اقتصادصحيفة البعث

“كهربة الحقائق”!!

قسيم دحدل

يقول المثلُ الشعبي: “خذ أسرارهم من صغارهم”. استعانتنا بهذا المثل هي لتلخيص ما كنّا سمعناه في موسم الصيف الفائت من العاملين في القطاع الكهربائي، وخاصة ممن خبر جيداً حقيقة ما يحدث في مفاصل هذا القطاع، ومرجع هذه الخبرة عملهم وتعاطيهم اليومي مع ما يحدث ويستجدّ من منغصات على منظومتنا الكهربائية وكيف تُدار وتُستثمر!!.

العاملون، وهم من الفئات العاملة ميدانياً، وفي كلّ الظروف المناخية (هم الذين يستحقون أن نرفع القبعة لهم لأنه لولاهم لما كنا “نتنعم” بساعة أو نصف أو ربع الساعة وصل للتيار حالياً)، كانوا أكدوا لنا صيفاً أن أزمة الكهرباء ستتفاقم في فصل الشتاء؛ وتأكيدهم لم يكن من فراغ بل من معطيات فنية ولوجستية وإدارية بحتة.

تأكيداتهم صيفاً لم تطل حتى عرّى الشتاء التصريحات المتفائلة المليئة بوعود التحسّن في وضع الطاقة الكهربائية، وها هو الدليل حرفياً على لسان مدير المؤسّسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية، الذي قال بالأمس: “واقع الكهرباء الحالي سيستمر ونتمنى ألا يصبح أسـوأ.. ولدينا مشاريع لو انتهت لأنتجنا فائضاً عن حاجة سورية من الكهرباء”، وقال أيضاً: “هناك أولويات في توزيع ساعات التقنين.. ولا أثر ملموساً لعملنا على أرض الواقع حالياً”.

تصريح المدير، والذي نحترم فيه شفافيته وصدقه في وضعنا بصورة الواقع القائم، أكد ما كان ولا يزال يقوله العاملون من أن كلّ إصلاحاتهم وصياناتهم لمكوّنات الشبكة هي لأجل الإصلاح والصيانة فقط، وهذا فيه هدر كبير للأموال والجهد والوقت، والمصيبة أن لا جدوى تُرجى بعد كلّ ما يتمّ باستمرار، أي لا كهرباء تلبي متطلبات الحياة والقطاعات!!

أما الأهم فهو ما كان تمّ في ملف الخطوط الذهبية، حيث البتّ والمنع في إعطائها، بدأ على صعيد كلّ شركة، ثم تمّ التنبه لما فيه من “دسم” و”محسوبيات”، فتمّ تشكيل غير لجنة له، ليصل الأمر بعد أن استفحل الأمر ليكون القرار بالمنح والحجب وزارياً، ثم سكن الملف بقدرة قادر.

الخطوط الذهبية كانت إلى جانب أسباب أخرى أحد أسباب ما نحن عليه من حال تقنيني أضرّ بمنظومتنا الكهربائية وأوصلها لما هي عليه من أعطال مستمرة، ناهيك عن أسباب تتصل بأساسيات الجودة في المواد اللازمة للإصلاح والصيانة والاستبدال، كالكابلات مثلاً، والذي هو ملف بحدّ ذاته نأمل فتحه لكشف حقيقة ما يقال حوله؟!

بالمحصلة.. هناك الكثير مما يُعرف ولا يُقال في قطاع الطاقة الكهربائية خاصة وحوامل الطاقة عامة، إما تخوفاً من السين والجيم، وإما من المسؤولية القانونية التي من الممكن أن يتحمّلها من يجرؤ على الكلام في حال تمّ “كهربة” الحقائق، في زمن عزَّت المعلومة على الإعلام!!

Qassim1965@gmail.com