أخبارصحيفة البعث

مواجهة أميركية روسية في “قمّة العشرين” وخروج عن الطابع الاقتصادي لها

تقرير إخباري

على واقع اقتصادي عالمي متأزّم من التضخم والركود وارتفاع أسعار السلع والمواد ونقص إمدادات الطاقة، فضلاً عن ارتفاع معدّلات الفائدة في البنوك المركزية العالمية لمواجهة ذلك، وزيادة الضغوط في الأسواق المالية التي أدّت إلى تباطؤ نموّ الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الأمر الذي من شأنه زعزعة استقرار الاقتصادات الكبرى، وبطء عمليات تخفيف آثار الفقر بشكل كبير في البلدان النامية، تأتي قمّة العشرين المنعقدة في بالي بإندونيسيا لتصوغ مسوّدة البيان الختامي الذي دعت فيه إلى تمديد اتفاق مع روسيا تنقضي مهلته يوم السبت ويسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية.

مجموعة العشرين التي تدرك أنها ليست منتدى لحل القضايا الأمنية، لأنها قمّة اقتصادية بامتياز، اضطرّت لتناول هذه القضايا لما لها من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي كله، وذلك مع إصرار أمريكي واضح على إقحام القضايا السياسية في جدول أعمالها، حيث صرّح مسؤول أميركي كبير خلال القمّة بأن الولايات المتحدة تتوقع من مجموعة العشرين أن تدين العملية الروسية في أوكرانيا وتأثيرها في الاقتصاد العالمي، ويبدو أن الدول الغربية مجتمعة كانت راغبة بشكل عميق في تحميل روسيا مسؤولية الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية المفروضة عليها وما رافقها من انهيار اقتصادي في أوروبا، وذلك في ختام اجتماع الزعماء في بالي، حيث أضاف المسؤول الأمريكي بأن معظم دول المجموعة اتفقت خلال محادثات في الأيام الأخيرة على أنه ينبغي “إدانة حرب روسيا في أوكرانيا بأقوى العبارات الممكنة”، ما يعني أنه كانت هناك محاولات غربية كبيرة لحرف القمّة عن توجّهاتها الاقتصادية، وتسييسها لإدانة روسيا.

ومع العلم أن مجموعة العشرين التي تضم روسيا أيضاً، تتخذ قراراتها بالإجماع، فإنه من غير المرجّح التوصل إلى توافق في الآراء بشأن العملية العسكرية في أوكرانيا، حيث رفض المسؤول الأميركي تحديد الشكل الذي ستتخذه الإدانة أو كيفية إشارتها إلى العملية، وفي المقابل دعت روسيا قبل لقاء مجموعة العشرين إلى وقف الحديث عن الأمن والتركيز على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الملحّة في العالم.

أما موقف الصين فكان بلهجة التحذير، حيث حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ مجموعة العشرين من تحويل الغذاء والطاقة إلى سلاح، وقال في قمة بالي: علينا وبحزم معارضة تسييس مشكلات الغذاء والطاقة وتحويلها إلى أدواتٍ وأسلحة، معرباً كذلك عن معارضته لسياسة العقوبات الغربية.

أما الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو فقد دعا الدول الأعضاء في مجموعة العشرين إلى تجنّب اندلاع حرب باردة أخرى بين القوى الكبرى، الأمر الذي يؤكد أن هناك من حضر القمّة فقط لاستخدامها سياسياً في إدانة روسيا، ولا تهمّه بالفعل القضايا الاقتصادية الحساسة التي ينبغي أن تكون على رأس جدول أعمال القمّة.

ومن هنا، فإن غياب الرئيس الروسي عن أعمال القمّة فوّت الفرصة على الكثير من الزعماء الغربيين الذين اعتقدوا أنهم سيجدون فرصة للتحدّث إليه مباشرة، ولكنهم اصطدموا بموقف روسي واضح من القمّة، وهو ضرورة عدم تسييسها واتخاذها وسيلة لاستهداف روسيا، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض بلاده تسييس الدول الغربية لقضايا الطاقة والغذاء، مشدّداً على ضرورة ابتعادها عن استخدام ذلك وسيلة لتصفية الحسابات، ومشيراً إلى أن الدول الغربية هي التي تعرقل إمدادات الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية، وبالتالي هي التي تسعى إلى حرف أنظار هذه الدول عن المتسبّب الحقيقي بأزمة الغذاء الحالية.

ميادة حسن