صحيفة البعثمحليات

عقم..؟

معن الغادري

تعاني حلب وربما باقي المحافظات من مشكلات وأزمات ضاغطة، أكثرها ما يتعلق بمتطلبات ومستلزمات الحياة اليومية وعلى صلة مباشرة بأشغال وأعمال المواطنين المتعثرة والمتوقفة أصلاً، نتيجة تراكم وتفاقم حدة الأزمات اليومية المختلفة، من كهرباء وغاز ومازوت وبنزين وخبز وغلاء فاحش ومتصاعد يومياً في الأسعار.. وغيرها من المنغصات اليومية التي تؤرّق المواطن وتزيد من همومه ومتاعبه وأعبائه.

ولعلّ أكثر ما يقلق ويوسّع من دوائر هذه الأزمات، هو سوء الإدارة من قبل الجهات المعنية، والإصرار على الحلول المجتزأة والترقيعية، والتي غالباً ما تأتي نتائجها عكسية على المشهد الحياتي العام، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة أتينا على ذكرها مراراً وتكراراً دون أن تلقى أي صدى أو معالجة جدية من أصحاب القرار. وفي الواقع، ما تعكسه الصور اليومية الملتقطة من داخل المدينة وفي أطرافها والتي تعجّ بالفوضى وتفتقد الحدّ الأدنى من الخدمات والتنظيم، يضاف إلى ذلك تفشي الفساد الإداري والمالي في مختلف قطاعات العمل، ونشوء مافيات جديدة اختصت بسرقات مقدرات الوطن والمال العام، في وضح النهار، يثير الكثير من الأسئلة وإشارات الإستفهام حول طبيعة العمل والأداء اللذين أوصلا هذه المدينة إلى هذا الواقع الصعب والمعقد، على الرغم من مضي أكثر من سبع سنوات على تطهيرها من الإرهاب، وهو لا شك وقت كافٍ لأن تكون حلب في موقع أفضل ورائدة في كافة المجالات، ولاسيما أنها حظيت بكلّ الدعم والاهتمام المطلوبين وعلى أعلى المستويات.

وبالغوص أكثر في التفاصيل والأسباب والمسبّبات، نجد أن أكثر ما أضرّ العمل الإداري والمؤسساتي في حلب على وجه التحديد، هو طبيعة التعاطي غير المفهوم مع الشأن العام، والذي يتسم بالمزاجية والفوقية، و”مرجعية المعلم الأوحد”، ما أدى بالنتيجة إلى التعامل مع أي حالة عامة أو خاصة بردّات فعل محكومة حتى العظم بالولاءات الشخصية والمصالح الخاصة جداً، وهو ما يفسّر ضعف وترهل العمل الإداري والمؤسساتي، وبالتالي غياب عنصري الكفاءة والخبرة في قيادة العمل الإداري والتنفيذي على السواء.

في ضوء الاستعصاء والخلل الحاصل، تقتضي الضرورة البحث عن مخارج جديدة تستند إلى رؤية واضحة وشفافة، وتتوافر فيها شروط ومعايير العمل الناجز والمحقق، وتسهم في تذليل المعوقات وتصوب مسارات العمل نحو تحقيق إنجازات حقيقية وليست وهمية، وتحدث فارقاً واضحاً وملموساً في المشهد العام للمدينة، وبما يؤدي في المحصلة إلى انفراجات فعلية في مختلف الأزمات، وهو ما يحتاج أولاً إلى نوايا صادقة وذهنية وعقلية مغايرة، وثانياً إلى زج الكفاءات والخبرات الحقيقية في ميادين العمل، وثالثاً، وهو الأهم، نحتاج إلى عمل جماعي وتشاركي صادق ومخلص، بعيداً عن التفرد والاستئثار بالقرار، وإلى قول وفعل، وليس كلاماً في الهواء بغرض الاستهلاك والاستعراض وحسب!