محليات

ورقة “استرشادية”

غسان فطوم

منذ يومين، أطلقت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان تقرير حالة السكان في سورية 2020، تحت عنوان “العودة والاستقرار”.

ولا شك أن التقرير يكتسب أهمية بالغة في هذا الوقت بالذات بعد أن كثر القيل والقال عن أرقام خاطئة يتم تداولها عن وضع السكان في سورية، فمن خلال الاطلاع على مضمون التقرير نجد  بيانات موضوعية لحالة السكان موثقة من حيث المصدر والمنهجية في البحث، إضافة إلى إحصائيات مثبتة وحقيقية أي بعيدة عن التخمين والتقدير التقريبي.

وبعيداً عن الأرقام التي أظهرها التقرير لجهة حجم الاستنزاف الكبير الذي سببته حرب الـ 10 سنوات بكل ما أحدثته من ضرر كبير في كل مكونات الحياة السورية، نجد أن هناك معطيات لا مجال للشك فيها، وتعطي زخماً قوياً لإعداد الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وتمكّن من تطويق المشكلات وإيجاد الحلول والمخارج المناسبة لها بما يساهم ويحقق “العودة والاستقرار” للسوريين للبدء بمرحلة إعادة الأعمار التي لا تزال قيد الكلام!

ونتفق هنا مع ما قاله وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، محمد سيف الدين، أثناء مناقشة التقرير بوصفه “ورقة استرشادية حوارية” لكل المعنيين بقضايا السكان والتنمية من مؤسسات وهيئات حكومية وقطاع خاص ومجتمع أهلي وصناع الرأي العام والمؤثرين فيه لفهم الواقع السكاني في سورية بغية تحقيق هدف التقرير وهو الوصول إلى نوعية حياة للسورين رغم الظروف الاقتصادية، وتطبيق أجندة التنمية المستدامة “سورية 2030”.

إذاً المطلوب اليوم هو الإدارة الناجحة والإرادة القوية لتنفيذ مقررات وتوصيات التقرير، من خلال تعزيز الإيجابيات والبناء عليها، وتجاوز السلبيات من أجل توفير أفضل بيئة مناسبة للعمل، خاصة أن التقرير رصد بالوقائع والأرقام ظواهر غير مرضية فيما يخص تزايد نسب التسرب المدرسي، وعمالة الأطفال والزواج المبكر وكذلك العرفي، عدا عن زيادة نسب الطلاق وكثافة النزوح والهجرة وغيرها من الظواهر والآثار الخطيرة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، والتي تفاقمت بفعل سنوات الحرب وفرض العقوبات الاقتصادية، والحرب الإعلامية عبر قنوات الفتنة والتضليل التي استهدفت بشكل مبرمج عقل وقلب الإنسان السوري الذي نراهن عليه اليوم في بناء سورية المتجددة، فالعنصر البشري هو رأس المال الأهم لتحقيق الأهداف التنموية.