بعد التعبئة الجزئية في روسيا.. الصين تستعد
ريا خوري
لم تكن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعلان التعبئة الجزئية للقوات العسكرية الوحيدة من نوعها، فقد دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، قبل أيام، القوات المسلحة الصينية للتركيز في مهمتها، وأن تبقى على استعداد تام للقيام بأعمال قتالية حقيقية، بناءً على متطلبات الوضع والمهمات الجديدة وحسب المستجدات السياسية والعسكرية على الأرض.
هذه الدعوة لا تحمل في مضامينها وأهدافها شيئاً جديداً في الموقف الصيني، إذ كان الرئيس شي جين بينغ قد دعا في شهر آذار من العام الماضي ٢٠٢١، خلال اجتماعه مع الوفد العسكري في مجلس الشعب الصيني، الجيش للتركيز على الاستعداد القتالي التام، والاستمرار بكامل جهوزيته، لكن طبيعة المواجهة المفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتطورها المتسارع، إضافة إلى التحديات الكبيرة التي تفرضها طبيعة تحركات البحرية الأمريكية في المنطقة، توجب على ما يبدو استمرار التنبّه والاستعداد والحذر تجاه حدوث أي مواجهة مسلحة، وما تفرضه من إعداد واستعداد وتطوير دائم.
الجديرُ بالذكر أن هناك العديد من الملفات التي تختلف عليها الصين والولايات المتحدة، وقضية جزيرة تايوان ليست ملف الخلاف الوحيد، بل هناك مخاوف اقتصادية من نمو الصين الكبير، والتوسّع في العلاقات الدولية من خلال المبادرات الإنمائية والمالية والمشاريع الضخمة جداً، مثل مشروع “الحزام والطريق”، و”البنك الآسيوي للاستثمار”.
منذ إدارة باراك أوباما، بدأت الولايات المتحدة نقل ثقلها العسكري شرقاً باتجاه الصين وشرق آسيا، في محاولة لاحتوائها من خلال إقامة أحلاف عسكرية وأمنية جديدة، وزيادة وجودها العسكري البحري والجوي في المنطقة.
ولاحقاً، في ظلّ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، أخذت العلاقات مع الصين تسلك منحى أكثر حدة وسخونةً، حيث اتخذت مواقف عدائية صريحة، مثل إعلان الحرب الاقتصادية على الصين، وفرض العقوبات القاسية عليها، واتهامها بالوقوف وراء جائحة كوفيد ١٩. ومع وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض لم يتغيّر الموقف الأمريكي نهائياً، بل زادت الأمور صعوبةً وتعقيداً من خلال النشاطات السياسية والعسكرية الاستفزازية التي قامت بها على خلفية الأزمة التايوانية، والمضي في تحقيق استراتيجية الاحتواء من خلال بناء تحالفات عسكرية وأمنية إقليمية تكون في خدمة أهداف الولايات المتحدة لمواجهة الصين.
لذلك عندما يجدّد الرئيس الصيني شي جين بينغ دعوته الجيش الصيني أن يكون على أهبة الاستعداد، فهو يضع في حسابه أن هناك صراعاً مفتوحاً لا يمكن التكهّن بمساره وانتهائه.