب عند توزيع الكتاب المدرسي فمنهم يستلم قديم وآخرون جديد حسب “الواسطة” أو يكون ابن مدرسة أو إدارية ،مما حدا بوزارة التربية توجيه المديريات بمراعاة التوزيع ما بين الكتب القديمة والكتب الجديدة، وعدم تسليم الكتب التالفة أو المهترئة وغير الصالحة للاستخدام، والتدقيق من قبل مديري المدارس، وفي حال وجود نقص بالكتب أو الحاجة لكتب إضافية يتم التواصل مع المستودع المختص لطلب هذه الحاجات وفقاً للائحة تبين فيها الحاجات موقعة ومصدقة أصولاً.
كما شددت الوزارة على الالتزام بالتعليمات الخاصة بالتوزيع المجاني، وإعادة التوزيع والاسترداد للكتب الصالحة للاستخدام، وإعادة التوزيع في مرحلة التعليم الأساسي، وإجراء الجولات المستمرة واللازمة بعد الانتهاء من عملية التسوية مع المدارس للتأكد من سلامة وعدالة توزيع الكتاب المدرسي على مستحقيه من الطلاب.
ترجمة على الواقع
ويتساءل تربويون لماذا تظهر هذه المشاكل في المدارس ،علماً أن قبل بداية كل عام دراسي هناك اجتماعات ولقاءات مكثفة بين الوزارة ومديري التربية في المحافظات؟.،معتبرين أن يرد في تلك الاجتماعات واللقاء المطمئنة لا يتخذ صفة الواقعية إلا عبر ترجمته بخطوات فاعلة وجادة على أرض الواقع، وإسقاط تلك التعليمات والتوجيهات في أرض الميدان،ما يتطلب من الوزارة العمل على محورين: تربوي وتعليمي بآن معاً، لاسيما أن هذا الانقطاع أثر سلباً في تنمية قدرات ومهارات التلاميذ حتى وإن كان البديل التعليم عن بعد أو من خلال دروس المنصة، حسب رأي خبراء تربويين.
ومع رأي الخبراء، يبقى رأي المدرس في القاعة الصفية يحمل من الأهمية الكثير كونه الحامل الأساسي للعملية التعليمية والمشارك الفاعل في إنجاح الإجراءات الاحترازية وإيصال العملية التعليمية إلى بر الأمان والسلامة.
أسئلة مشروعة
ما سبق ذكره من عرض لقرارات وتعاميم يبقى مجرد كلام على الورق، يُدخل الطمأنينة إلى قلوب الأهالي – ربما – لكن تبقى هناك أسئلة مشروعة من قبيل مدى التطبيق الفعلي لهذه التوجيهات الوزارية.
آخر القول.. تبقى هواجس الجميع أن تبقى المدارس الحكومية في تألقها رغم كل ما يثار أو يقال عن تقصير وإهمال لاسيما أنها تثبت كل عام علو كعبها على المدارس الخاصة من خلال تربع الطلاب الأوائل في الشهادات العامة على المراتب الأولى .
ومع هذا الانجاز لا يسعنا إلا التعويل على اضطلاع وزارة التربية بمسؤوليتها بهذا الخصوص، من خلال تأمين بيئة مدرسية تبدد مخاوف الأهالي وتقطع الطريق على من يروج لشائعات الخوف والتهويل من قبل “عرابي” المدارس الخاصة لإجبار الأهالي تسجيل أولادهم في مدارسهم بملايين الليرات .