صحيفة البعثمحليات

عميد كلية العلوم الصحية: ارتفاع نسب المدنيين المحتاجين لطرف صناعي من 200 إلى 300% تقريباً

دمشق- لينا عدره

أكد د. زهير مرمر، عميد كلية العلوم الصحية، أن هناك صعوبة في إعطاء رقم دقيق عن أعداد المدنيين الذين يلزمهم تركيب طرف صناعي، إلا أنه، وبشكلٍ تقريبي، ومن خلال خبرته الخاصة، يمكنه التأكيد بما لا شكّ فيه، أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في النسب، وخاصةً خلال فترة الحرب، لتتراوح ما بين 200 إلى 300% عما كانت عليه قبل الحرب، لافتاً إلى أن الارتفاع لا يتوقف فقط عند أعداد المصابين، بل يشمل أيضاً ارتفاع تكلفة تركيب الأطراف الصناعية، وخاصةً مع ارتفاع سعر الصرف، مشيراً إلى اختلاف تكلفتها حسب نوعها ومنشئها.

كما أشار مرمر إلى أن تكلفة تركيب أي طرف مبتور فوق الركبة، في وقتنا الحالي، لا تقلّ عن مليوني ليرة كحدّ أدنى، علماً أنها كانت لا تتجاوز قبل الحرب 300 ألف ليرة في حال كان “الطرف علوياً إلكترونياً مستورداً”، لافتاً إلى افتقارنا لمثل هذه النوعيات من الأطراف، وبالتالي يمكننا اليوم أن نتخيّل الارتفاع الكبير بالأسعار، وخاصة مع اختلاف أسعارها حسب أنواعها ومنشأ الدولة المصنّعة، سواء أكان المصدر تركياً أم هندياً ذا نوعية جيدة يمكن الاعتماد عليها، أو ألمانياً يتفوق على كلّ الأنواع وذا تكلفة باهظة.

أما عن نسب البتور، فيؤكد مرمر أنها بشكلٍ عام كانت قليلة جداً – هذا قبل الحرب طبعاً – وخاصةً بتور الأطراف العلوية والتي لا تتجاوز نسبتها 2.5%، في حين أن البتور السفلية وهي الأكثر شيوعاً تجاوزت 38%، وخاصة البتور من تحت الركبة، ومردّ الأمر أمراض الأوعية الدموية وعلى رأسها “القدم السكرية” والتقدم في العمر، لتليها مباشرة بنسبة 34% البتر من فوق الركبة، وللأسباب نفسها أو نتيجة حوادث أثناء العمل أو تلك الناجمة عن حوادث السيارات.

ولفت مرمر إلى ندرة البتور عند الأطفال، إلا في بعض حالات التشوّه الولادي، والتي يلجأ حينها المصاب لتركيب طرف صناعي يعيش معه لأكثر من عشر سنوات، يقوم خلالها بصيانة بسيطة للطرف.. هذا قبل الحرب – كما أوضح – أما خلال فترة الحرب فقد باتت البتور عشوائية موزّعة بين كلّ الأطراف، ونلحظها بشكلٍ خاص عند الشبان من الجنسين، نتيجة الحوادث والتفجيرات الإرهابية التي عانينا منها.

مرمر لفت في حديثه أيضاً إلى أن ازدياد الضغط خلال السنوات السابقة، أدّى إلى مشكلة أساسية تتمثل بنقص الكوادر المدرّبة، خاصة وأن تركيب الطرف الصناعي يحتاج لفنيين مدرّبين بشكلٍ جيد، ما دفع بالكلية للمبادرة بافتتاح قسم للأطراف الصناعية لتخريج 20 اختصاصياً سنوياً، وبالتالي حلّ مشكلة  النقص، وخاصة بعد التسرّب الحاصل في الكوادر التي قد لا يعود البعض منهم أثناء خضوعهم لدورات خارجية، ما يُفسّر الحاجة لتخريج أعداد كبيرة سنوياً بخبرات فنية عالية قادرة مع الوقت على تغطية كافة محافظات القطر، وبالتالي المساهمة في إيصال الخدمة للمصاب خلال فترة زمنية قصيرة من دون تأخير، خاصة وأن المصاب يكون في سباقٍ مع الزمن، لأن أي تأخير سينعكس على وضعه الصحي.

وأشار د. مرمر إلى الجهود الكبيرة المبذولة لتصنيع بعض القطع في المراكز الحكومية، مشدداً على أن التقدم بتصنيع الأطراف الصناعية بخبراتٍ محلية سيسهم بشكلٍ ملحوظ بانخفاض أسعارها، نظراً لتكلفتها المرتفعة، علماً – والحديث ما زال لـ د. مرمر – أنها تقدّم مجاناً للمواطنين تنفيذاً لأحكام المرسوم الرئاسي الصادر عام 2003 في مراكزها الحكومية: “حاميش” و”ابن النفيس” اللذين يتمتّع العاملون فيهما بالخبرة العالية، منوهاً أيضاً بجودة ونوعية الأطراف في كلا المركزين.

ولفت مرمر إلى أن معاناة المصابين في الفترات السابقة ونتيجة الأزمة، تتمثل بأوجه عدة، تشمل أموراً كثيرة، منها الانتظار الطويل للدور في المراكز الحكومية، ولفتراتٍ زمنية قد تتجاوز شهرين أو ثلاثة نتيجة الضغط الكبير، وخاصة مع تأخر دخول التقنيات الحديثة في التصنيع خلال تلك الفترة، علماً أنه وبمجرد دخول تلك التقنيات، وتحديداً في مركز حاميش، ارتفعت وتيرة العمل، وبالتالي لم يعد المريض بحاجة للانتظار طويلاً، مع الإشارة إلى أنها تتجدّد بين فترة وأخرى، وخاصة مع صعوبة تأمين المواد نتيجة الحصار، إضافة لمعاناة من نوع آخر، تتمثل بطريقة البتر السيئة جداً، ما يفرضُ إعادة البتر، لذلك وانطلاقاً من هذه الجزئية يشدّد مرمر على ضرورة  أخذ رأي الفني أو اختصاصي التركيب منذ مرحلة ما قبل البتر، منوهاً بأهمية رأيه بتحديد مستوى البتر بالتعاون مع الطبيب الجراح، حفاظاً على قوة الجذمور الذي قد يضعف وتضمر عضلاته إذا كان هناك خطأ أو تأخير، ما يؤثر لاحقاً على التركيب، وخاصة بعد ازدياد حالات الأشخاص الذين اضطروا لإعادة البتر، الأمرُ الذي يؤكد ضرورة التنسيق بين كلّ الأطراف، بدءاً من المعالج الفيزيائي والنفسي واختصاصي تركيب الأطراف، وانتهاءً بالطبيب الجراح، منوهاً بالجهود الكبيرة للمراكز الأخرى في باقي المحافظات، رغم فعاليتها الضعيفة، بسبب عدم وجود عدد كافٍ من الفنيين أصحاب الخبرة.

وأشار مرمر، في نهاية حديثه، إلى جملة من المقترحات، تتضمن تصنيع وتطوير أطراف صناعية على مرحلتين قريبة وبعيدة، ما سيوفر على الدولة أعباء مادية كبيرة، عوضاً عن استيراد الكثير من القطع بأسعارٍ مرتفعة، وتأكيده على إمكانية تحقيق ذلك، خاصةً وأن الأطراف الصناعية تمثل بارقة أملٍ لمن هم بحاجةٍ لها، لمساهمتها بإعادة المصاب، سواء أكان مسناً أم رياضياً أو عاملاً، إلى عمله، ومتابعة وممارسة حياته بشكلٍ طبيعي كي لا يكون عبئاً على غيره، وبالتالي إعادة اندماجه في المجتمع من جديد.