اقتصادصحيفة البعث

رسالة.. نهاية العام!

قسيم دحدل 

يكاد لا يمرّ يوم إلا وتطرأ تغيّرات مفجعة على الأسعار، لناحية الارتفاع الذي أصبح جنونياً فعلاً، وكأنها قطار أعمى لا يتوقف في محطة أبداً، يأخذ في طريقه كلّ شيء، دون أن يكون هناك قائد قادر على ضبطه وإيقافه!

واقع لا يمكن إنكاره أبداً، والأنكى أن ما يحدث لا يمكن فهمه واستيعابه لدى كلّ الشرائح الاجتماعية والاقتصادية على مختلف مستوياتها العلمية، لدرجة وصل الأمر بأحد أساتذة الاقتصاد، ومدير هيئة، إلى أن يقول متهكماً: إن تفسير ومعرفة كيف يعيش المواطن السوري حتى المنجم عاجز عنه!!

إذاً، يمكننا اعتبار أن جرس الإنذار قد قُرع، وعلى الوزارات المعنية خاصة، والحكومة عامة، إيجاد الحلول والمعالجات لهذا الواقع بالسرعة الكلية، ولاسيما بعد أن وصل الفارق ما بين دخله ونفقاته عتبة الخطر. وهو ما يتطلّب من مصرفنا المركزي التحرك والتفكير نقدياً بمخارج من خارج الصندوق لضبط السوق النقدي، حيث التفاوت في سعر صرف الليرة، أمام العملات الصعبة، آخذ بالاتساع، ما ينبئ بأننا مقبلون على انتكاسات قد تكون جوهرية في هيكلية نظامنا المالي والنقدي والاستثماري. كذلك على وزارتي الاقتصاد والتجارة الداخلية وحماية المستهلك التحرك لضبط الحركة التجارية والسوقية والسعرية (استيراداً وتصديراً) بأفكار غير تقليدية تتناسب وطبيعة التحديات التي نواجهها، والتي يمكن أن نواجهها قادماً وتكون أعقد وأصعب وأكثر كلفة وخسائر لكلّ من الدولة والمواطن.

كما على الجهات المعنية، كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، القيام بالأمر نفسه، والعمل على إعداد سياسات فاعلة لحزم الحماية الاجتماعية للفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة تجاه المتغيّرات المعيشية القاسية جداً، وتفعيل برامج المساعدات للعاطلين عن العمل أسوة بمعظم دول العالم التي تمتلك أنظمة حماية ونحن منها، حيث إن تكلفة الوقاية من تداعيات الحرب الاقتصادية أقل كثيراً من معالجتها. وهنا، يجب أن تكون القوانين للجميع وفوق الجميع، وكذلك الأمن والأمان الاجتماعي، إذ من المعلوم للكل ماذا يعني الاستقرار وما هي منعكساته على الاستثمار وحركة الأموال والسياحة وتأمين الممتلكات العامة والخاصة.

وهنا، على وزارة الإدارة المحلية والبيئة أيضاً النهوض بدورها الفاعل على مستوى الوحدات الإدارية، والعمل على توجيه وتعزيز التكافل الاجتماعي في المجتمع حتى يستطيع الصمود ومواجهة التحديات الحالية والمستجدة في كلّ المحافظات والمناطق والنواحي والقرى، حيث تفعيل الخدمات يشكل عامل أمان واستقرار اقتصادي واجتماعي، ويحفز المواطن على المرافق العامة والخاصة.

أما ما على كلّ من وزارات الزراعة والكهرباء والصناعة والنفط والموارد المائية وغيرها، فالأمور واضحة في شقها الاستثماري والإنتاجي، حيث إن أي تقدّم في أعمالها سينعكس ويصبّ إيجاباً في كل المناحي الاقتصادية والإنتاجية، وبالتالي في دعم مختلف القطاعات وتطوير نشاطتها، وما يعنيه ذلك من جرعات إنعاشية للشأن المعيشي، وهنا نؤكد على أمرين اثنين، هما مكافحة الفساد والهدر المهدّدين لأي تغير واعد.

وليس ختاماً وزارة المالية، وإدارتها للمالية العامة، حيث نأمل تطويراً لها من حيث الإيرادات والنفقات، على خلاف ما هو قائم من تقليدي وبيروقراطي، لا يتناسب وما تتطلبه المرحلة من مرونة مدروسة ومحسوبة النتائج.

هذه رسالة المواطن السوري في عناوينها الأعمّ مع اقتراب وداع عام قديم بكلّ ما فيه من أخطاء، واستقبال عام جديد في كلّ شيء، والأهم جديد في التفكير وأساليب المعالجة والتطوير.. رسالة كلنا أمل أن تلقى الصدى الذي تستحقه، كي يستطيع أن يشدّ من أزر حكومته ويكون عوناً لها على مواجهة الحرب الاقتصادية كونه الجندي الأول وفي خطوطها الأمامية.

Qassim1965@gmail.com