التمثيل في عالم كرة القدم ظاهرة متجددة تهدد المتعة وتتلاعب بنتائج المباريات
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة متجددة في عالم كرة القدم غيرت في كثر من الأحيان نتائج المباريات بل وأدت إلى تتويج فرق ومنتخبات، وهي ظاهرة التمثيل على الحكام، وخاصة عند نجوم الصف الأول الذين ينحاز لهم الحكام بالفطرة كونهم أكثر براعة وشعبية، وقد عرّفت تشريعات كرة القدم في المادة الثانية عشرة من المواد السبعة عشرة والتي تتحدث حول التحايل أو التمثيل وتحديداً في الفقرة السادسة في قسم التوجيهات والإرشادات الإضافية للحكام والتي نصت على أنه “يجب إشهار البطاقة الصفراء للسلوك غير الرياضي عندما يقوم اللاعب بمحاولة مخادعة الحكم بادعائه الإصابة أو التظاهر بأنه قد تم ارتكاب مخالفة ضده.
وتحدث عمليات التمثيل عندما لا يكون بالأصل التحام بين المتنافسين أو قد يحدث عندما يكون هنالك منافسه وتلاحم بين اللاعبين على الكرة أو بدونها، وقد يكون ذلك تلاحم طبيعي وقانوني، ناهيك عن أن لعبة كرة القدم لعبةٌ جماعية لابد من التلاحم بين اللاعبين شرط ألّا يصل لدرجة التهور.
ويعتبر السبب الرئيس في تمثيل اللاعب وخاصة النجم هو التأثير على الحكم ليحميه من تدخلات اللاعب الخصم من خلال منح البطاقات لإيقاف الخشونة المتعمدة أو غير متعمدة، وكذلك لكسب تعاطف الحكم حتى لو لم يكن الحكم بشكل عام متأثراً بذلك عن عمد، كما يمكن أن يؤثر التحايل على دفاع الخصم عن طريق إرباكه، فمثلاً عندما يسقط اللاعب على الأرض صارخاً فإنه يجعل المدافع في حالة ارتباك للدفاع عن نفسه أمام الحكم وهذا يجعل المدافع معنوياً مشتت كتركيز ومعنويات، وطبعاً من أهم سبب للتمثيل هو محاولة اللاعب الحصول على مخالفة في منطقة حساسة بالقرب من منطقة الجزاء أو الأفضل من ذلك داخل منطقة الجزاء.
وقد يكون الالتزام بالقواعد في المباريات المهمة صعباً جداً كنهائيات كأس العالم ونهائيات البطولات القارية سواء للمنتخبات أو الأندية نتيجة حساسية النتيجة، وقد ينطوي اللعب بالنار على مخاطر كثيرة، حيث يترتب عن المبالغة لبعض الشيء عواقب وخيمة في مثل هذه المواعيد، ومع ذلك تعتبر عقوبة التمثيل بسيطة وغير رادعة لهذه الظاهرة ولن تنهيها طالما بعض اللاعبين يعتمدون عليها دائماً للتأثير على سير المباراة لذلك العلاج لن يكون من القوانين بقدر شخصية اللاعبين أنفسهم.
ويجب أن يدرك الحكم أن التمثيل قد يحصل في جميع أنحاء الملعب وخاصة بالقرب من منطقة الجزاء عندما يشعر اللاعب بأنه سيفقد الكرة أو أنه لم يعد قادراً على إكمال هجمته والتمرير بشكل جيد لزملائه، وللحد من هذه الآفة يجب أن يتمتع الحكم بلياقة بدنية وبذهنية قويةً جداً تؤهله لاتخاذ الموقف المناسب وتوفر له زاوية رؤية واضحة، وكذلك عدم تساهله الحكم في إصدار القرار المناسب بحق المخالف، واتخاذ القرار الفني والانضباطي المناسب وفقاً لقانون اللعبة.
ويشكل التمثيل ضغطا نفسياً على الحكام التعامل معه بحكمة وروية تحفظ ماء وجهه وشخصيته وبالتالي الإقناع بالقرار المتخذ، وهنا يلعب عامل آخر في مرور عملية التمثيل والتأثير على نتيجة المباراة وهو براعة اللاعب في خداع الحكم، ورغم أن تقنية الفيديو المساعد خففت من هذه الحالات إلّا أننا لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك الكثير من الحكام لا يرجعون إلى هذه التقنية دائما ًوإنما يعتمدون على قرارهم وهذا بحد ذاته موضوع بحاجة لنقاش حول جدوى التقنية مع من يجدون في أنفسهم القدرة على تجاوزها بفطنتهم، أي يجب أن يكون هناك آلية تلزم الحكم بمراجعة الحالة قبل اتخاذ القرار، ولكن في هذه الحالة قد يحتج الكثيرون بأن الموضوع سيضيع كثيراً من الوقت وبالتالي سنفقد المتعة بمشاهدة المباراة ، ما يوجب إيجاد حل آخر ربما يكون بتحديث وتطوير التقنية نفسها.
أما أشهر حالات التمثيل التي عرفتها كرة القدم، فكانت للهداف البرازيلي ريفالدو الذي تسبب في كأس العالم 2002 بكوريا واليابان بواقعة مثيرة أثناء استعداده لتسديد ركلة ركنية، ليفقد التركي هاكان أونسال أعصابه فصوب الكرة باتجاهه لتصطدم في فخذ النجم البرازيلي، إلا أن ريفالدو فاجأ الجميع بتألمه الشديد والتمثيل على الحكم كأن الكرة اصطدمت في وجه، ورغم أن الحكم المساعد لا يبتعد خطوات عنه لكنه طرد اللاعب التركي، وتسبب آريين روبين في الحصول على ضربة جزاء خلال لقاء المكسيك وهولندا في مونديال 2010 رغم أن قدم الكابتن ماركيز لم تمس روبين أو أن أحداً لم يعيقه، وكانت حاله تمثيل واضحة وانتهت المباراة بفوز المنتخب الهولندي 2-1، وسط حسره وقهر من لاعبي وجمهور المكسيك.
ويعتبر البرازيلي الآخر نيمار دا سيلفا من أكثر اللآعبين الموهوبين في التمثيل، وتعرضه لانتقادات واتهامات بادعاء الإصابة والتحايل على الحكام، واعتبره المتابعون مبالغاً فيه، واتهمه بعض المدربون بأنه عار على كرة القدم لإضاعته الوقت وعدم اعتماده على اللعب النظيف، لسقوطه 10 مرات في مباراة البرازيل وسويسرا بكأس العالم الأخيرة في روسيا، ومثل الإيفواري ديديي دروغبا السقوط على الأرض خلال مباراة أرسنال وغالاتاسراي في بطولة كأس الإمارات عام 2013، بعد توزيع عرضية داخل منطقة جزاء ارسنال عندما كان الفريق التركي متأخراً في النتيجة بهدف لصفر سقط دروغبا على الارض وحصل على ضربة جزاء ليسجلها هدف وتنتهي المباراة بفوز فريقة، وفي عام 2014 وخلال مباراة تشيلسي ومانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي الممتاز، قام ديفيد لويز بالسقوط بشكل غريب عند خط التماس ليحتسب الحكم خطأ وتلتقط الكاميرا اللاعب وهو يضحك بعد سقوطه.
عربياً أشهر الحالات عندما حاول النيجيري أغايي مهاجم الأهلي المصري خلال إحدى مباريات القمة أمام الزمالك خداع الحكم بالسقوط على أرض الملعب متأثراً بالإصابة وعندما وصلت الكرة له قام سريعاً، وحاول إحراز هدف بشباك الفريق الأبيض، ما تسبب في حالة جدل وقتها بين اللاعبين.