مجلة البعث الأسبوعية

موفق أبو طوق.. طبيب في ثقافة الطفل

جمان بركات

جمع بين حرفة الطب ودقتها وصعوبة مصطلحاتها مع الكتابة للأطفال وبساطتها وسلاستها، فكتب كالجرّاح الخبير يشرح آلام الأطفال، ويبحث داخل مخيلتهم عن علاج لثقافة سليمة معافاة ويكتب لهم وصفات علاجية أساسها الكلمة واللون والحروف الناجعة، وعن رحلة مميزة في عالم الطفل كان لمجلة “البعث الأسبوعية” هذا الحوار مع الطبيب الأديب موفق أبو طوق.

التشجيع

لا يختلف اثنان على أن القراءة والمطالعة هي اللبنة الأساسية للمعرفة والحياة، وعند الدكتور موفق أبو طوق المطالعة هي الأساس المتين، وعن بداياته وتفتق الموهبة والسير في درب أدب الطفولة قال:

المطالعة هي الأساس المتين الذي ارتفع فوقه البناء الراسخ، وقراءة الكتب والقصص هي الملاذ المفضل الذي كنا نلجأ إليه في أيام طفولتنا، كل ما حولنا يشجعنا على ممارسة هذه الهواية، وكل ما حولنا يشجعنا على تنمية هذه الموهبة، البيت يشجع، والمدرسة تشجع، والحي يشجع، والمجتمع بأوساطه المختلفة يشجع.

والقراءة، وما لها من قيمة معنوية تدفع أحياناً إلى التقليد، إلى ممارسة الكتابة، إلى مراسلة الصحف والمجلات التي كانت في تلك الأيام تغزو المكتبات والدوائر الرسمية وغير الرسمية، ومن هنا بدأ هذا التوجه، وأنا مازلت في مرحلة اليفاعة.

محطات

وعن أهم محطات التجربة والمنابر الثقافية التي تعاون موفق أبو طوق معها من أجل تفتح زهرات الإبداع لديه قال:

ما كنت أكتبه في طفولتي، كنت أنشره عبر مجلات مدرسية حائطية، وكذلك عبر مجلات بيتية كنت أكتب صفحاتها بقلمي، وأرسم لوحاتها بريشتي، وأستمد تكاليفها من أفراد أسرتي، الذين يقرؤون كل عدد من تلك المجلات مقابل مبلغ متواضع من المال، يشجعونني به على الاستمرار في ممارسة هذه الهواية.

ثم بدأت بالاتصال (عبر البريد) مع مجلات الأطفال التي كنت متابعا لها، وأغلبها كان مجلات مصرية أو لبنانية، أذكر منها: “سمير”، “المغامر”، “بساط الريح”.

وعندما دخلت مرحلة المراهقة، بدأت بمراسلة بعض مجلات الكبار من أمثال: مجلة الدنيا الدمشقية، وجريدة الفداء المحلية، ومجلة الأسبوع الأدبي اللبنانية، وجريدة الأحرار وجريدة الأحد اللبنانيتين.

طبعا فيما بعد، تعددت الصحف والمجلات التي كنت أكتب فيها، بعضها كان يصدر داخل سورية، ومعظمها كان يصدر خارجها، ومن الصعب أن أذكرها جميعا في هذه العجالة، ولكنني أذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر: كالعربي الكويتية، وماجد الإماراتية، وسامر اللبنانية ، وطبيبك وأسامة وتشرين والأسبوع الأدبي السورية..

أول أمسية أدبية شاركت فيها (في المركز الثقافي العربي)، كانت عام ١٩٧٤، وأول كتاب أصدرته كان في عام ١٩٧٥، وعنوانه: وللأسنان عالمه الخاص.

أحلام وطموحات

بالتأكيد لدى كل شخص يعمل في مجال الأدب أحلام وطموحات وعن أهم المحطات في هذا الدرب قال أبو طوق:

كلنا نحلم، ولكن الأحلام لا  تأتي دائما بما نريد، المشكلة أن ما كنا نأمل أن يتحقق لم يأت بنتيجة تناسب طموحنا ولو على مستوى الحد الأدنى!.

أين المنزلة التي كان الأديب يتوق إليها، وأين التشجيع الذي كان الأديب يتوقع حدوثه، وأين الرعاية التي كان الأديب يأمل أن يراها قائمة.

أضغاث أحلام.. أليس كذلك؟!!.

على الأدباء الذين يتصدون لهذا الجنس الأدبي، أن يدركوا أن التعامل مع القراء الصغار يختلف عن التعامل مع القراء الكبار، فالقارئ الصغير أرض بكر تحتاج إلى من يحسن زراعتها، إلى من يحسن مدها بالغذاء الضروري والسقاية اللازمة.. الطفل الصغير بطبيعته في حال اكتشاف لما حوله، ومعرفة للبيئة التي يعيش فيها، دعه يتعلم منك كيف يتعامل مع الآخرين، دعه يتلقف منك أصول الحياة وأسس المعيشة، لقنه المبادئ السامية والأخلاق الحميدة والقيم الراسخة، انقل خياله إلى أمجاد أمته السالفة، وحكايات أجداده الميامين.. افعل ذلك بأسلوب أدبي رائع، وفن قصصي جذاب، ابتعد عن (المباشرة) قدر الإمكان، ودعه يصل إلى النتائج الإيجابية بنفسه، ومن دون أي توجيه مباشر، كي يكون أكثر اقتناعا وأكثر تمسكا بما قد وصل هو إليه.

واقع أدب الطفل

وعن وجهة نظر موفق أبو طوق بواقع أدب الأطفال وفنه وثقافته في سورية ماله وما عليه قال:

أدب الأطفال في قطرنا العربي جاء متأخرا، والمشكلة أن تأخره بقي ملازما له، على الرغم من وجود أدباء للأطفال كان لهم دور كبير في الارتقاء بهذا الأدب المتميز على مستوى الوطن العربي الكبير، يكتبون هنا وهناك، ويراسلون هذه المجلة وتلك الصحيفة، ولكن مع الأسف الشديد لا يجدون الحضن الدافئ الذي يضمهم بكل حنان.. وكما قلت سابقا مازلنا نتوق إلى من يأخذ هذا الجنس الأدبي المتميز على محمل الجد الحقيقي، لا نريد كلمات إعجاب فقط، ولا نريد عبارات شكر باهتة، نريد دعما حقيقيا واشراكاً فعلياً حتى على مستوى المناهج المدرسية والأصبوحات الأدبية وطباعة الكتب والنصوص.

سيرة ذاتية

موفق أبو طوق من مواليد حماة عام ١٩٥٠، يحمل إجازة دكتوراه في طب الأسنان وجراحتها من جامعة دمشق، عضو اتحاد الكتاب العرب في سورية (جمعية أدب الأطفال) منذ نحو ثلاثين عاماً، كتب للصغار والكبار منذ عشرات السنين، ونشر الكثير من الصحف والمجلات المحلية والعربية، وله أكثر من عشرين مؤلفاً مطبوعاً أغلبها من إصدار اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة وبعض المؤسسات الخاصة.

شارك في لجان تحكيم متعددة لمسابقات أدبية تتعلق بفن القصة، وتم نشر مقاطع من قصصه في كتب مدرسية مرتبطة بمناهج التعليم الأساسي في سورية، وهو عضو ومحاضر في المؤتمرين العامين لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الأول في دمشق عام ١٩٩٧، والثاني في الجزائر عام ٢٠٠٣.

كرم من أكثر من جهة رسمية، وأصدر اتحاد الكتاب العرب في سورية كتاباً عنه عام ٢٠١٢، تضمن دراسات عن بعض إصداراته، وكذلك نماذج من كتاباته المختلفة.