“الجزيرة السورية.. البعد السياسي والاقتصادي” في ملتقى البعث للحوار في اللاذقية
اللاذقية – مروان حويجة:
أفرد ملتقى البعث في جلسته الخامسة التي أقامها مكتب الإعداد و الثقافة و الإعلام الحزبي الفرعي في فرع اللاذقية لحزب البعث العربي الاشتراكي حواراً تحت عنوان “الجزيرة السورية.. البعد السياسي والاقتصادي” وذلك في صالة دار الأسد للثقافة بمدينة اللاذقية.
وأكّد الدكتور عصام درويش رئيس مكتب الإعداد و الثقافة و الإعلام الحزبي الفرعي، أنّ الجزيرة السورية أرض الحضارة والثقافة، ومهد الأوابد التاريخية الأقدم في العالم، فهي ليست سلّة للغذاء والنفط فحسب، وإنما هي انتماء لوطن الحضارة والتاريخ وفيها يتجلّى معنى الانتماء الفكري والحضاري والروحي لسورية، وأن يكون الانتماء بالمواطنة لا بالعرقية، وكل ما يتضمّنه ذلك من معانٍ وحقوق وواجبات.
وأضاف: نحن في سورية جميعاً أكثرية واحدة متكاملة تؤمن بالوطن وقائد الوطن الرفيق الأمين العام للحزب بشار الأسد، رئيس الجمهورية.
ولفت إلى تعاضد النسيج المجتمعي في الجزيرة السورية بلآلئها الرقة ودير الزور والحسكة، بما تحمله من إرثٍ تاريخي بعيداً عن كل أشكال ومحاولات النيل من الحقائق الساطعة كالشمس، وهذا كفيل بإحباط كل مؤامرات ومحاولات الارتزاق التي تحاك لخدمة أعداء الوطن، إلا أن الوقائع تثبت أنّ أبناء الوطن هم من يصونون التاريخ والجغرافيا.
وأشارت الرفيقة هند الطريف، عضو اللجنة المركزية للحزب، إلى أنّ الرقّة أبت الانحناء رغم الألم والجراح، وما حلّ بالرقة هو جزء ممّا حلّ بسورية الصلبة في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني، مبيّنةً أنّ قوى الشرّ والهيمنة والرجعية العربية لم تيأس من محاولات النيل منها حفاظاً على أمن الكيان الصهيوني، من خلال التركيز السافر على استهداف التنوّع الاجتماعي من جهة والسيطرة على الموارد الطبيعية.
وعرضت الرفيقة الطريف وقائع وحلقات استهداف الرقة والجزيرة السورية بشكل عام لتحقيق مآرب عدوانية لم تخفِها الدوائر الصهيوأمريكية الغربية بالنظر لما للجزيرة السورية من أهمية جيوسياسية واقتصادية، واستخدام أدوات أمريكية مأجورة ممثلة بفصائل انفصالية وإعطاء الذريعة لقوى التحالف الدولي وانكشاف أطماع وأحقاد ومآرب المحتل التركي وإنشاء تنظيمات إرهابية كذريعة مكشوفة لتدخل دول العدوان والاحتلال.
وأكدت الرفيقة الطريف أنّه على الرغم من كل الأحداث وتطوّراتها فإنّ أبناء الجزيرة السورية يثبتون رفضهم ومقاومتهم للمحتلين والقوى الانفصالية، وأنّ المقاومة الشعبية تبقى سبيلاً وخياراً يؤازر ويساند جيشنا الباسل لطرد قوى الاحتلال ودحرها دفاعاً عن التراب والأرض وصوناً للسيادة والكرامة لتبقى أرض سورية طاهرة شامخة عزيزة.
الباحث والمحلل الاقتصادي الدكتور شادي أحمد سخّر محوره للحديث عن أهمية الجزيرة السورية اقتصادياً وتنموياً بكل تنوّعها الديموغرافي والاجتماعي والاقتصادي والحزبي والقومي.
وعرض أحمد لمؤشراتٍ اقتصادية عن الناتج المحلي والواقع الاقتصادي قبل عام ٢٠١١، ومعدّل النمو الاقتصادي الكبير الذي وصل إلى ٥.٩ %، وارتفاع حجم الناتج القومي، ووجود ١٣٥ ألف منشأة صناعية وتوزعها وعدم وجود مديونية، ومكامن النمو الاقتصادي في الموارد الطبيعية والثروات الباطنية، ناهيك عن ضياع فرص كثيرة في الاستثمار الأمثل للموارد وتوزيع المنشآت في قطاعات الوفرة كالقطن والصناعات البتروكيماوية الضرورية، وأهمية مشروعات استراتيجية كبرى كسدّ الفرات و الاستصلاح الزراعي، إضافةً إلى وجود فجوة في توزيع الثروة، واقتصار دعم الاستثمارات فيها على الإعفاءات الضرورية وهذا غير كافٍ لأن الأهم من ذلك البنى التحتية.
وأشار أحمد إلى الأهمية الكبرى للمشروع الذي أطلقه الرئيس الأسد قبل الحرب لجرّ مياه دجله بكلفة كبيرة، وكان من الممكن لهذا المشروع لو تمّ إنجازه أن يحقق تحوّلاً كبيراً في المجال الاقتصادي ويقدّم أنموذجاً عالمياً في إقامة مجتمع متطوّر اقتصادياً.
كذلك أكّد د.أحمد أنّ المشروعات الكبرى التي جرى التحضير لها في تلك المنطقة بالتوازي مع ربط البحار الخمسة، جعلت الدول المعادية تتخوّف من هذه المشروعات في تعزيز الموقع الاقتصادي لسورية في المنطقة والعالم، وهذا الأمر ينسحب تماماً مع مشروع الربط الحيوي الاستراتيجي بين ميناءي طرطوس والبصرة، مركّزاً على الموقع المحوري لسورية في حركة التجارة العالمية بوصفها بوابة مهمّة بين الشرق والغرب على خطوط الملاحة والتجارة.
من جهته الرفيق الدكتور غزوان رمضان، القيادة المركزية، رأى أن أحد أسباب استهداف الجزيرة السورية يكمن في عمقها الحضاري، إضافةً إلى الجوانب الاقتصادية والثقافية.
وتساءل د. رمضان عن الحلول الممكنة للوقوف في وجه المحتلين والطامعين رغم كل التحدّيات والظروف، مشيراً إلى أنّ الحلّ يكمن في المزيد من التكاتف والتعاضد، قائلاً: الشعب السوري مشهود له بثباته وتكاتفه في وجه الأزمات بما يتميّز به شعبنا من منبت أصيل وتعاضد، وهذا اتضح جليّاً للعالم أجمع في احتضان أبناء الوطن في محافظاتهم لكل أهلهم الذين تمّ تهجيرهم من مدنهم ومناطقهم خلال سنوات الحرب لأنهم تمسّكوا وتشبّثوا بأرضهم وبالانتماء الراسخ لوطنهم أيّاً كانت التحديات والضغوط والاعتداءات التي تعرّضوا لها من التنظيمات الإرهابية ومن المحتلين والأعداء وأدواتهم.
وجرى خلال الجلسة العديد من المداخلات والمناقشات التي قدّمها الحضور حول موضوع الملتقى، وسبل زجّ وتوحيد كل الجهود والإمكانات والطاقات للوقوف بكل ثبات في وجه الأعداء الطامعين المحتلين والوقوف صفاً واحداً في خندق واحد مع بواسل حماة الديار أبطال الجيش العربي السوري حامي الوطن وسياجه وحصنه المنيع.
حضر الملتقى الرفيق المهندس هيثم إسماعيل أمين فرع اللاذقية للحزب وأعضاء قيادتي فرعي اللاذقية والرقة للحزب، ورئيس مجلس المحافظة المهندس تيسير حبيب وقيادات جبهوية وحزبية ونقابية وفعاليات شعبية وثقافية وإعلامية.