هل تصل الرسالة أم ترمى في سلال المهملات؟! منح مرتبة الشرف لشهادات الماجستير والدكتوراه يثير الجدل في الوسط الجامعي!!
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
من جديد عاد موضوع تقييم رسائل الماجستير والدكتوراه للواجهة، ويأتي ذلك في وقت نشهد فيه منح الكثير من الشهادات بهاتين الدرجتين، واللافت أن العديد منها يحظى بمرتبة الشرف، وهذا ما أثار أسئلة ساخنة بين أعضاء الهيئة التدريسية، مؤكدين أن بعض الرسائل لا تستحق حتى درجة جيد فكيف تُمنح مرتبة شرف؟!
الموضوع تم إثارته على منصة “دكاترة الجامعات السورية” ولاقى العديد من ردود الأفعال غالبيتها وجّه اللوم للجان التقييم لجهة مجاملتها للطالب، فيما رأى آخرون أن درجة الامتياز أو مرتبة الشرف قد تكون تكريماً للأستاذ المشرف وليس لجهود الطالب!!.
متواضعون وعباقرة!
بهذا الخصوص يرى أستاذ جامعي وهو صاحب فكرة طرح الموضوع للنقاش عبر المنصة ” أنه لا بد هنا من الوقوف عند أمرين، إما أن طلاب الأمس كانوا متواضعين في معارفهم ولم يستحقوا مرتبة الشرف، وأن طلاب اليوم جلهم من العباقرة، أو أن العلامة تمنح للأستاذ المشرف وليس للطالب، وأن هناك خللاً في مكان ما في آلية منح هذه المرتبة”، موضحاً إن لم يكن الأمر كذلك، فمن الطبيعي والمنطقي أن يكون البحث الحائز على مرتبة الشرف يرقى إلى مرتبة الاختراع، ويتصدى لحل مشكلة علمية من نوع ما، لكننا لم نر بحثاً من هذه الأبحاث وضع حيز التطبيق العلمي، وأمكن الاستفادة منه في حل أية مشكلة!.
أمر مؤلم!
ما سبق من كلام أيده أكثر من أستاذ، وبرأيهم أن ما يحصل أثناء مناقشة بعض رسائل الماجستير والدكتوراه أمر مؤلم لأنه أفقد شهادات جامعاتنا السورية الأهمية وجعل الحصول عليها متاحاً لمن أراد بغض النظر عن المستوى المقدم من خلال العمل، وتأسفوا لحال البعض من زملائهم الذين يعتبرون أن الدرجة سواء كانت امتياز أو مرتبة شرف هي تمنح له وليست لتلميذه طالب الماجستير أو الدكتوراه!.
مشاريع تخرج!
ولم يتردد أستاذ آخر في القول: إن أغلب رسائل الماجستير والدكتوراه لا ترقى لمنح الدرجة العلمية المطلوبة، معللاً أن الكثير منها ليس أكثر من مشاريع تخرج، مشيراً إلى وجود خلل كبير في الإشراف وفي التحكيم وفي إعداد الرسائل، مبدياً أسفه وقلقه من حال منظومتنا التعليمية!.
فقدت الألق!
وبحسب أحد الأساتذة أن مرتبة الشرف فقدت ذلك الألق الذي وضعت لأجله، وحسب ظنه ” لو راجعنا كثيرا من الرسائل والأطروحات التي حصلت على مرتبة الشرف لانخفضت العلامة إلى جيد جداً بل ربما إلى جيد”.
وبرأيه أن ذلك يعود إلى “السرطان القاتل” المتمثل المحاباة والمجاملة والشللية والمصالح المتبادلة، مبدياً أسفه أن هذا الظلم، لا يقع إلا على من استحق الدرجة بجدارة، في ظل هذه الظروف القاسية!.
يستحقها بشرط!
وأوضح أستاذ آخر أن الطالب يستحق مرتبة الشرف إذا كان البحث يمتلك فكرة أصيلة أو إضافة علمية مهمة بغض النظر عن إمكانية تطبيقها، وبيّن أن هذا الأمر متعلق بالكثير من العراقيل والمعوقات والظروف والتكاليف الباهظة ورفض الكثير من الجهات لتبني الأفكار الجديدة خوفاً على أموالهم من مغامرات غير مضمونة، أما فيما يخص الأبحاث الإحصائية التي تتضمن أفكاراً مكررة ونتائج محسومة ومعلومة قبل إجراء التجارب فهي حتماً لا تستحق مرتبة الشرف.
جانب آخر من الأساتذة رأى أن اللوم لا يقع على الطالب، وإنما على إدارات الكليات، وبشكل خاص إدارة القسم، فهي المسؤولة عن تشكيل لجان التحكيم (المشرف العلمي ولجنة الحكم) لذا هي تتحمل المسؤولية عن الدرجة المعطاة.
تحذير من القادم!
ويعتقد أحد الأساتذة أن غالبية زملائه يعرفون القيمة العلمية الحقيقية لمثل هذه الشهادات وكيف تُغدق عليها الدرجات، وهذا يتضح جلياً أثناء المناقشات العلنية وحتى عندما تُنشر الأبحاث، محذراً من خطورة القادم إن لم تُضبط الأمور، ومطالباً بضرورة التشدد من خلال وضع معايير وأسس ناظمة يتم من خلالها قبول طلاب الدكتوراه بما في ذلك قبول الرسائل المنجزة للمناقشة العلنية.
ألف إشارة استفهام!
وكشف أحد الأساتذة في تعليقه على هذه المشكلة أن هنالك رسائل ماجستير ودكتوراه لم يطلب من صاحبها تعديل ولو كلمة، وأن هنالك من حصل على العلامة الكاملة في الدكتوراه، وهذا ما يجعلها محل شك، ولكن للأسف مرت هذه الحالة وغيرها الكثير ولم يحرك أحد ساكناً، متسائلاً عن كيفية تحسين موقع جامعاتنا عربياً وعالمياً في ظل هكذا أداء علمي حوله أكثر من إشارة استفهام!.
هل تصل الرسالة؟
ما تم طرحه من آراء ووجهات نظر مختلفة نأمل ألاّ يمر مرور الكرام على الجهات المعنية سواء إدارات الجامعات أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فالمشكلة خطيرة وتحتاج إلى حل سريع، لأن استمرار هذا الخرق العلمي السلبي يؤثر على مخرجات جامعاتنا ويقلل من هيبتها ويضعف قدرتها على المنافسة عربياً وعالمياً، خاصة عندما ينشر البحث في مجلة علمية، وبالطبع لا يمكن هنا أن ننكر أنه يوجد أبحاث قيمة وتستحق درجة الامتياز مع مرتبة الشرف، ورغم قلتها نتمنى أن تكون أنموذجاً يُحتذى به مع كامل تقديرنا لكل باحث نشيط وجاد في الحصول على درجة يستحقها عن جدارة!.