أخبارصحيفة البعث

تحت ضغط الأزمة.. ألمانيا تتراجع عن وعود الإنفاق العسكري

تقرير إخباري:

لم يعُد ثمّة مخرجٌ من التورّط في العداء لروسيا على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة، فبعد ارتفاع أصوات الحكومات الأوروبية بالتحريض والتجييش ضد روسيا لإقناع الشارع الأوروبي بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، والإمعان في نشر فكرة روسوفوبيا في المجتمع الغربي، عادت هذه الحكومات مجدّداً، على خلفية الأزمات الاقتصادية التي وضعت نفسها فيها من خلال عقوباتها غير المدروسة أصلاً على روسيا، لتحاول إقناع هذه الشعوب التي لجأت إلى الاحتجاجات والإضرابات في جميع القطاعات الحساسة في البلاد، بضرورة إعادة جسور التواصل مع موسكو، حيث أثبتت تداعيات الحرب أن ثمّة مستقبلاً غامضاً للداعمين لها تجلّى بشكل واضح في تراجع ألمانيا عن وعدها بزيادة الإنفاق العسكري إلى 2٪ على الأقل من ناتجها الاقتصادي، وهو تراجع عن التزامها الرئيسي الذي قطعته على نفسها بعد أيام من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لتصبح قوة عسكرية أكثر جدية.

برلين سعت أيضاً إلى التقليل من أهمية التحذيرات الداخلية بشأن التأخير في شراء طائرات مقاتلة جديدة، فقد قلل المتحدث الرسمي باسم الحكومة ستيفن هيبيستريت من التوقعات بشأن الإنفاق الدفاعي لألمانيا، حيث أخبر الصحفيين أن هدف 2 في المائة لن يتم تفويته ليس هذا العام فحسب، ولكن من المحتمل أيضاً في العام المقبل، قائلاً: “لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الهدف سيكون في عام 2023″، أي أن “توقعه الحذر” هو أن ألمانيا ستظل تسعى لتحقيق الهدف خلال هذه الفترة التشريعية، التي تنتهي في عام 2025.

وتأتي تصريحات المتحدث الرسمي وسط انتقادات متزايدة بشأن حالة القدرات العسكرية لألمانيا بعد تسعة أشهر من إعلان المستشار أولاف شولتس، التغيير في السياسة الدفاعية والأمنية الألمانية.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن الحكومة الألمانية أنها تتراجع عن وعود الإنفاق العسكري التي قطعتها بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ووفقاً للصحيفة، فإن التأخير في الإنفاق العسكري قد يتحوّل إلى مشكلة متزايدة تؤثر في صورتها وصدقيّتها، في وقت تسعى فيه برلين إلى الاضطلاع بدور أكبر في ضمان الدفاع والأمن على المسرحين الأوروبي والدولي.

كذلك لفتت تلك التصريحات إلى أن التعهّد البالغ 2% كان وعداً رئيسياً للخطاب الذي ألقاه شولتس أمام البرلمان الألماني في شباط بعد أيام فقط من الحرب في أوكرانيا، حيث قال: “سنستثمر من الآن عاماً بعد عام، أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي في دفاعنا”، هذا الالتزام الذي يتماشى مع ما وافق عليه جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي في عام 2014.

أما وزيرة الدفاع كريستين لامبرخت فقد تعرّضت لانتقادات من داخل تحالفها الحكومي بعد أن تبيّن أنها لم تطلب إمداداتٍ كافية من الذخيرة الاحتياطية على الرغم من النقص المعروف منذ فترة طويلة، وتتسبب التأخيرات المحتملة في شراء 35 طائرة مقاتلة أميركية من طراز F-35 للقوات الجوية الألمانية بمزيد من الانتقادات، وفقاً للصحيفة ذاتها.

كذلك اعترفت وزارة لامبرخت في رسالة سرية إلى المشرّعين بأن شراء الطائرات الشبحية العالية التقنية، التي من المفترض أن يتم تسليم أول ثماني طائرات منها في عام 2026، قد تتعرّض لعرقلة بسبب “التأخيرات وتكاليف إضافية”، كما جاء في رسالة وزارة الدفاع أن الهدف من تشغيل أول طائرة من طراز F-35 بحلول عام 2026 يعدّ “طموحاً للغاية”، مشيرة إلى أعمال البناء الضرورية في قاعدة جوية بالإضافة إلى التأخير في تنفيذ الإجراءات البيروقراطية المطلوبة مثل تصاريح الطيران.

ولكن المشكلات والأزمات الاقتصادية التي بدأت ألمانيا تعانيها، شأنها في ذلك شأن سائر الدول الأوروبية، على خلفية انجرارها وراء واشنطن في برنامج العقوبات المفروضة على روسيا، دفعت الكثيرين إلى القول إن ألمانيا ستفشل على الأرجح في تحقيق هدفها البالغ 2 في المائة في عام 2023، حيث ستنكمش ميزانية الدفاع العادية البالغة حوالي 50 مليار يورو بشكل واضح، وربما لا تستطيع الحكومة الوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن مطلقاً.

ميادة حسن