اقتصادصحيفة البعث

لنتفاءل رغم الوجع!

قسيم دحدل

على الرغم من العلاقة الجدلية بين السياسة والاقتصاد والتأثير الكبير لكلّ منهما في الآخر، لأنهما – كما يقال – وجهان لعملة واحدة، ثمّة أمر محفز للتفكير في زيارة السيد الرئيس بشار الأسد لسلطنة عُمان الشقيقة، تمثل بوجود وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ضمن الوفد المرافق لسيادته، خاصة وأن الزيارة عُنونت بـ “زيارة عمل”، ما يعني أن هناك حيزاً اقتصادياً مهماً في مجمل المساحة السياسية الواسعة التي تنبئ بالكثير من المفاجآت السارة في إطار العمل العربي المشترك في القادمات من الأيام والمراحل.

وجود وزير الاقتصاد، وإن لم تكن هناك نتائج معلنة مباشرة لمشاركته ضمن الوفد، يحمل بحدّ ذاته العديد من الرسائل ويطرح في الآن معاً العديد من التساؤلات الاقتصادية التي نأمل ألّا تتأخر الإجابات عليها.

ولا شكّ أن تلك الرسائل والتساؤلات تنبع من الموقع والدور المحوريين المهمّين تاريخياً، سياسياً وتجارياً وحضارياً، لسورية، باعتبارها المفتاح الأكبر والأكثر تأثيراً وتأثراً ما بين الغرب والشرق والشمال والجنوب، وهذا ما يجعلها ختم النجاح في أي مشاريع اقتصادية كبرى على المستوى القطري والدولي.

إن إعادة الحسابات في العلاقة مع سورية بصيغها الإيجابية، والتي كانت تتمّ حتى ما قبل نكبة الزلزال، وظهرت بصورها العملية الأكثر وضوحاً بعده، لم يكن للكارثة كلّ الأثر فيها، وإن سرعت وساعدت في الكسر الجزئي للحصار والعقوبات، لكن السبب الرئيسي يرجع إلى أن المنطقة لا يمكن لها النهوض والتطور والانتعاش إلّا بالعودة السورية الفاعلة والقادرة. ولو رجعنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أهمية موقع سورية في مشاريع الربط الكهربائي الأوربي – العربي، بشقيه الأفريقي والآسيوي، ومشاريع خطوط نقل الطاقة (الغاز، الطاقة النظيفة التي يستميت الغرب عليها، والتي عنونت أوربا بها مستقبلها الاقتصادي)، لأدركنا أن التغيرات والتحولات في المواقف لم تكن إنسانية فقط، رغم عدم نكران وجود هذه القيمة الأخلاقية.

وفي لغة المصالح التي تحكم وتتحكم بعلاقات الدول بعضها ببعض، يتجلّى لكلّ قارئ محلل أن الاستقرار والتطور والنمو الاقتصادي والتوسع الاستثماري والتوظيف الرأسمالي، لا يمكن للعالم التنعم به إلا بالانفتاح على صدر المتوسط سورية، وقد أثبتت العقوبات على سورية أنها عقوبات للعديد من الدول، ولو تأثرنا بها بنسب أكبر.

وبكلمة ليست أخيرة، نرى أن سورية التي تسير بدرب الآلام، حالياً، مقبلة، عاجلاً وليس آجلاً، على لعب دور لا نبالغ إذا قلنا سيغيّر الكثير من المعادلات الإقليمية والدولية، وبالشكل والمضمون اللذين يؤديان إلى الاستقرار على الأقل في المنطقة العربية.. فلنتفاءل رغم الوجع.

Qassim1965@gmail.com