1،5 مليون شخص أصيب بفيروس نقص المناعة المكتسبة في عام 2021
دمشق – لينا عدره
لا يزال فيروس العوز المناعي البشري يشكّل أحد أبرز مشكلات الصحة العامة، ولاسيما إذا ما علمنا أنه أودى بوفاة حوالى 40،1 مليون شخص حول العالم، وأن العام 2020 شهد وحده وفاة 680000 شخص بسبب الفيروس، فضلاً عن إصابة 1،5 مليون شخص.
أرقام صادمة تحدث عنها الدكتور عمار مشلح، الأستاذ في جامعة دمشق، خلال محاضرةٍ ألقاها بمناسبة اليوم العالمي للإيدز تحت عنوان (نحو جيل خالٍ من الإيدز)، تناول فيها محاور أساسية حول هذا الفيروس.
وأشار الدكتور مشلح إلى أنّ أعداد المصابين بالفيروس بلغت مع نهاية عام 2021 (38،4) مليون شخص، أكثر من ثلثهم (25،6) يعيش في إقليم المنظمة الأفريقي، لافتاً إلى عدم تمكّن العلم ولغاية اللحظة من إيجاد علاج لعدوى الفيروس، إلا أنه وفي ظل تزايد الوسائل الفعالة للوقاية من عدوى الفيروس وتشخيصها وعلاجها، بما فيها حالات العدوى الانتهازية، أصبحت عدوى هذا الفيروس حالة صحية مزمنة يمكن تدبيرها علاجياً، مما يمكِّن المصابين بالفيروس من العيش أعماراً طويلةً متمتعين بالصحة.
ولفت إلى أنّ بلوغ الغايات العالمية الجديدة المقترحة التي تمّ وضعها من قبل برنامج الأمم المتحدة المشترك، المعنيّ بفيروس الإيدز، سيستدعي من الجميع مضاعفة الجهود لتجنّب السيناريو الأسوأ المتمثل بحدوث 7،7 ملايين وفاة مرتبطة بالفيروس على مدى السنوات العشر المقبلة، وازدياد حالات العدوى الجديدة بسبب تعطل الخدمات أثناء جائحة كورونا وتباطؤ استجابة الصحة العامة للفيروس.
وأوضح الدكتور مشلح أن خطورة هذا الفيروس تكمن من كونه يستهدف جهاز المناعة لدى الفرد، ما يؤدي لإضعاف دفاعات هذا الجهاز ضد العديد من حالات العدوى وبعض أنواع السرطان التي يمكن للأفراد المتمتّعين بجهاز مناعة سليم التصدي لها، على عكس الأفراد المصابين بعدوى الفيروس الذين تتناقص المناعة تدريجياً لديهم، حيث عادةً ما تُقاس وظيفة المناعة بتعداد خلايا CD4.
أما عن علامات وأعراض الفيروس، فأشار الدكتور مشلح إلى اختلافها باختلاف مرحلة العدوى، ورغم قدرة المتعايشين مع الفيروس على نقل العدوى، وغالباً ما تكون على أشدها في الأشهر القليلة الأولى اللاحقة للإصابة بالعدوى، إلا أن الكثيرين منهم لا يدركون إصابتهم بالعدوى حتى مراحل متأخرة، وقد لا تظهر في الأسابيع القليلة الأولى اللاحقة للإصابة، أي أعراض على المصاب، أو قد تظهر عليه أعراض مشابهة للأنفلونزا، ومنها الحمّى أو الصداع أو الطفح الجلدي أو التهاب الحلق.
أما عن طرق انتقال المرض، فيبيّن مشلح أنها قد تكون عن طريق سوائل جسم الشخص المصاب، مثل الدم أو حليب الأم والمني والإفرازات المهبلية، كما أنه قد ينتقل من الأم إلى طفلها أثناء الولادة والحمل، لافتاً إلى عدم انتقال العدوى بالمخالطة اليومية الاعتيادية، مثل التقبيل أو العناق أو المصافحة أو تقاسم الأدوات الشخصية أو الطعام أو الماء، لذلك لا بدّ من الإشارة إلى أن المصابين بعدوى الفيروس والذين حصلوا على علاج مضاد للفيروسات القهقرية والذين يُكبت الفيروس لديهم لا ينقلون عدواه إلى شركائهم الجنسيين، ولذلك فإن الحصول المبكر على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، إضافةً لدعم مواصلة العلاج لهما أهمية حاسمة، ليس فقط لجهة تحسين صحة المصابين بالفيروس فحسب، بل بمنع نقله إلى الآخرين أيضاً.
وأكد الدكتور مشلح أن تقليل احتمال الإصابة بعدوى الفيروس يكون عن طريق الحدّ من التعرض لعوامل الخطر، كاستعمال العوازل الذكرية والأنثوية، وإجراء الاختبار وتقديم المشورة بشأن الفيروس والأمراض المنقولة جنسياً، واستخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لأغراض الوقاية، والحدّ من المخاطر لمتعاطي المخدرات عن طريق الحقن، والقضاء على انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل.
أما عن طرق العلاج فإنها -وفق ما بيّن مشلح- تتمثل باتباع مقررات علاجية مكوّنة من توليفة 3 أدوية أو أكثر من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، والتي لا تعالج الإصابة بالفيروس، بل تساهم إلى حدّ كبير في كبت تكاثر الفيروس في جسم الشخص وتسمح بتعافي جهازه المناعي وتقويته واستعادة القدرة على التصدي لحالات العدوى الانتهازية، وبعض أنواع السرطان، حيث أوصت منظمة الصحة العالمية منذ عام 2016 بإعطاء الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية طوال العمر لجميع المصابين، بمن فيهم الأطفال والمراهقون والبالغون والحوامل والمرضعات، بصرف النظر عن الحالة السريرية وتعداد خلايا CD4.
كذلك لفت الدكتور مشلح إلى أنه ولغاية حزيران 2021 كان 187 بلداً قد اعتمد هذه التوصية، ما يغطي 99% من جميع المصابين بالفيروس في العالم، فعلى الصعيد العالمي، كان 28،2 مليون شخص من الأشخاص المتعايشين مع الفيروس يحصلون على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية في عام 2021، حيث بلغ مستوى التغطية العالمية بالعلاج المضاد للفيروسات القهقرية في عام 2020 نسبة 73% ومع ذلك يلزمنا بذل المزيد من الجهود من أجل زيادة نطاق العلاج، ولاسيما علاج الأطفال والمراهقين، لأن 54% فقط من الأطفال والمراهقين كانوا قد حصلوا على العلاج المضاد للفيروسات بحلول نهاية 2020.
ومن الجدير الإشارة إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للإيدز الذي صادف بتاريخ 1/12 يتزامن مع حملة الـ16 يوماً للقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، علماً أن معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب “الإيدز” في سورية هي معدلات منخفضة جداً، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة.