Uncategorizedثقافةصحيفة البعث

الفساتين كوسيلة للدّعم والرّسائل في المهرجانات!!

نجوى صليبه

ما تزال الممثلة الأميركية “جوليا روبرتس” حديث وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعي، وربّما ستكون كذلك في المستقبل، في برامج متخصصة بأخبار الممثلين المهنية والاجتماعية أيضاً، أي تلك التي تضيء على علاقات الصّداقة بين الممثّلين وإخلاصهم ودعمهم لبعضهم البعض، والتّعبير عن حبّهم وامتنانهم بطرقٍ وأدوات ووسائل مختلفة، كان آخرها وأكثرها تميّزاً وإثارةً للجدل هو الفستان الذي ارتدته “روبرتس”، دعماً ووفاءً لصديقها وزميلها الممثّل “جورج كلوني” خلال تكريمه في حفل أقامه مركز “كينيدي” ـ أٌقيم مؤخّراً ـ إلى جانب مكرّمين آخرين على إنجازاتهم مدى الحياة لهذا العام.

لم يكن فستان “روبرتس” زاهياً، ولا كاشفاً لمفاتنها كما جرت العادة في هكذا مناسبات، بل كان طويلاً، أسود اللون، تزيّنه صورٌ مؤطّرةٌ لـ”كلوني” تعود لمراحل مختلفة من حياته المهنية بما فيها البدايات، لكنّه ـ أي الفستان ـ كما قلنا كان مثار جدلٍ ونقاش وتساؤل عن ردّة فعل الجمهور والمشاهدين فيما لو أنّ ممثّلة عربية ارتدت هكذا فستان، ومنهم الممثّلة شكران مرتجى التي كتبت على حسابها على الـ “فيسبوك”، متسائلةً عن ردود الفعل والتّعليقات فيما لو أنّ فنّانة عربية فعلت ذلك، مبيّنة أنّها ستتراوح بين (مصلحجية وكذابة ولقلوقة ومدري شوفي بينها وبينه)، ومشيرةً إلى البعض سيجزم بأنّ “كلوني” سيعمل في فيلم جديد وأنّ “روبرتس” تريد أن تكون بطلته من باب “طق برغي” لـ”سكارليت جوهانسون”.

ولأنّ الشّيء بالشّيء يذكر، نتذكّر هنا كيف صارت الفنّانة سوزان نجم الدّين موضع سخرية وانتقاد حادّ بسبب الفستان الغريب الذي ارتدته في حفل الـ “موريكس دور” في عام 2018، والذي كان أشبه بفساتين الأميرات والملكات في الأفلام التي تتحدّث عن أوروبا القديمة وحروبها من جهة، وأميرات ديزني من جهة أخرى. وبغض النّظر عن التّصميم وحريتها الشّخصية في ارتداء ما تريد، كان تبريرها سيد الموقف والأمر اللافت أكثر من أي الفستان ذاته، إذ قالت: “لقد اخترت هذا التّصميم كفنانة وكمهندسة معمارية، ومن عصر النّهضة التي كرّس فيها بودلير وديكارت فلسفتهم الجمالية حول المزج بين جمال الطّبيعة وجمال الهندسة المعمارية وانعكاس هذا الجمال على جمال المرأة”، مضيفة: “أحببت هذا البعد الثّقافي لطلّتي من عصر أحبّه وأحترمه، واخترت هذه الإطلالة لكي نعود إلى معنى الجمال الحقيقي الذي بدأت قيمته من ذاك العصر”.

ومثلها فعلت الفنّانة سلاف فواخرجي، مؤخّراً، في “مهرجان القاهرة السّينمائي”، إذ ارتدت فستاناً أحمر، أيضاً يشبه فساتين أميرات القصص القديمة وشخصية شهرزاد، لكنّها لم تحظى بالضّجة والسّخط والانتقاد الذي حظيت به نجم الدّين، بل انقسم الجمهور بين معجب وساخطٍ أو منتقد طرح سؤاله المباشر والصّريح: ماذا تريد من هذه الإطلالة الغريبة؟.. سؤال أجابت عليه فواخرجي بقولها إنّها تعشق الحكايات التي كانت تسمعها من أجدادها الرّاحلين، وإنّها شعرت أنّ “هذا إحياء لفكرة التّعبير عن أنفسنا بالصّورة الجميلة والملابس الجميلة، وبأنّ لكلّ مقامٍ مقال”.

نعم.. ماذا تريد الفنّانة من هكذا إطلالة غريبة؟ ما هي الرّسالة التي تريد إيصالها؟ هل هي حقاً مهتمةٌ بالشّأن الثّقافي أم أنّها تحقق حلم الطّفولة بارتداء فساتين أميرات قصص الجدّات أو أفلام ديزني؟ أم أنّها أرادت لفت الانتباه لا أكثر ولا أقل؟.

في الإجابة على تلك الأسئلة وبالعودة إلى “روبرتس”، فقد أوضحت أنّها أرادت دعم صديقها “كلوني”، بينما أرادت نجم الدّين التّعبير عن حبّها للفسلفة والهندسة المعمارية، أمّا فواخرجي فكان حنينها إلى حكايات الجدّات والتّعبير عن الجمال من خلال الملابس، هدفها. وبالعودة أيضاً إلى الرّسائل التي قد يوصلها هكذا زيّ في هكذا مناسبات عالمية، لابدّ من أن نستعيد فستان وزيرة الثٌقافة في كيان العدو الصّهيوني “ميري ريغيف” الذي ارتدته في افتتاح مهرجان “كان للأفلام السّينمائيّة” في فرنسا، في عام 2017، والذي طُبع عليه صورة لمدينة القدس يظهر فيها مسجد قبّة الصّخرة، متباهيةً بالسّرقة والاحتلال، ومتجاهلةً قرار منظمة التّربية والعلم والثّقافة “يونيسكو” الذي يؤكّد أنّ المسجد الأقصى تراثٌ إسلامي والقدس مدينة محتلة، وبحسب إعلام العدوّ حينها، فقد أرادت “ريغيف” من خلال فستانها تأكيد أنّ القدس هي العاصمة الأبدية لهذا الكيان الاستيطاني.

وبالطّبع، لم تمرّ جريمة وزير ثقافة كيان العدوّ مرور الكرام، افتراضياً، بل انبرى للدّفاع عن القدس والمسجد الأقصى مغرّدون عرب تمكّنوا من خلال برامج الـ “فوتوشوب” المتخصص بالصّور وضع صورة جدار الفصل العنصري الإسرائيلي بدل صورة القدس.

والسّؤال الذي لابدّ من طرحه هاهنا: إن كان حقّاً إظهار الجمال والحبّ والثّقافة هو السّبب الأساس لهذه الإطلالات الغريبة للفنّانات العربيات، لماذا لم نشاهد فنّانة منهنّ تستغل وجودها وظهورها في مناسبات عالمية كهذه لدعم قضية بلدها أو أي قضية تؤمن فيها لا تصريحاً ولا تلميحاً ولا “تشكيلاً هندسياً”ً؟