ثقافةصحيفة البعث

ضوا في مؤتمر “الصناعات الإبداعية”: مواكبة تّطورات الإعلام الرقمي وصناعة المحتوى

نجوى صليبه

تركّزت أعمال مؤتمر الصّناعات الإبداعية في اليوم الثّاني على الصّناعات الإبداعية في سورية، وفي كلمته قال أحمد ضوّا معاون وزير الإعلام: على مدار العام تعمل وزارة الإعلام على تطوير منتجاتها، وذلك من خلال مواكبة التّطورات في مجال الإعلام الرقمي وصناعة المحتوى الرّقمي، مضيفاً: عملت الوزارة أيضاً على تطوير المعهد التّقاني للطّباعة وأصبح المعهد التّقاني للإعلام والطّباعة، بحيث أضافت إليه عملية تدريسية لها علاقة بتخريج طلاب لهم خبرة في المونتاج والإضاءة والتّصوير وكلّ ما يتعلّق بالعمل الإعلامي، مضيفاً: الاهتمام بالإبداع أمر جوهري في بناء الشّعوب والحضارات، والدّولة لا تقصر في هذا الموضوع، لكن هناك صعوبات في تأمين التّجهيزات بسبب الحصار المفروض على سورية، كما أنّ الحرب أثّرت كثيراً وأوقفت العديد من المشاريع منها محاولتنا عام 2010 إطلاق مؤسسة للاهتمام بالمبدعين، كما أنّنا نفتقر إلى المؤسسات وتعاون القطّاع الخاصّ.

وابتدأ عماد جلول مدير مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثّقافة كلمته بتأكيد دور الإعلام في الإضاءة على المنتج الثّقافي ونشره، يقول: لا يمكن الحديث عن عمل المديرية بعيداً عن الإعلام الذي يتابع نشاطانا ونتاجنا قبل وأثناء وبعد قيامها، لكن يجب أن تتغير أنماط التّفيكر وآلياته، مؤكّداً ضرورة الإيمان بأنّ التّعامل مع المنتج الثّقافي كمنتج يحتاج إلى تسويق، ومضيفاً: من حقّ الفنّان والمبدع السّعي إلى دخل جيّد، وهذا سبب تسّرب الكثير من الفنّانين والمبدعين على الرّغم من بعض الخطوات التّحفيزية التي قمنا فيها، فهناك المسابقات وهناك برنامج دعم مسرح الشّباب، منوّهاً بأنّ البعض كان يسعى إلى تقديم عرض مسرحي واحد فقط من أجل أن يكتب ذلك في الـ”سي في” ويقدمه عندما يهاجر إلى خارج البلد حيث هناك المنافس القوّي لنا والذي يقدّم له مبالغ مالية مرتفعة جدّاً.

بدوره، قال هيثم حافظ رئيس اتّحاد النّاشرين: هذه أوّل مرّة أشعر فيها بتوافق العمل بيننا وبين الجهات الحكومية، حيث كنّا دائماً ننادي بصناعة الكتاب والنّشر واستمرارها لكونها لا تخصّ الكاتب أو النّاشر فقط، بل ينطوي تحتها المصمم والرّسام والنّاشر والمهندس ومؤسسة التّوزيع والنّشر والمكتبات.. في سورية لدينا فقط ثلاثمائة دار نشر وخمسين مكتبة فقط، مضيفاً: حتّى يكون لدينا صناعة متطورة يجب أن يكون لدينا عمل تجاري له مردود مادّي، ويجب أن نعدّل القوانين وأن يكون هناك تعاون أكبر بيننا وبين الجهات الأخرى لحلّ بعض المشكلات والتي أكثرها أهمّية إدارة وسائل التّواصل الاجتماعي التي تغلق علينا أبواباً كثيرة، مؤكّداً أنّ أزمة الكتاب لدينا ليست في المحتوى، بل في وجود عدم وجود كاتب مشهور نستطيع أن نسوّق له خارج سورية.

بدوره، تحدّث المايسترو ميساك باغبودريان عن حالة الدّهشة والاستغراب الذي رافقت طرح هذا المصطلح في البداية وتلاشيها لاحقاً، مبيناً: اليوم لا يمكن الاكتفاء بالقول بوجود المبدعين، بل يجب أن يكون لدينا خطّة لدعمهم وتطويرهم، أنا مع وضدّ فكرة أنّ المستهلك هو الذي يوجّه الحركة الثّقافية أو الفنّية، لأنّ على المثقّف أن يؤدّي دوره المجتمعي وهذا يتطلّب دعمه في كلّ الجوانب، متسائلاً: كيف يعيش الموسيقي وهو يفتقد البيئة الحاضنة التي تؤمّن له دخلاً جيّداً؟ ومبيناً: نحن نفتقد أيضاً للنّاقد الموسيقي الذي يقدّم نقداً موضوعياً يفيدنا في عملنا لاحقاً ويضيء إلى إيجابيات عملنا وأخطائنا، ومنوّهاً بأنّ القطاع الخاصّ قبل الحرب كان يدعم بعض النّشاطات الثّقافية والفنية، أمّا خلالها فقد تلاشى وربّما انعدم هذا التّعاون.

وقدّم الدّكتور خليل عجمي رئيس الجامعة السّورية الافتراضية دراسة حالة نفّذتها الجامعة، موضّحاً: تمّ الإعلان عن مسابقة المحتوى الرّقمي العربي، وتقدّم إليها عدد لا بأس به، ومن ثمّ تمّ الإعلان عن أسماء المشاركين الفائزين الذين لم نستطع دعمهم لا في القطّاع العامّ ولا الخاصّ، والخمسة الأوائل هم اليوم خارج البلد!. في هذا العام أعدنا التّجربة بالتّعاون مع اتّحاد طلبة سورية، وللأسف كان عدد المتقدمين أقلّ من العام الماضي، منوّهاً بأنّ هناك تحدّيات كثيرة تعيق الصّناعة الإبداعية منها المبادرات الفردية والمؤسساتية والتّمويل والتّراخيص والإعفاءات الضّريبية والتحدّيات المتعلّقة بالهيئة التّمكينية، ومشيراً إلى أنّ قانون الجريمة الإلكترونية حلّ الكثير من المشكلات، وفي المقابل أوقعنا في مشكلات تتعلق بنشر المحتويات ومشاركتها.

وتحدّث الدّكتور باسل يونس عن الصّناعات النّسيجية كصناعة إبداعية محلية، يقول: في هذه الصّناعة يجتمع الفن والثّقافة والتّكنولوجيا، والإبداع التّكنولوجي يكون بالتّصميم والمواد الأوّلية وأسلوب الإنتاج، وهنا لا بدّ من تأكيد أهمية رأس المال الفكري في هذه الصّناعة الذي يتمثّل برأس المال الهيكلي والبشري والاجتماعي والنّفسي.

من جهتها، بيّنت المهندسة رولا عقيلي مديرة مديرية التّراث اللامادّي في وزارة الثّقافة أنّ خطأ حصل أثناء الحديث حول شبكة المدن المبدعة، موضّحة: قدّمنا الملف كاملاً إلى اليونيسكو، ولكن لم يُرفض لسبب سياسي كما قال البعض، بل رُفض لأنّه لم يُكتب بطريقة صحيحة، إذ كان يجب أن يُظهر دور المنتج بالاقتصاد المحلي وهذا ما لم نستطع إثباته، وكان المطلوب أيضاً أن نقدّم معلوماتٍ عن المنتج، ونحن اشتغلنا على البروكار فقط، وكان يجب العمل على الصّناعة النّسيجية.. الأمر ليس بهذه السّهولة ويتطّلب عمل سنوات طويلة.

بدورها، تحدّثت رشا برهوم ـ ماجستير إدارة تراث ثقافي ـ جامعة دمشق ـ حول دور المنظّمات المجتمعية والأمانة السّورية للتّنمية في دعم الإبداع الثّقافي، تقول: لدينا اتّجاه نحو الإبداع بأشكال جديدة وذلك بالاعتماد على الحرف التّقليدية، ونعمل على زيادة ارتباط التّراث الشّفهي بمجتمعه المحلي، وزيادة نصيب الحرفي من العائدات الاقتصادية وتحفيزه وتعزيز السّياحة الثّقافية والتّراثية.

مدير مديرة الآثار والمتاحف نذير عوض، تطرّق إلى دور المتاحف في دعم الصّناعات الإبداعية من خلال عرض اللقى الأثرية وتفسيرها وشرحها، مبيناً: لدينا مهندسين نسعى إلى تطوير أدائهم من أجل الوصول إلى معارض متطوّرة ومنهجيات عرض مبتكرة.

ونظراً لخصوصة الفنّ التّشكيلي وطبيعة مجتمعه، أكّد النّاقد التشّكيلي سعد القاسم أنّه لولا رعاية الدّولة لهذا الفن لما كان، موضّحاً: هناك من يقول أنّ المؤسسات الرّسمية لا تقتني من أعمال الفنانين التّشكيليين، لكن لابدّ من التّذكير بأنّ الفنّان التّشكيلي لا يعيش من اقتناء الوزارة لعمل من أعماله، وأنّ الفنّانين الرّواد كانوا مدرّسين في المدارس والمعاهد، ومنوّهاً بأنّ اللوحة سلعة ثقافية يجب أن تكون رابحة.

“السّينما صناعة ثقافية ثقيلة” عبارة اختصر فيها الأديب محمود عبد الواحد الكثير ممّا قد يقال في هذا المجال، مبيّناً: تشكّل سورية حال فريدة في دعم السّينما، إذ إنّها تموّل الفيلم من ألفه إلى يائه، فالسّينما لا يمكن أن تقوم على المبادرات الفردية.

وأكّد الدّكتور قصي عجيب ضرورة الإفادة من الصّناعات المعرفية في استرجاع مصادر التّراث اللامادّي، وذلك من خلال اتّخاذه “المكنز الإلكتروني للتّراث اللامادّي السّوري” أنموذجاً، يوضّح: المكنز هو خزّان المعرفة ويحتاج اختصاصي المعلومات مصادر موثوقة لبناء المكنز والغوص ضمن المحتوى العلمي، لذلك من الصّعب أن يكون عملاً فردياً، ويستفيد من هذا المكنز الباحثون في علم الاجتماع واللغ والتّاريخ والفنون والأدب والإعلاميون.

“البيئة التّشريعية للصّناعة الإبداعية” عنوان المحور الذي شارك فيه بشير عزّ الدّين المستشار القانوي في وزارة الثّقافة، يقول: التّراث يشكّل قيداً على الأفراد مع العلم أنّ أساس الإبداع، لذلك لابدّ من تطوير القاعدة التّشريعية ليتحوّل هذا التّراث من عبء إلى رافعة، والوزارة اشتغلت على هذا القانون، وهناك اتّفاقيات دولية سورية موقّعة عليها بعضها فاعل وبعضها لا أثر له على أرض الواقع، أمّا فيما يخصّ حقوق الملكية الفكرية فلدنا قانون يحمي حقوق المؤلف لخمسين عاماً وأكثر لكن هناك جهل به.

الدّكتور مجد جمالي رئيس قسم التّقانات الحيوية في الهيئة العليا للبحث العلمي، أكّد كما الجميع ضرورة تكامل جهود جميع الجهات المعنية بالصّناعة الإبداعية، مشيراً إلى أنّ الفردية تعيق عمل أي جهد أو عمل أو مشروع.