التدفقات المالية تخفض سعر الصرف.. وخبراء ينفون وهمية الانخفاض
البعث الأسبوعية – ميس بركات
في الوقت الذي تنفس فيه السوريون الصعداء مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية رفع بعض العقوبات المفروضة على سورية موقتاً بهدف إيصال مساعدات إلى السكان المتضررين في أسرع وقت ممكن ، شهد سعر صرف الدولار انخفاضاً بشكل تدريجي فنّده البعض تحت مسمّى انهيار سعر الصرف مقابل الليرة السورية التي لا زالت برسم انتظار ارتفاع قوتها الشرائية التي وللأسف لم يلمس المواطنون أي تغيير يذكر بسعر السلع والمواد الاستهلاكية، الأمر الذي خلق حالة من الشك بأن يكون هذا الانخفاض وهمي، لا سيّما وأنّ سعر الصرف عاود للارتفاع بشكل طفيف أمس دون أي توضيح من قبل الجهات المعنية.
قشة أمل
تجميد العقوبات المفروضة على السوريين لمدة ستة أشهر أوجد بصيصاً من الأمل بتوفر جميع السلع والمستلزمات اللازمة لإعادة عجلة الإنتاج وانخفاض الأسعار وصولاً إلى ترميم التصدعات التي خلفتها سنوات الحرب وما تلاها من عقوبات اقتصادية أحكمت خناقها على أعناق السوريين، لينفي الخبير الاقتصادي عامر شهدا في تصريح لـ”البعث الأسبوعية” علاقة سعر الصرف بقرار تجميد العقوبات، مؤكداً أن سبب انخفاض سعر الصرف خلال الفترة الراهنة هو نتيجة ارتفاع وتيرة الحوالات الواردة إلى سورية، منوّهاً إلى توقيف المنصّة في الخارج لمدة يومين بهدف تخفيف ورود الحوالات والمحافظة على سعر الصرف المرتفع محلياً.
ويؤكد الخبير الاقتصادي على حرص البعض على استمرار ارتفاع سعر الصرف لتجنب خسارة التجار والمواطنين المكتنزين للدولار، لافتاً إلى حالة التخبّط الكبير والواضح من قبل المصرف المركزي لاسيّما ببيانه الذي صدر مؤخراً والذي اعترف فيه بوجود السوق السوداء بشكل علني، لذا فمن الأفضل –برأي الخبير الاقتصادي- انسحاب المصرف ومجلس النقد والتسليف وفتح المجال أمام السوق ليعيد توازنه بنفسه، منوّهاً إلى أن من يقوم اليوم بخفض سعر الصرف هو المجتمع الأهلي بسورية وخارجها لا الإجراءات الحكومية المتعثرة، أي أن الانخفاض حقيقي وليس وهمي كما يُشاع.
الخبير الاقتصادي أكد افتقادنا اليوم لسياسة نقدية واضحة، تلجم التضخم وتضع إستراتيجية صحيحة لتوجيه الأموال القادمة من الخارج، فحالة الفوضى التي نعيشها اليوم تتطلب الإيقاف بشكل سريع قبل دخولنا في مجال الكارثة، مطالباً المصرف المركزي بضرورة إعلان المصارف الخارجية التي تتعامل مع المصارف السورية وأن يعلن عن كافة الحوالات التي تقبل التحويل في سورية.
تحسن اقتصادي
ويتفق الدكتور الاقتصادي زكوان قريط مع الكثير من خبراء الاقتصاد بأن انخفاض سعر الدولار في الفترة الحالية واستمرار انخفاضه لاحقاً كان بفعل التدفقات النقدية منه كمساعدات مالية، وهذا الأمر برأي قريط مرتبط بحجم تلك التدفقات وفترة استمرارها وسيكون لهذا انعكاس ايجابي اقتصادياً وانفراجات قادمة، لافتاً إلى ضرورة الاستفادة القصوى من قرار تجميد العقوبات لفترة محددة واعتبارها فرصة لإعادة الإقلاع، لذا من الضروري تحويل هذه المحنة إلى فرصة للبدء بإعادة اعمار فعلي وعودة الحياة والاستقرار الاجتماعي إلى الوضع الطبيعي مما سيؤدي لاحقا إلى استقرار وتحسن اقتصادي وعودة عجلة الاقتصاد الوطني إلى الدوران واستقرار سعر الصرف.
واقترح الدكتور الاقتصادي أن تكون هناك أولويات لإدارة الكارثة، خاصة الإعانات المالية بحيث يتم تشكيل هيئة عليا لإدارتها مع صندوق لاحقاً لكي يقوم بتمويل مشاريع لسكن المنكوبين في أبنية سكنية حديثة ومناسبة “مسبق الصنع” في المرحلة المقبلة، والسماح لبعض الشركات الأجنبية كالصين مثلا بإعادة تشييد تلك الأبنية مكان المهدم منها وفق مخططات تنظيمية وعمرانية بالتعاون مع المؤسسات الوطنية وتسليمها إلى سكانها بأسرع وقت ممكن، خاصّة وأن الصين والكثير من الدول لها خبرة بسرعة تشييد الأبنية بوقت قياسي.