مجلة البعث الأسبوعية

نـبـض ريـاضـي.. المال ورياضتنا والإمكانيات المتاحة

“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش

لم يكن فوز منتخبنا الوطني بكرة السلة على نظيره الإيراني ضمن التصفيات المؤهلة لكأس آسيا مجرد انتصار رياضي، بل جاء ليثبت نظرية أن المقدمات الصحيحة توصل لنتائج صحيحة بالضرورة، فجاءت نتيجة المباراة تتويجاً لرحلة تحضير غير مسبوقة وسط ظروف مواتية من النواحي كافة.

متابعو رياضتنا وكوادرها على مدار السنوات الماضية كانوا يشتكون قلة الدعم ونقص الحافز المادي لتحقيق الإنجاز، أو الوصول إليه، وهذا الأمر ربما فرضته بعض الظروف القسرية، لكن الطبيعي أن يحظى البناء الرياضي بدعم سخي كون صناعة الرياضة تحتاج لرأس مال إلى جانب العنصر البشري الذي لن يتحول لثروة رياضية إذا لم يصقل بعوامل التجربة والاحتكاك التي تتطلب دعماً مالياً ولوجستياً.

وهنا، لابد من التأكيد أن كل المعطيات تؤكد أن رياضتنا تمتلك كل الإمكانيات المادية اللازمة للتطور، وعبارة “هذا هو المتاح” أو “المتوفر” ليست دقيقة بالمطلق، فالقضية بالأساس تتعلق بإدارة الموارد المتاحة، وما أكثرها في رياضتنا من منشآت واستثمارات بطريقة ذكية واقتصادية، وبرؤية عصرية للعقود والاتفاقيات التي لم تكن على قدر المأمول في السنوات الأخيرة.

في هذا الإطار، وبعيداً عن كل الجدل حول مدربي منتخبي كرتي القدم والسلة والانتقادات الموجهة لهما، فإن مجرد وجود كادرين أجنبيين على أعلى المستويات للعبتين الأكثر جماهيرية، شكل نقلة نوعية وأعطى الانطباع أن مرحلة جديدة بدأت في رياضتنا قوامها الفهم الصحيح للمتطلبات اللازمة لتحقيق الهدف المنشود. وهنا، لابد من الإشارة إلى أن بعض الألعاب التي تصنف كألعاب إستراتيجية حظيت بدعم مماثل، ومنها المصارعة والملاكمة.

وإذا أردنا أن ندخل في تفاصيل العمل الرياضي من الناحية المالية، نجد أن بعض الاتحادات استطاعت بأفكار بسيطة أن تخطو نحو التحول من منتج لمستهلك، إن كان عن طريق رسوم دورات المدربين والحكام أو بطولات الجمهورية أو عبر الشركات الراعية، لكن هذه الأفكار تطبق بطريقة فردية وكل اتحاد بمفرده دون وجود رؤية متكاملة لتحويل كل الاتحادات إلى منتجة مادياً وفنياً.

وما ينطبق على الاتحادات يعمم على الأندية التي لم تستفد من تواجد شركات راعية بمبالغ خيالية لبناء رياضي حقيقي، بل استمر الفكر القاصر في التحكم بمقادير الأمور، من خلال الإصرار على الصرف على فرق كرة القدم فقط، وإهمال بقية الألعاب، ما جعل التفاوت ينتقل من شقه الاجتماعي إلى الرياضي من خلال تحول لاعب كرة القدم إلى مليونير، فيما لا يزال لاعبو الرياضات الفردية يبحثون عن تجهيزات ويحصدون “ملاليم” لا تغني ولا تسمن من جوع!!

ختاماً.. الكلام عن الظروف المادية المحيطة برياضتنا متشعب للغاية، بدءاً من مستلزمات أصغر لاعب وانتهاء باستثمار أكبر المنشآت، لكن القدرة على إدارتها ليست بالأمر البسيط، بل يمكننا القول أنها بحاجة لاختصاصيين محترفين وليس موظفين عاديين أو مجرد محاسبين، فالموضوع أعمق وأكبر من ذلك بكثير.