ثقافةصحيفة البعث

أسعد فضة يطلق العام الدراسي الجديد في المعهد المسرحي

أمينة عباس 

لم تكن استضافة الفنان أسعد فضة، مؤخراً، في “ملتقى الإبداع” الذي يقيمه المعهد العالي للفنون المسرحية، دورياً، حدثاً عادياً في حياة المعهد وطلابه، ويُسجَّل لإدارة المعهد نجاحها في إطلاق العام الدراسي الجديد بحدث كبير هو لقاء الطلاب بقامة فنية كبيرة أضافت الكثير للمسرح في سورية، وهو أحد الأسماء التي ساهمت في تأسيس المعهد، وأستاذ أول دفعة من خريجيه، والعلامة الفارقة في المهرجانات المسرحية، والأهم – برأي د. تامر العربيد، عميد المعهد – أنه كان وما زال قدوة يُحتذى بها في عالم التدريس والتمثيل والإخراج والإدارة، مضيفاً في كلمته الترحيبية بالفنان فضة أن الكلمات تخونه بوجود قدوة المؤسسة المسرحية والمشهد المسرحي السوري، في حين رأى سعد القاسم، الذي أدار الحوار، أن أسعد فضة بعين البصر قامة واحدة أما بعين البصيرة فهو أربع قامات: الممثل، الإداري، المخرج، الأستاذ.

التطاول ممنوع 

بدأ الفنان أسعد فضة كلامه بالتأكيد للطلاب على ضرورة أن يمتلك كل منهم مشروعاً خاصاً به، لأنهم دون ذلك لن يهتدوا إلى الطريق الصحيح، موضحاً أن بدايات مسيرته وغيره من الفنانين لم تخلُ من صعوبات كثيرة، وهي صعوبات لم تعد موجودة، حيث الطريق اليوم بات معبّداً للسير في طريق الفن، كما أوصى فضة بأن أول متطلبات الطالب أن يكون وفياً ومحترِماً ومحباً لمن يعلّمه، والعلاقة مع الأستاذ يجب أن يسودها الحب والاحترام، محذراً  الطلاب من التنمّر على بعضهم البعض لأن التنمّر جريمة يجب ألا يرتكبها من يعمل في المسرح لأن ميزته أن الجميع فيه يعملون كعائلة، وإذا غاب هذا الإحساس فلن يكون هناك مسرح.

 أستاذ الدفعة الأولى

وبيّن أسعد فضة دارس المسرح في معاهد القاهرة أن هدفه بعد العودة إلى سورية كان التأسيس للمسرح أكاديمياً، وبعد عدة مطالبات من قِبَله بذلك تمت الموافقة حينها على تأسيس معهد متوسط للفنون المسرحية، وصدر قرار بتسميته مديراً له، وهذا ما رفضه فضة لأن وجود معهد متوسط للفنون سيضيق الأفق على طلابه وعلى كل من يريد أن يتابع الدراسة.. من هنا، وبفضل الجهود التي بُذِلت فيما بعد، تأسس المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان هو مع المخرج فواز الساجر الأستاذين الوحيدين فيه، وقد تعاونا معاً في وضع منهاج التدريس وطرقه، ونجحا في تخريج الدفعة الأولى. وأشار فضة إلى أنه مع انشغاله بالتمثيل والإخراج والإدارة طلب إعفاءه من التدريس، ووقع اختياره على المخرج التونسي محمد إدريس، الذي كان يعمل في المسرح الوطني التونسي، كمدرس بديل. وقد وافق في البداية، وعند افتتاح العام الدراسي رفض ذلك وقبل بالاستمرار في وجوده في المعهد شرط استمرار فضة فيه، حينها اضطر إلى الاستمرار في التدريس لعامين آخرين، وفي العام الدراسي الثالث، وبعد أن أصبح من المستحيل أن يوفق بين عمله في الإخراج والتدريس والتمثيل والإدارة، حدث الطلاق مع المعهد الذي كان وما زال يعتبره صرحاً حضارياً كبيراً ونبراساً للمعرفة في الحركة الفنية، وهو الذي بقي صامداً يخرّج طلاباً رغم قسوة الحربً.

مدير أول مهرجان مسرحي عربي

وأوضح الفنان أسعد فضة للطلاب أن عمله في المسرح كان له بعدان: بُعد فني وبُعد إداري، متوقفاً عند إدارته لمهرجان دمشق المسرحي الذي يُعد أول مهرجان مسرحي عربي، وقد شجّع نجاحُه الكبير بقيةَ الدول العربية على إقامة ما يشبهه في بلادهم تقليداً له، إلا أنه أكد أن جميع المهرجانات التي أُقيمت حينها لم تكن بالسوية الفنية لهذا المهرجان، منوهاً إلى أن الكثير من المسرحيين العرب اقترحوا عليه أن يُقام مهرجان دمشق المسرحي في كل سنة في عاصمة، وهذا ما رفضه رفضاً قاطعاً لأنه مهرجان لدمشق، لكنه اقترح عليهم إقامة مهرجانات خاصة بهم، فكان مهرجان المغرب أول هذه المهرجانات، مبيناً أنه استطاع تحويل مهرجان دمشق إلى مناسبة للخروج بما يفيد المسرحيين والمسرح في الوطن العربي، فأُطلِق اتحادُ المسرحيين العرب واتّحاد المهرجانات العربية واتحاد الفنانين العرب وفكرة وجود المسرح التجريبي في دمشق الذي تسلم إدارته سعد الله ونوس، مشيراً فضة إلى بعض الصعوبات التي واجهته في عمله كإداري لمهرجان دمشق، كما روى للطلاب النجاح الكبير الذي حققه الفنان عبد اللطيف فتحي في افتتاح إحدى دوراته وهو الفنان الذي كان ينتمي إلى فئة أصحاب الخبرة وليس الأكاديميين الذين كانوا ينظرون لأصحاب الخبرة بعين عدم الرضا، في حين أن فضة كان مقتنعاً اقتناعاً كبيراً أن عبد اللطيف فتحي ممثل كوميدي لا نظير له في الوسط الفني، وقد أثبت ذلك في المهرجان.

 ممثل في أول مونودراما في الوطن العربي

وأشار أسعد فضة إلى أنه وقف كممثل على خشبة المسرح في أول عروض المسرح التجريبي الذي تسلم إدارته سعد الله ونوس من خلال عرض “يوميات مجنون” لغوغول، ولإيمانه بالعمل الجماعي طلب من ونوس إعداد النص، في حين أسند الإخراج للمخرج فواز الساجر رافضاً أن يقوم هو بإخراجه لأنه كان مؤمناً بموهبة الساجر الذي كان مختلفاً عن كل المخرجين في طريقة عمله، وكان العرض أول مونودراما في الوطن العربي، منوهاً فضة كذلك إلى أنه عمل مع سعد الله ونوس عدة مسرحيات، منها “مغامرة رأس المملوك جابر” و”الملك هو الملك” و”سهرة مع أبو خليل القباني” ورأى أن أهم ما كان يميز ونوس إخلاصه الشديد للكلمة التي يكتبها، مؤكداً أن ونوس كان شخصاً استثنائياً وكاتباً مبدعاً.

 الديكتاتور

وحول تنوّع المدارس الفنية التي يتعلمها الطالب بيّن أسعد فضة أن الممثل يجب أن يكون مطّلعاً على جميع هذه المدارس ومستوعباً لها، لكن بعد التخرج من المعهد والوقوف على خشبة المسرح لن يفكر بأي مدرسة سيمثّل بل سيلحق إحساسه ومدى فهمه للدور الذي سيقدمه بأسلوبه الخاص عن طريق أداء يتميز به، وأن أهم ما يحتاجه التمثيل هو بثّ الروح في جسد الشخصية..

وختم أسعد فضة كلامه بالتأكيد على أنه قام بواجبه وهو ينتمي إلى جيل قام بالتأسيس، وهذا كان يحتاج إلى صبر.. أما وصفه بالدكتاتور فرأى أن ذلك يعود لعمله لفترة طويلة في الإدارة ونجاحه في هذا المجال.