الإرهابيون.. متزعمو حكومة كييف
سمر سامي السمارة
في الثامن من تشرين الأول الحالي، تعرّض جسر مضيق كيرتش -الذي يشغل موقعاً استراتيجياً للغاية بالنسبة للخدمات اللوجستية الروسية، ويشكل نقطة رئيسية للبنية التحتية للنقل بين شبه جزيرة القرم وبقية الاتحاد الروسي- لأضرار جزئية بعد هجوم إرهابي استهدفه على الرغم من عدم وجود آليات عسكرية روسية تتحرك في المنطقة.. وقع التفجير في الصباح عندما كانت شاحنة مفخخة تمرّ بجانب الجسر، ووصل الحريق إلى خزانات وقود كانت موجودة على جزء السكة الحديد من الجسر.
في الحقيقة، أثرت الأضرار على جزء كبير من مسار الطريق السريع، ولكنه لم ينهر تماماً، وفي اليوم نفسه الذي وقع فيه الانفجار، عادت المركبات إلى وضعها الطبيعي في المساحات التي لم يتمّ تدميرها، وتمّ الحفاظ على انتظام الخدمات.
أعلنت السلطات الأوكرانية مسؤوليتها عن الهجوم، حيث نشر مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، عبر تغريدة له على تويتر: “جسر القرم هو البداية”، وقارنت وزارة الدفاع الأوكرانية بين انفجار الجسر وغرق سفينة الصواريخ الروسية “موسكفا” في نيسان الماضي، حيث غردت على تويتر قائلة: “اختفى طراد الصواريخ الروسي موسفكا وجسر كيرتش، ماذا بعد أيها الروس؟”. كما كتب الرئيس الأوكراني زيلينسكي نفسه: “اليوم لم يكن يوماً سيئاً وكان مشمساً في الغالب على أراضي دولتنا”، وأضاف: “لسوء الحظ، كان الجو غائماً في شبه جزيرة القرم، على الرغم من أنه كان دافئاً أيضاً”، فيما يبدو أنه إشارة إلى تفجير جسر القرم.
رداً على ذلك، أدلى العديد من المسؤولين في موسكو بتصريحات حول الحادث، وقد علّق الرئيس الروسي بوتين بنفسه على تصريحات كييف قائلاً: “ما من شك في أن هذا عمل إرهابي يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية لروسيا”، مضيفاً “أن أجهزة الأمن الأوكرانية نفذته وخطّطت له”.
وعلى المنوال نفسه، أوضح رئيس لجنة التحقيق الروسية، ألكسندر باستريكين، أنه على الرغم من استمرار التحقيقات، فما من شك في أنه عمل إرهابي متعمّد استهدف البنية التحتية المدنية، وقال: “إننا نواصل تحقيقنا حول أهداف وغايات هذا التفجير، خاصة وأنه بلا شك يحمل طابعاً إرهابياً. كان هذا عملاً إرهابياً، فجميع بياناتنا تسمح لنا باستخلاص نتيجة لا لبس فيها. لقد كان هذا هجوماً إرهابياً أعدّته الخدمات الخاصة الأوكرانية، وكان الهدف من هذا الهجوم الإرهابي تدمير جزء كبير من البنية التحتية المدنية التي لها أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا”.
في الواقع، بدأ الردّ الروسي في العاشر من الشهر الحالي، عندما شنّت روسيا هجمات تكتيكية على الأهداف الرئيسية لها، وهي النقاط الإستراتيجية مثل مقر وكالات الاستخبارات، والبنية التحتية الحيوية في كييف، وفي مدن رئيسية أخرى، كما كان هدفها تحييد القوات الأوكرانية من خلال الضرب المباشر لمراكز صنع القرار.
في اليوم نفسه، أدلى بوتين بتصريحات جديدة، قال فيها إن كييف بادرت بأعمال إرهابية لا يمكن تركها دون ردّ، كما أشار إلى الإجراءات الأولية للنظام الأوكراني لأعمال الإرهاب النووي، مهاجمة محطات الطاقة والتسبّب بمخاطر ظهور التسرب الإشعاعي، ووعد بأن ردود الفعل الروسية يمكن أن تصبح أكثر صرامة.
في الواقع، تكتسب العملية العسكرية الخاصة صفة عملية مكافحة الإرهاب، خاصة وقد أظهر النظام الأوكراني أن الإرهاب هو ممارسة معتادة لديه، حيث تُظهر الهجمات على محطة زابوروجا للطاقة النووية والانفجار على جسر القرم أن الإرهابيين يقودون الحكومة في كييف.
في السيناريو المثالي، لا يقتصر التحرك لحلّ مشكلة الإرهاب الأوكراني على روسيا فحسب، بل ينبغي أن يتحرك المجتمع الدولي بأسره، لكن واقع الحال يُظهر العكس من ذلك، إذ يواصل العالم الغربي تمويل كييف ودعم هذه الأعمال غير القانونية التي يرتكبها نظامها الحالي.
من الناحية العملية، ما انفك حلف شمال الأطلسي عن العمل كمنظمة راعية للإرهاب عن طريق إرسال الأموال والأسلحة إلى أوكرانيا. وأكثر من ذلك، يبدو أن بعض القوى الغربية متورطة حتى في الإرهاب المباشر، مع الأخذ في الاعتبار احتمال المشاركة الأمريكية والبريطانية نحو مقاطعة التعاون الروسي الأوروبي من خلال الهجمات على خط أنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2.
كما يُظهر أيضاً، كيف أن الرواية الغربية عن “الحرب العالمية على الإرهاب” كانت دائماً عملية احتيال هدفها فقط مهاجمة الدول التي تعتبرها عدوة!.