ثقافةصحيفة البعث

“آرت فير القاهرة”.. الاستثمار في الفن التشكيلي

أكسم طلاع 

اختُتمت في القاهرة أعمال الملتقى الدولي الرابع للفنون التشكيلية “آرت فير القاهرة” الذي أقيم في الفترة بين 10 و15 من هذا الشهر في قاعات المتحف المصري، بمشاركة أكثر من 280 فناناً تشكيلياً من أنحاء العالم، حيث عُرض لهم أكثر من 900 عمل فني تمثل صفوة المنتج التشكيلي العربي لهذا العام، كما شهدت الفعالية عقد منصة حوار تضمّنت نقاشات بغية توحيد الجهود للارتقاء بالحركة الفنية في العالم العربي ومدّ جسور التعاون بين المبدعين والأفراد المعنيين بالممارسات الفنية والمؤسسات الفاعلة، كما شهد المعرض إقامة عدة ندوات من بينها ندوة جامعي الأعمال الفنية العربية، وندوة أين التمويل في رعاية الفن العربي؟ وندوة أخرى ناقشت وظيفة الغاليري والصالات الخاصة بالعروض التشكيلية، وندوة حول صناعة الإرث وإدارة الممتلكات لتناقش ما تمثله القاهرة وبعض العواصم العربية من مراكز ثقافية وموطن لأهم النحاتين والمصوّرين العرب والذين تركوا أرشيفاً فنياً ثرياً، وكيفية إدارة تلك الأعمال باحترافية عالية.

مشاركات هذا المعرض محصورة برجال الأعمال والمقتنين وأصحاب الصالات الخاصة الذين تؤهلهم مجموعاتهم الفنية التي يملكونها للمشاركة، إضافة إلى مجموعة اللوحات التي ينتجها الفنانون العاملون في تلك الصالات بصيغة العقود أو التعاون الطويل الأمد أو الاحتكار، وتعدّ مثل هذه الحالات جديدة على مستوى سوق الفن التشكيلي في العالم العربي، وقد شاركت في هذا المعرض جهات من سورية والسعودية والإمارات العربية المتحدة ولبنان، إضافة إلى مصر البلد المُضيف. ومن المتوقع أن تدخل بعض الأعمال سوق المزادات العالمية، حيث حضر من جانب آخر عدد كبير من مقتني وجامعي الأعمال الفنية من العالم.

المشاركة السورية كانت من قبل إدارة غاليري كامل التي قدّمت مجموعة من أعمال الفنانين السوريين: إدوار شهدا، غسان نعنع، باسم دحدوح، سعد يكن، أكسم طلاع، سمير الصفدي، خالد نجاد، رولا أبو صالح، وقد شهد الجناح الخاص بأعمال السوريين تعاطفاً وإقبالاً كبيرين لما تحمله هذه التجارب من جدية في البحث الجمالي، وبما تحمل من خصوصية في جوانب الهوية السورية الحضارية والراهن السوري المعاش إصراراً على تقديم وجه سورية المبدع والمدافع عن الحياة.

تميّزت هذه الدورة بحوارات عمل جدية بين الأطراف المشاركة حول فتح أبواب أوسع للاستثمار في الفن التشكيلي، والمطالبة بتكريس الفن كأحد منافذ الترويج الثقافي والاستثمار الاقتصادي المضمون الربح كمشروع ثقافي من جهة ومالي من جهة أخرى، كما اعترفت هذه الأطراف بدورها الرافد لوظيفة المؤسّسات الثقافية الوطنية في سبيل رفع السوية الجمالية وقيم التذوق في المجتمع، ودعم سياساتها الثقافية كأحد الأطراف المنتجة والداعمة للثقافة الوطنية ضمن الثقافة العربية الجامعة، وصولاً لكسب الموقع الذي تستحقه الفنون التشكيلية العربية في المشهد العالمي، خاصة وأن هذه المنطقة من العالم تعدّ من أخصب الثقافات العالمية وأرفعها رسالة بين الأمم.

هي دعوة لتولي بعض الحكومات العربية دورها الحقيقي في رعاية الفنان ودعم المنتج الثقافي عموماً، والحفاظ على مكتسباتها الثقافية في مواجهة عولمة تتصف بالإلغاء، وكسر الحدود والهويات الوطنية واستخدام أدوات لا تمتّ للإنسانية والرقي البشري بصلة، مثل افتعال الحروب والعدوان وطمس الهوية واستنزاف ثروات الشعوب بشرعية الهيمنة والقوة.