اقتصادصحيفة البعث

صمام أمان ورافعة كبرى.. لأمننا الغذائي!

قسيم دحدل

في وقت تتعالى أصوات المربين في القطاع الحيواني، تذمرا من عدم توفر الأعلاف وارتفاع أسعارها، وزيادة تكاليف متطلبات التربية الحيوانية وغير ذلك من منغصات وصعوبات، تطالعنا مديرية الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، وعلى لسان مديرها، بمؤشر في غاية الأهمية يكشف عن أنه قد تم ترخيص 84 مدجنة جديدة في مختلف المحافظات، و140 مزرعة أبقار و13 مزرعة أغنام خلال العام الماضي.

مؤشر يجعلنا نحتار فعلا في حقيقة وصحة شكاوى المربين وتأكيداتهم أن القطاع يعاني ما يعانيه، وإذا ما استمر هذا الوضع على حاله في عدم المعالجة وإيجاد الحلول، فإن الكثير من المربين سيتوقفون عن التربية وسيخرجون من القطاع لعدم القدرة على الإستمرار بالتربية والإنتاج في ظل التكاليف والصعوبات المتفاقمة يوميا من كهرباء ومحروقات وتوفير المواد العلفية بأسعار مناسبة وبالوقت المناسب.

حيرة لا يمكننا تجاهها إلاّ أن نأخذ بعين الاعتبار متطلبات هذا القطاع الزراعي المهم في توفير البروتين الحيواني الذي تؤمنه اللحوم البيضاء والحمراء، في ظل ما وصلت إليه سلتنا الغذائية من فقر بالمواد والعناصر الأساسية لغذاء المواطن السوري، الأمر الذي بات يهدد صحته وقدراته البدنية.

إن دخول تلك المداجن والمزارع وبشكل مرخص لا يعني أن وضع القطاع على ما يرام، لأنه لو كان هذا صحيحا، لكان العرض يجب أن يفعل فعله وخاصة لناحية القدرة على خفض الأسعار التي وصلت لمستويات قياسية وغير مسبوقة.

في الحقيقة، إن الاستثمارات الجديدة في المداجن والمزارع، برأينا، هي عملية تعويض وترميم لما كان خرج ويخرج حاليا في المقابل من هذا القطاع، وهذا أمر يجب دراسته بجدية وبما يستحق من اهتمام، إذ لا يعقل ولا يصح مطلقا، أن يظل الاستثمار في قطاع التربية الحيوانية يراوح في مكانه دون أي تغيير في الكم والنوع، أي في عدد الاستثمارات التي تدخله والتي تخرج منه سنويا!

وعليه إن ما أردنا فعلا المحافظة على أمننا الغذائي، وخاصة في ظل ما يشهد العالم من ضائقة غذائية تنبئ عنها الارتفاعات الكبيرة في الٍأسعار، فما علينا سوى أن تعمل الجهات المعنية العامة، ممثلة بوزارة الزراعة والمركز الوطني للبحوث الزراعية، والخاصة ممثلة بالإتحاد وغرف الزراعة، على تعظيم نقاط القوة والميزات النسبية لقطاعنا إنتاجنا الحيواني، حيث المقدرات والإمكانيات ولاسيما الخبرة الطويلة والهامة تشهد للمربين وما تم إنجازه وتحقيقه في هذا القطاع في مرحلة ما قبل الحرب الإرهابية على سورية، إضافة لرخص اليد العامة..وغير ذلك من المتوفر غير المُستَغَل بالشكل الأمثل.

وبرأينا أن قطاعنا الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، سيكون – إذا ما أجدنا التدبير وأفلحنا في الحلول التكاملية بين الشقين – صمام أمان ورافعة كبرى لاقتصادنا الحقيقي، وأهم عامل من عوامل الصمود في مواجهة ما نمر فيه من ضيق معيشي نتيجة الحصار والعقوبات الجائرة، إذ لا يكفي أبدا أن ننتج اللحوم بأنواعها دون أن تكون هناك قدرة شرائية وقدرة على التصدير التنافسي للأسواق العالمية التي ستكون بمثابة ” الثقب الأسود” الذي سيبلع كل ما سيُنتج زراعيا في القادمات من الأيام، فهل نتحوط من ذلك ولأجل ذلك..؟؟

Qassim1965@gmail.com