دراساتصحيفة البعث

الضجيج الأمريكي غير المبرر

هيفاء علي

أوضح محللون صينيون أن الإشارات الأخيرة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى الصين كانت فوضوية بالكامل، ما قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات الثنائية المتوترة بالفعل، وحثوا الولايات المتحدة على أن تكون أكثر صدقاً في إصلاح العلاقات مع الصين بدلاً من اتخاذ إجراءات استفزازية ضدها، خاصة بعد أن تصدرت صورة بالون أبيض عناوين الصحف في الولايات المتحدة.

قبل أن يتم التأكد من الحقائق، سارع الجيش الأمريكي، ووسائل الإعلام الأمريكية إلى اتهام الصين بالتجسس، ما دفع بعض المحللين الصينيين إلى القول بأن الحيلة لم يساندها دليل ملموس، ومن شأنها أن تؤدي الى توترات جديدة للعلاقات الصينية الأمريكية، مع اقدام واشنطن على اتخاذ إجراءات أكثر كثافة لاحتواء الصين في المجالات العسكرية،و التكنولوجية والدبلوماسية، وكذلك بشأن القضايا الأساسية للصين، بما في ذلك جزيرة تايوان.

وعليه، وبينما يتوقع المجتمع الدولي أن يرى أكبر اقتصادين في العالم يخففان التوترات من خلال التفاعلات رفيعة المستوى لتعزيز التنمية العالمية في حقبة ما بعد الوباء، يحث المحللون الصينيون الولايات المتحدة على أن تكون أكثر صدقاً في خطواتها الملموسة لحل المشكلات مع الصين، ذلك أن المزيد من الاستفزازات لن يساعد في الحفاظ على اتصالات رفيعة المستوى في تحسين العلاقات الثنائية، إذ يبدو أن واشنطن قد تأثرت بشدة بسياستها الداخلية، وأرسلت إشارات فوضوية تماماً، بالتزامن مع التزامات إيجابية قدمها الرئيس الصيني، بالإضافة إلى الإجراءات الأمريكية المستمرة التي تعرض العلاقات للخطر بشكل أكبر، مما يؤدي إلى مزيد من عدم اليقين في العلاقات الصينية الأمريكية.

وبينما يلوح بتهديد الصين، انخرط وزير الدفاع الأمريكي في زوبعة من النشاط في كوريا الجنوبية والفلبين، وهما دولتان من جيران الصين، لتكثيف التدريبات العسكرية والدفع من أجل وصول القوات الأمريكية إلى القواعد في جنوب شرق البلاد.

وبالإضافة إلى زيادة وجودها العسكري في محيط الصين، كثفت الولايات المتحدة أيضاً جهودها على التكنولوجيا العالية لتضييق الخناق على الصين، بما في ذلك اتخاذ قرار بوقف الموافقة على التراخيص التي تسمح للشركات الأمريكية بتصدير معظم العناصر إلى شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة “هواوي”، وإجبار هولندا واليابان للموافقة على الانضمام إلى الولايات المتحدة في الحد من صادرات معدات صناعة الرقائق المتقدمة إلى الصين.

وبحسب المحللين، فإنه ليس من الغريب رؤية الولايات المتحدة تلعب هذه الحيلة القديمة المتمثلة في ممارسة ضغط شديد على الصين قبل التفاعلات المحتملة الكبيرة وعالية المستوى في محاولة للحصول على المزيد من الأموال النقدية، لكن الصين لن تتنازل عن مخاوفها الأساسية، وستتخذ إجراءات مضادة ضد الاستفزازات مع الترحيب بأي تبادلات تتم بحسن النية.

في السياق، أصدرت الصين مؤخراً تقريراً يدرس الممارسة المتعمدة للولايات المتحدة للولاية القضائية طويلة المدى في السنوات الأخيرة، والمخاطر التي تشكلها على النظام السياسي والاقتصادي الدولي وسيادة القانون الدولي، وقد فسر بعض المحللين التقرير على أنه رد على ضغوط واشنطن على الصين، مضيفين أن الولايات المتحدة تواجه مشكلة في كيفية الموازنة بين أهدافها الاستراتيجية والاحتياجات المحلية العملية، حيث أن احتوائها للصين هو لعبة محصلتها سلبية أكثر من كونها لعبة محصلتها صفر، وبينما كانوا يحاولون شل الصين، أطلقوا النار على أنفسهم.

على سبيل المثال، تواجه صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة أصعب تحدياتها منذ تسعينيات القرن الماضي، وبحسب المحللين فإن إدارة بايدن تسعى لإجراء محادثات مع الصين بشأن مجموعة من القضايا، بما فيها الحرب الأوكرانية، والتبادلات بين الجيشين وقضية المناخ، حيث تم تعليق قنوات الاتصال في هذين الحقلين الأخيرين مؤقتاً بعد الزيارة الاستفزازية للغاية التي قامت بها الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى جزيرة تايوان. ونظراً لأن الضرر الذي أحدثته زيارة بيلوسي للجزيرة لا يزال قائماً على العلاقات الصينية الأمريكية، فيجب على إدارة بايدن أن تحترم التزامها بمصداقية، وأن تضمن ألا يستفز رئيس مجلس النواب الجديد كيفين مكارثي الصين بزيارة الجزيرة، الأمر الذي قد يشكل ضربة حقيقية للعلاقات الثنائية.