مجلة البعث الأسبوعية

مع بدء العام الجديد مشكلات بالجملة تنتظر الحلول بحلب  

البعث الأسبوعية – معن الغادري          

مع دخول العام الجديد، وتدوير المشكلات و الأزمات المعيشية والاقتصادية المتفاقمة والضاغطة، يبدو من الصعب التكهن حول ما ستؤول إليه الأمور، إلا إذا  صدقت الوعود الحكومية بتحقيق انفراجات على مستوى توفير المحروقات وتوريدها دون انقطاع، وهو الضامن الوحيد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، والحفاظ على استمرار دورة الإنتاج.

ولعل ما أكثر ما يدور في ذهن المواطن من تساؤلات وهو يستقبل العام الجديد، هو هل ستتغير آلية التعاطي مع مجمل الملفات العالقة، أم أن الواقع سيبقى على ما هو عليه غارقاً بالفوضى، وهل العطل السابقة أتاحت الفرصة الكافية أمام الفريق الحكومي الاقتصادي، لإيجاد الحلول للمشكلات والتحديات بأقل الخسائر والتكاليف.

أسئلة نضعها برسم الجهات المعنية والوصائية والتي كانت فيما سبق غائبة عن المشهد اليومي باستثناء بعض التدخلات والقرارات والتي زادت من عمق الأزمة بدلاً من أن تخفف من حدتها وتأثيراتها السلبية على المستويين المعيشي والإنتاجي.

سوء إدارة …

أمام زحمة الأزمات وتراكمها، نجد أن سوء الإدارة والتغاضي عن التقصير والأخطاء، أنتج بيئة ناشطة للفساد الفردي والجماعي، والكل اجتمع واتفق على مصلحة ومنفعة واحدة، وهي استثمار هذه الأزمات الخانقة، والضغط على المواطن بقوت يومه، وهنا يحق لأي شخص أن يتساءل على سبيل المثال، عن سر فقدان مادتي المازوت والبنزين في المحطات، وتوفرها في السوق السوداء بكثرة ووفرة وبأسعار خيالية، اذ وصل لتر المازوت إلى أكثر من 12 ألف ليرة، ولتر البنزين إلى حوالي 20 ألف ليرة، وكذلك الأمر ينسحب على ملف الخبز، إذ تحتاج للوقوف يوماً كاملاً أو أكثر للحصول على مخصصاتك من المادة، بينما تجدها بسهولة على بعد خطوات من الفرن وعلى الأرصفة بسعر 4 آلاف ليرة للربطة الواحدة، والأسئلة تكثر لتشمل الكثير من القضايا ذات الصلة منها ملف الأسواق والأسعار غير المنضبطة، والأمبيرات والذي ما زال يستنزف جيوب المواطنين بالرغم من كل الإجراءات والقرارات المتخذة لضبط جشع واستغلال مشغليها ، حيث لم تغير هذه – القرارات – من الواقع شيئاً ، بل زاد الأمر سوءاً في ظل زيادة ساعات التقنين الكهربائي ليصل إلى أدنى مستوى خلال هذه الفترة المتزامنة مع انخفاض توريدات المحروقات، والذي دفع بأصحاب الأمبيرات الى رفع قيمة الأمبير الواحد أسبوعياً إلى 40 ألف ليرة.

من المسؤول ؟ …

ما سبق ، بالإضافة إلى جملة ما يعانيه المواطن من فوضى الأسواق ومن الارتفاع اليومي للأسعار ، والذي تسبب في غياب الكثير من المواد الأساسية ( كاللحوم بنوعيها الأبيض والأحمر ومشتقات الألبان والبيض والفواكه والخضار والعديد من المواد والمتطلبات اليومية / عن مائدة الأسرة ، وهنا يسأل الكثيرون ممن التقيناهم وفضلوا عدم ذكر أسمائهم ، عن دور الجهات الرقابية الغائبة تماماً عما يجري ، وعن قيمة وجدوى القرارات الصادرة عن مجلس المحافظة ، إن لم تنجح في لجم التجار ووضع حد لجشعهم واستغلالهم وإمعانهم في سرقة ما تبقى من مدخرات المواطنين .والسؤال ذاته يوجهه المواطنون إلى غرفة تجارة حلب والمفترض برأيهم أن تلعب دوراً إيجابياً والتدخل الفوري بالتنسيق والتعاون مع باقي الجهات المعنية لضبط هذا الانفلات غير المسبوق ووضع ضوابط صارمة لعملية العرض والطلب ، وبما ينصف المواطن ويخفف من أعبائه ويبعده ما أمكن عن دائرة الإستغلال التي يجيد لعبتها حيتان السوق وبأبشع الطرق .

ترقيع …

في المقلب الآخر من المشهد اليومي في حلب ( المدينة ) تتباطىء  وتيرة الأعمال الخدمية في أحياء كثيرة من المدينة والتي تعاني أصلاً من سوء الخدمات،وتظهر الشكاوى التي تردنا يومياً من أهالي الأحياء الشعبية والمكتظة أنه وبالرغم من كل مطالبات الأهالي بتحسين واقع أحيائهم الخدمي، إلا أن الواقع يزداد سوءاً،  لجهة انتشار القمامة وتصدع الابنية والارصفة والشوارع الفرعية والرئيسية، وتلف الشبكة الكهربائية المغذية للأحياء، وغيرها مو الخدمات التي تكاد تكون معدومة.

الخدمة غير متوفرة …

أشرنا غير مرة إلى الإزدحام اليومي على كوات الصرافة التابعة للتجاري السوري وصعوبة حصول الموظفين والمتقاعدين على رواتبهم الشهرية، إذ ينتظر المتقاعدون ساعات طويلة وقد يحتاجون إلى يومين أو ثلاثة لسحب رواتبهم الشهري ، ويقول أحد المتقاعدين وهو في العقد السابع من عمره عدا عن الازدحام على الكوات غالباً ما تكون الخدمة متوقفة بسبب الشبكة أو بسبب عدم تغذية الصرافات بالنقود ، ويطالب المتقاعد مع مجموعة من زملائه أن تحل هذه المشكلة للتخفيف من معاناتهم كل شهر خاصة أن معظمهم غير قادرين على تحمل مشقة الانتظار كونهم يعانون من أمراض مختلفة .

وبدورنا نرفع هذه الشكوى المتكررة إلى إدارة المصرف التجاري السوري لمعالجتها وحل الاشكالات التقنية والفنية وإجراء أعمال الصيانة للصرافات وتغذيتها بالنقود يومياً .

بلا كهرباء …

لا يمر يوم إلا وتصلنا عشرات الشكاوى من أهالي أحياء حلب الشرقية ، يعرضون من خلالها واقع مناطقهم الخدمي غير المرضي والمتردي ، خاصة بما يتعلق بملف  إصلاح خطوط الشبكة الكهربائية وصيانة مراكز التحويل وبالتالي ايصال التيار الكهربائي أسوة بباقي الأحياء .

ويقول أحد سكان حي كرم القاطرجي أنه منذ تطهير حلب من الإرهاب وحتى الآن لم يصل التيار الكهربائي إلى حيهم وإلى باقي الأحياء المجاورة وهم يعيشون تحت رحمة أصحاب الأمبيرات الذي يتقاضون مبالغ كبيرة عن كل أمبير أسبوعياً ما يزيد عن  30 ألف ليرة، ويطالب نيابة عن جيرانه وسكان الحي بضرورة تشميل هذه المناطق بمشاريع توليد الطاقة الكهربائية بأسرع وقت ممكن للتخفيف من معاناتهم المريرة .

بدوره مدير عام شركة الكهرباء بحلب المهندس محمد حاج عمر أوضح أنه تنفيذاً لمكرمة السيد الرئيس بشار الأسد عقب زيارته الأخيرة إلى حلب تم تشميل هذه المناطق ضمن خطط عمل الشركة، حيث تم تركيب /163/ مركزاً تحويلياً كهربائياً مع نهاية العام الجاري، منها / 104/ مراكز في المدينة جميعها في الأحياء الشعبية مثل( كرم القاطرجي – بستان الباشا – الشعار – الانصاري – المشهد – المرجة –  أرض الحمرا – المشاطية –  قلعة الشريف – الكلاسة  – بستان القصر – الحيدرية –  مساكن الفردوس .. ) و/59 / مركزاً في الريف , مثل ( ريف سمعان الغربي وريف حلب الجنوبي ومنطقة السفيرة وعدد من قرى منطقتي دير  حافر و الباب … ) ،ولفت المصدر إلى أن تركيب هذا العدد من المراكز التحويلة بدأ اعتباراً من 23 / 7 / 2022 .

وأشار إلى أن عدد المراكز التحويلة التي تم تأهيلها حتى الآن وصل إلى 2313 مركزاً من أصل 4000 مركزاً تحويلياً كان قد تعرض إلى التخريب نتيجة الأعمال الإرهابية ، فيما تشمل خطة الشركة تنفيذ المزيد من المحولات الكهربائية لتشمل جميع الأحياء الشعبية والأرياف التي تضررت فيها الخدمات والبنى التحتية ، منوهاً بجهود العاملين في شركة الكهرباء لإنجاز الخطط المطلوبة .

وأشار المهندس حاج عمر إلى أن زيادة عدد ساعات التغذية والتقليل من التقنين مرتبط بزيادة حصة المحافظة من التغذية الكهربائية من المصدر، إذ تحتاج حلب إلى حوالي 800 ميغا واط، بينما يصلها يومياً بحدود 300 ميغا واط.

أخيراً …

ما تقدم يؤكد مجدداً أن واقع الحال في حلب على المستوى الخدمي والمعيشي ما زال يراوح في المكان إن لم يكن للوراء ، ومع ذلك لا ننكر أن هناك جهود تبذل لتحسين الواقع، إلا أن هذه الجهود على أهميتها وإيجابياتها في بعض الأحيان تبقى منقوصة ومشتتة وغير منظمة ، ومنها ما يكون ارتجالي وبإجتهادات شخصية ولا تفي الغرض المطلوب ، وبالتالي لا بد من قراءة جديدة لواقع المحافظة خدمياً واقتصادياً، تستند على دراسات وخطط وبرامج شاملة ووفق أولويات واضحة ومعلنة تكون بوصلتها المواطن لتلبية احتياجاته وتحسين واقعه المعيشي والتخفيف من معاناته .

وهذا يتطلب التعاطي الجاد والحاسم مع كل أشكال التقصير والإهمال ، وزيادة مساحة التنسيق والتشاركية بين كافة الجهات المعنية ، لتكون الخطط والقرارات متماهية مع الحاجة الماسة للتغيير نحو الأفضل بعيداً عن التناقض والتخبط والتعثر في التنفيذ .