ثقافةصحيفة البعث

“ليلة أخيرة”.. عرض يعتمد لغة الجسد لكشف تناقضات النفس

حمص – سمر محفوض 

وسط حضور كبير من المتابعين للحركة الفنية عموماً والمسرحية تحديداً، قدّم فرع اتحاد الكتّاب العرب بحمص، بالتعاون مع مديرية الثقافة، عرضاً مسرحياً (مونودراما) بعنوان “ليلة أخيرة”، من تأليف وإخراج محمد الحفري وتمثيل مدين رحال في قاعة الدكتور سامي الدروبي في المركز الثقافي.

تعرّي المسرحية شخصية بائع الكتب وتظهر حالاته النفسية ومعاناته وعدم قدرته على المواجهة، وهروبه إلى عوالمه التي تنسيه خيباته وأحزانه، مسقطاً اللوم على زوجاته الثلاث “السابقات” ودوافعهن الوهمية للهرب منه، ولكن السبب الحقيقي هو عدم قدرته على الإنجاب، وهو يروي قصصهن أمام زوجته الأخيرة “خديجة”. فالأولى لم تطق استمرار العيش معه لأنه عقيم فتخلعه، بينما تقع الزوجة الثانية في فخ الشراهة للطعام وتموت بسبب إصابتها بالمرض، لتخونه الثالثة في بيته، والزوجة الرابعة تسرقه وتستعد لتركه بعد أن تفشل محاولاتها في إقناعه بتبني طفل، مختتماً العرض برغبة البطل بقتل زوجته ثم يعلو صوت ضميره في اللحظات الأخيرة رادعاً إياه عن ارتكاب الجريمة، فيطلق صرخته تعبيراً عن رفض الواقع المؤلم واحتجاجاً على الانكسارات التي تقتل روح الإنسان وتمزق أحلامه في ظل واقع معيشي صعب وحصار اقتصادي يضغط على الجميع.

وقد عمل الممثل مدين رحال على تقديم عرض مسرحي مونودرامي جيد ومجهد لاستحضار العديد من الشخصيات، اعتماداً على لغة الجسد، على الرغم من المعوقات التقنية التي واجهته، فقاعة الدكتور سامي الدروبي غير مجهزة فنياً لتقديم العروض المسرحية كالمؤثرات الصوتية والموسيقا التصويرية التي غابت عن العرض، لتصل مقولة النص رغم ذلك للجمهور من خلال الاعتماد على الأداء وحركة الجسد والديكور.

الأديب محمد الحفري مؤلف ومخرج العمل، أوضح أن العرض يعتمد على الممثل الواحد وقدرته الاستثنائية في تجسيد عدد من الشخصيات عبر قدرات الممثل المؤدي للمونودراما، ومهارته التمثيلية والتعبيرية.

وأشار الممثل مدين رحال إلى أن الشخصية تقدّم تناقضات النفس البشرية بكافة أشكالها، كإنسان مسكون بالخير والشر، لكنه ينحاز لصوت الضمير والخير، داعياً الأهالي لتشجيع أبنائهم للتعبير عن ذواتهم، فالمشاعر المكبوتة لاتموت أبداً بل تدفن في أعماقنا حية.

وأشارت رئيسة فرع حمص لاتحاد الكتّاب العرب الأديبة أميمة إبراهيم إلى أن “ليلة أخيرة” عالجت أفكاراً وقضايا مصيرية ضمن قالب تراجيدي، لافتة إلى أن العرض كان مؤثراً ووصل للجمهور الحمصي الذي يضمّ نخبة من المثقفين والمتابعين للمونودراما، مؤكدة أن فرع الاتحاد سيقدّم المزيد من الأعمال المسرحية.