الكيان الصهيوني.. العنف ظاهرة متجذرة وليست طارئة
علي اليوسف
سجلت جميع المؤشرات ازدياد ظاهرة العنف داخل الكيان الصهيوني، حيث يمكن لحظ هذا العنف في جميع مفاصل الحياة أثناء القيادة على الطرقات، وفي محطات الوقود، وبين سائق ومشاة، وبين زوج وزوجته، وبين شركاء في عصابة إجرامية. هذه المؤشرات هي جزء من الحياة العامة داخل الكيان الصهيوني، ويكمن القول إنها جزء من الحمض النووي لهذا المكون البشري الممزوج بالعنف.
بمعنى أن العنف في الكيان الصهيوني ظاهرة متجذرة وليست طارئة، وهي باتت تتفشى في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث تفيد المعطيات التي تنشرها الصحافة الإسرائيلية أنه خلال العام الحالي ارتفع عدد حوادث العنف بنسبة 42% مقارنة بالعام الماضي. من هنا فإن حوادث العنف ليست أحداثاً موضعية، بل هي ظاهرة واسعة لم تظهر من العدم، لأن العنف في هذا الكيان له جذور تاريخية وثقافية عميقة.
إن الأمثلة كثيرة، ولعلّ آخرها قيام متظاهرين من “الحريديم” (المتشددين الدينيين اليهود)، بتخريب محال وإحراقها في مدينة القدس المحتلة، بسبب إعلان تظهر فيه صورة امرأة، بحسب ما أفادت به “القناة الـ 12” الإسرائيلية، وقام المتظاهرون أيضاً بـ “دحرجة” حاوية نفايات في أثناء مشاركتهم في تظاهرة عنيفة في مدينة القدس المحتلة، الأمر الذي أدى إلى إصابة امرأة بجروح خطيرة على خلفية اعتقال أحد الشبان “الحريديم” بسبب إضرامه النار في متجر للهواتف المحمولة.
وبحسب البيانات الرسمية عن ازدياد حالات العنف في الكيان الإسرائيلي خلال العام الحالي، فإنه يوجد ارتفاع كبير بلغ نسبة 42% في عدد أحداث العنف التي وقعت في مؤسساتٍ تربوية في عام 2022، مقارنة بعام 2021. وكانت معطيات إضافية، مصدرها شرطة الاحتلال الإسرائيلي كشفت أنه، منذ مطلع هذا العام، فتح في “إسرائيل” 54,572 ملفاً تتعلق بالعنف الجسدي، و31,285 ملفاً بشأن العنف الأُسري، و7,871 ملفاً لها صلة بالعنف الجنسي. وأفادت المعطيات أيضاً أنه، منذ بداية العام الحالي، فتحت الشرطة 7,871 ملفَ تحقيق بتهمة اقتراف تحرّش وجرائم جنسية، في مقابل 6,922 ملفاً خلال العام الماضي. كما أن المراجعات بشأن العنف الأُسري ازدادت بنسبة 36% خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، مقارنة بالفترة الموازية لها من العام الماضي، وأصبحت 5,712 مراجعة.
ومنذ مطلع العام الحالي، تمّ تسجيل 5,316 حادثة عنف في المستشفيات، وتوجيه 4,835 تهمة إلى قاصرين بالعنف، كما أن عدد حوادث العنف في الطرقات بلغ في العام الحالي 2,894 حادثاً، في مقابل 2,450 حادثاً خلال العام الماضي، بزيادة بلغت 18%.
إن السبب المتداول حالياً حول ارتفاع وتيرة العنف مردّه إلى انخفاض في أعمار المتورطين وسط سهولة في استخدام السلاح، لكن واقع الحال غير ذلك على الإطلاق فهو متجذر داخل الكيان كل حسب البيئة التي تم استقدامه منها إلى داخل فلسطين المحتلة، أي أن السلوكيات الجغرافية المختلفة ليس بالضرورة أن يوحدها الدين، أو ما يسمّى “أرض اليمعاد”. وفعلياً بدأ العنف في جنوب الكيان، وامتد إلى وسطه، قبل أن يصل إلى الشمال. وأصبح منتشراً في كل مكان، حتى بات كل الكيان الغاصب يعيش موجة من العنف، لأن الصهاينة يتصرفون وفق ما تربوا عليه.
إذاً القصة هي قصة مجتمع عنيف، خاصةً مع وجود فجوات اقتصادية وتمييز ديني وعنصري، وهو ما يولد شعوراً مفاده أنه لا يوجد ما يخسرونه. لذلك فإن العنف داخل الكيان الذي بدأ يظهر علانية لم يظهر من العدم، لأن العنف الذي يمثل جزءاً مركزياً من التجربة الإسرائيلية له جذور تاريخية وثقافية عميقة، وهذا المكون الصهيوني الذي وقع في “عشق قوته”، أصبح بلطجياً لا يميز بين ضحاياه، والذين يرون أن الاحتلال هو مصدر فساد الثقافة الإسرائيلية مخطئون، فالاحتلال هو نتيجة العنف الصهيوني، وليس سببه.