زراعة الزيتون في درعا تراجع ملحوظ تكاليف باهظة وتخوف من قطع الأشجار واستبداله بالرمان
البعث الأسبوعية – دعاء الرفاعي
شكل موسم قطاف الزيتون في محافظة درعا لهذا العام تحدياً كبيراً أمام آلاف الأسر المنتجة والعاملة على اعتباره مصدر عيش ورزق لهم في ظل الغلاء الذي تشهده الأسواق,مع تراجع ملحوظً في المحصول مقارنة بالعام الماضي,تبعه ارتفاع كبير في أسعار ثمار الزيتون وزيت الزيتون.
معوقات وتحديات
“البعث” التقت أبو قاسم الذي يملك حقلاً من أشجار الزيتون قرب بلدته في مدينة نوى، والذي تحدث قائلاً: إن الزراعة بشكل عام تأثرت خلال سنوات الحرب، نظراً للتحديات التي واجهت المزارعين، كما كان لشجرة الزيتون نصيب في تغير محصولها وانخفاض الإنتاج عن السنوات السابقة, مضيفا أن هناك عدة أسباب كانت سبباً في انخفاض إنتاج شجرة الزيتون، من أهمها قلة الأمطار وجفاف التربة لفترات طويلة من السنة.
أصناف عديدة
وحسب المزارعين أيضا فإنّ أصناف الزيتون تتنوّع في محافظة درعا بين زيتون مخصص للأكل كصنف “أبو شوكة”، وآخر مخصّص للأكل والزيت معاً كأصناف “الأسطبولي ، والنابالي ، والمصعبي”، وبعضها يصلح للزيت فقط كصنف “الرومي، والقيسي”.
ويعد موسم الزيتون مِن أبرز المواسم في محافظة درعا التي يعتمد الكثير من سكّانها على زراعته, والذي يتميز بارتفاع إنتاجه وجودة زيوته, لافتين إلى أن زراعة الزيتون في محافظة درعا تتركز في مدن طفس ونوى والشجرة والمزيريب وازرع وداعل والشيخ مسكين والحارة، وفي معظم المناطق حيث تتوفر الظروف الملائمة لنمو هذه الشجرة، من تربة جيدة، ومصادر مياه، إضافة إلى العناية والرعاية التي يوليها المزارعون بهذه الشجرة، وإتباعهم أساليب وطرق الري الحديثة، وأساليب التقليم، والتسميد، ومكافحة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون، ما أسهم بنجاح هذه الزراعة .
فرص عمل
كما ويوفر موسم قطف الزيتون تأمين فرص عمل للكثير من العمال، وخاصة للمزارعين الذين لا يملكون أيدٍ عاملة بسبب قلة عدد أفراد الأسرة، مبيناً أهمية شجرة الزيتون في تأمين حاجة الأسر والعاملين في القطاف من ثمار الزيتون حيث من المتعارف في حوران حصول عامل الأجرة على حاجة منزله من هذه الثمار والزيت أيضا.
المساحات المزروعة
رئيسة مكتب الأشجار المثمرة في مديرية الزراعة بدرعا المهندسة حنان الخياط بينت أن المساحات المزروعة لا تتجاوز 22902هكتارا, وعدد الأشجار المزروعة 4716ملايين شجرة منها3772 ملايين في طور الإثمار,متوقعة أن يكون الإنتاج ضعيف لهذا العام مقارنة مع الأعوام السابقة.
انخفاض في الانتاج
وحسب الخياط، فإن إنتاج درعا من محصول الزيتون بلغ العام الماضي 23ألف طن ثمار ,و3آلاف طنا من الزيت، في حين من المتوقع أن لا يتجاوز إنتاج الزيتون هذا العام 19423طنا ثمارفقط,و2500 طنا من الزيت.
وأوضحت الخياط أن تراجع الإنتاج مرده لقطع عدد كبير من الأشجار بسبب النقص في مياه الري، والظروف الجوية السيئة وقت الإزهار حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير في موسم العقد وحالت دون انعقاد الأزهار بشكل كامل ما أثر على عدد الثمار، فيما أشار مزارعون إلى تعرّض المحصول لأمراض أثّرت على إنتاجية الموسم,إضافة الى قطع اشجار الزيتون واستبدالها بالرمان.
واقع المعاصر
أشار مدير صناعة درعا المهندس عماد الرفاعي إلى أن عدد المعاصر العاملة حاليا 32منشأة صناعية لعصر ثمار الزيتون تضم كل منها خطي إنتاج وبعضها ثلاثة خطوط وبطاقة إنتاجية تتراوح بين100ل150طناً لكل معصرة يومياً من ثمار الزيتون، يعمل أغلبها على مبدأ الطرد المركزي، في حين يبلغ عدد المعاصر في المحافظة 45معصرة توقف معظمهاعن العمل خلال الأزمة ،وبين الرفاعي أن المديرية بالتعاون مع لجنة المحروقات الفرعية تعمل على تأمين حاجة المعاصر من المازوت الصناعي لتلبية حاجة عملها في حال انقطاع التيار الكهربائي.
وذكر الرفاعي أن تحديد سعر عصر الكيلوغرام الواحد من ثمار الزيتون ارتفع إلى 200ليرة للكيلو الواحد إذا كان “البيرين” لصالح صاحب المعصرة ,و250 ليرة للكيلو دونها.
نقص في مستلزمات
وحسب الرفاعي فإن الصعوبات التي تعترض قطاف وعصر الزيتون خلال الموسم الحالي تتمثل في ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والنقص في الأيدي العاملة وارتفاع أجورها وانقطاع التيار الكهربائي لأعمال التقنين ما ينعكس سلباً على عمل معاصر الزيتون والتي من المفترض ان تعمل على مدار العام ما شكل ازدحاماً وضغطاً كبيراً على بعض معاصر الزيتون.
وبين أحد أصحاب معاصر الزيتون في المحافظة أن سبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون هو قلة الإنتاج وفتح باب التصدير لهذا العام, مضيفا أن التجار يشترون زيت الزيتون مباشرة من المعصرة وبأسعار باهظة يدفعونها للمزارعين، ويصدرونها أحيانا ويهربّونها أحيانا أخرى, مشيرا إلى أن سعر عصر الكيلو غرام الواحد من مادة الزيتون ارتفع عدة أضعاف مقارنة بالأعوام الماضية.وت لزوم عمل المعاصر إلا أن الموسم الحالي يشهد ارتفاعا جنونيا في أسعار صفيحة زيت الزيتون التي وصلت لأكثر من 310آلاف ليرة سورية للصفيحة الواحدة زنة 16 كيلوغراماً.
تراجع في الانتاج
وفي السياق ذاته اشتكى مزارعون في مختلف المناطق من تراجع كميات انتاج زيت الزيتون في المعاصر , يقايبله رفع أجور العصر ما ألحق بهم خسائر كبيرة,وبينوا أن التسعيرة لأجور عصر الزيتون والتي تم فرضها بغفلة عن المزارعين غير منصفة سيما مع ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج, مشيرين الى أن المعاصر تتقاضى مبلغا تجاوز التسعيرة المحددة والبعض منها يأخذ اكثر من300 ليرة عن كل كيلو ثمار ,الأمر الذي يثير امتعاضهم لكون هذه التسعيرة ومايرافقها من أجور مرتفعة ستتسبب بخسارة اكيدة لهم.
تكاليف مرهقة
وأضاف المزارعون أنهم غير قادرين على تحمل تكاليف العصر المرهقة لهم ماديا, مشيرين إلى أن تأخر الثمار دون عصر يسبب تلفها وخسارتها ولابديل لهم سوى البحث عن معاصر بعيدة عن مناطقهم ضمن المحافظة , علهم يجدون ضالتهم بمعصرة تتقاضى أجرة تناسبهم ,وهم بذلك يتحملون تكاليف نقل مضاعفة في رحلة البحث عن المعصرة الأفل تكلفة, وسط شكوك بذمة عمل تلك المعاصر ,متسائلين عن سبب قلة نسبة الزيت للكيلو الواحد,فهل يعقل أن كل 175 كيلو ثمار ينتج تنكة زيت سعة 16 كيلو فقط,مؤكدين أن سبب هذه النسبة القليلة يعود لتلاعب أصحاب المعاصر بدرجة حرارة مياه الفرز ,حيث لا يقوم بعض الفنيين بتسخين المياه لتوفير مادة الماوزوت وهذا مايقلل كمية الزيت الناتجة.
مخاوف لا تنتهي
يتخوف المزارعون في المحافظة من القطع المتعمد لأشجار الزيتون واستبدالها بزراعة أشجار الرمان التي لا تحتاج إلى تعب الزيتون ولوفرة إنتاجها وتناسب أسعارها مع الجهد المبذول في العناية بها طيلة العام , حيث شهدت زراعة الرمان في محافظة درعا خلال السنوات القليلة الماضية، إقبالاً ملحوظاً من جانب المزارعين، وذلك بسبب انخفاض تكاليفها، وارتفاع مردودها الاقتصادي، الذي أصبح الأفضل بعد المردود الاقتصادي لأشجار الزيتون, كما أصبحت زراعة الرمان تنافس الزيتون لأنها قليلة التكاليف، ولا تحتاج إلى الكثير من الاهتمام والعناية والأيدي العاملة مقارنة مع الأشجار المثمرة الأخرى كالزيتون، لافتاً إلى أن توفر المياه لري الأشجار هو الأكثر أهمية لهذه الزراعة، لأن نجاحها كمحصول اقتصادي يتوقف على توفر مياه الري الكافية.
تقليد ها
فيما تختلف التقاليد التي يتبعها أصحاب حقول الزيتون من بلد لآخر، يبقى لأهالي درعا أجوائهم الخاصة في موسم الزيتون , حيث تستعد الأسرة لقطف الزيتون قبل أشهر من نضوج ثمار الزيتون، وذلك عبر تقليم الأشجار بشكل دوري، ثم الاعتناء بنظافة الأرض ونزع الأعشاب الضارة والأشواك التي تقف حائلا دون التقاط الثمرة ، إضافة إلى “السقاية” وهي ري أشجار الزيتون عبر أنابيب المياه من الآبار القريبة، أو عبر ناقلات مخصصة لنقل الماء, لتبدأ بعدها مرحلة قطف الزيتون منتصف شهر تشرين الأول ,بعد اكتمال نموها .
لكن وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار وتغير الطقوس، فإن زراعة أشجار الزيتون في درعا، تبقى واحدة من أنجح الزراعات الاقتصادية التي توفر مداخيل اقتصادية مقبولة، سواء لأصحابها أو لباقي أبناء المجتمع الحوراني، إضافة للاستفادة من مخلفات الموسم في عمليات الوقود والتدفئة ولاسيما في مدافئ الحطب التي عادت إلى الواجهة من جديد تزامناً مع الأزمة التي تعيشها سورية منذ أكثر من عشر سنوات.